1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الذكرى 52 لاستعادة رفات القديس سابا المتقدس إلى دير اللافرا المقدس 26 -10-2017

أقام القديس سابا متوحداً عند مجرى السيل المنحدر إلى سلوام خمس سنوات مناجياً ربه ومطهراً عين فكره معايناً مجد الرب بوجهٍ مكشوف كما في مرآةٍ (2كور 3: 18) متقرباً إلى الله بصلاته المتواصلة هازماً كل الأرواح الخبيثة.

هذا ما يقوله كاتب سيرة أبينا البار سابا الراهب كيرللس البيساني (سكيثوبوليتس)

أيها الآباء الأجلاء والإخوة المحبوبون في المسيح،

أيها المسيحيون الزوار الأتقياء،

نشكر الرب إلهنا الذي أهّلنا لأن نزور ” بَيْتِ الرَّبِّ المقَدّسْ” (مزمور 26: 4) الذي أنشأه وأسسه أبينا البار سابا هنا في هذا المكان عند مجرى السَّيْلُ حيث نسك وتوحد ههنا.

تبتهج وتفرح كنيسة آوروشليم المقدسة في هذا اليوم معيّدةً للذكرى الثانية والخمسون (52) لاستعادة جثمان أبينا البار القديس سابا غير البالي في هذا المكان والموضع المقدس حيث كان متواجداً وناسكاً فيه بهدوء مناجياً الله لِكَيْ ينْظُرَ جَمَال الرَّبِّ (مزمور 26: 4).

وقد نجح أبينا البار سابا في معاينة بهاء الله وذلك “لأنّه طهّرَ عين فكرهِ”.

في هذا المكان المقفر في هذه الصحراء، فتذوق البار سابا ثمار الاتحاد بالله، الذي أحبهُ من كل نفسه ومن كل فكره لهذا فقد لهجَ مع النبي داود قائلاً: عَرِّفتُنِي طُرقَ الْحَيَاةِ. تملأني فرحاً أمامَ وجهكَ. عن يَمِينِكَ نِعَيمٌ إِلَى الأبد(مز15: 11).

وبتوضيح أكثر أي أن الرب قد عرّفني طرق الحياة المغبوطة، لهذا فستملأني وتشبعني فرحاً عندما أرى وجهك لأنني سأحتمي تحت ظل يمينك يا رب وأتلذذ بنعيمك وبفرحك هنا وفي الحياة الأخرى.

والدليل القاطع والشهادة الصادقة الحية والملموسة بأن أبينا البار سابا قد حققّ ووصل في حياته على الأرض لمعاينة مجد الله الذي لا يُسبر غوره ألا وهو جسده

أي رفاته المقدسة غير المنحلة والغير البالية موضوعةً أمام أعيننا في النعش، وإن أردتم برهاناً آخر على صحة ما سبق فإنه على مر العصور والأيام والدهور لم ينقطع قط القداس الإلهي في لافرا أبينا البار سابا المتقدس من جهةٍ ومن الجهة الأخرى لم ينقطع حضور الرهبان والمصليين والمتنسكين فيه على الدوام.

في عصرنا الحالي أيها الإخوة الأحبة حيث للأسف أصبح الناس يعبدون الخليقة دون الخالق ويسود العالم روح المادة والضلال أي المسيح الدجال كما سبق وأنبأ لنا القديس يوحنا الإنجيلي:” هذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ…. نَحْنُ مِنَ اللهِ. فَمَنْ يَعْرِفُ اللهَ يَسْمَعُ لَنَا، وَمَنْ لَيْسَ مِنَ اللهِ لاَ يَسْمَعُ لَنَا. مِنْ هذَا نَعْرِفُ رُوحَ الْحَقِّ وَرُوحَ الضَّلاَلِ (1 يوحنا 4: 3، 6)

إن هذه اللافرا المقدسة المحفوظ بها جسد القديس سابا المحبوب هو اليوم بمثابةِ منارةٍ مضيئة لنا تقودنا إلى الخلاص، الميناء الآمن أي إلى كنيسة المسيح المقدسة.

ونقول هذا لأن أبينا البار القديس سابا يدعونا دوماً نحن المؤمنين والمعترفين بأن يسوع المسيح قد جاء في الجسد (1يو 4: 2 ) فلنطهر إذن “عيون أفكارنا” وذلك من خلال الصلاة المستمرة والتقرب إلى الله، إن أردنا حقاً أن نكون مسيحيين وأعضاءً فعالين في الكنيسة التي هي جسد المسيح السري.

كل عام وأنتم بألف خير