1

الإحتفال بعيد رقاد والدة الإله في البطريركية الأورشليمية

إحتفلت البطريركية الأورشليمية والكنائس الاورثوذكسية في الأراضي المقدسة صباح يوم الثلاثاء الموافق 28 آب 2018 (15 آب شرقي) بعيد رقاد الكلية القداسة والدة الإله والدائمة البتولية مريم العذراء.

من دير الجسثمانية حيث يوجد قبر السيدة العذراء المقدس أقيمت خدمة القداس الإلهي الذي يترأسه كما في كل عام غبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه السادة المطارنة من المتروبوليتيين ورؤساء الأساقفة  وآباء ورهبان أخوية القبر المقدس وممثلين عن الكنائس الأورثوذكسية الأخرى.ورتلت  التراتيل الخاصة وطوروبارية العيد “في ميلادك حفظت البتولية وصنتها، وفي رقادكِ ما أهملت العالم وتركته يا والدة الإله، فإنك انتقلت الى الحياة يا ام الحياة فبشفاعتك أنقذي من الموت نفوسنا”  بالعربية واليونانية على مسامع جميع الحاضرين والمشاركين بهذا القداس الاحتفالي.

وحضر القداس الالهي  القنصل العام لليونان في القدس السيد خريستوس سفيانوبولوس وعدد كبير من المصلين  المؤمنين المحليين والزوار الحجاج القادمين من اليونان وروسيا ورومانيا وقبرص وبلدان أخرى. وفي أجواءٍ ساد فيها الخشوع والصلاة، نالوا نعمة القربان المقدس بعد صيام العذراء الذي استمر نحو أسبوعين.

ثم تلى غبطة البطريرك العظة الروحية عن واقعة الرقاد وفضائل سيدتنا ووالدتنا مريم العذراء التي اختيرت من بين جميع النساء لتكون والدةً للإله ومخلص الشعوب والتي دائماً نرجو أن تكون شفاعتها معنا جميعاً. 

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رقاد والدة الإله العذراء مريم  28-8-2018

أيتها البتول الكلية القداسة، التي لم تعرف زواجاً، إن السماوات تبتهجُ في رقادك المجيد، وأجناد الملائكة يسرُّون، والأرض تفرحُ بأسرِها مُرتلةً لك تسبيحةَ الوداع الرثائية، يا أمّ سيْد الكل، المنقذةَ الجنس البشري، من القضاء المُبرَم على الجدَّيْن.  هذا ما يصرّحِ بهِ مرنم الكنيسة،

أيها الإخوة الأحباء

أيها المؤمنون، والزوار الحسني العبادة

اليوم كَنِيسَةُ الأَبْكَار المَكْتُوبة أسماؤهم فِي السَّمَاوَاتِ (عبر 12: 23) تبتهجُ وتفرحُ معَ الكنيسةِ التي على الأرض في التذكار الشريف لعيدِ انتقالِ الفائقة البركات سيدتنا والدة الإله مريم. لهذا فإننا بفرحٍ نَهتِفُ ونقول مع الملاك جبرائيل: افرحي أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ (لو1: 28) افرحي يا مركبة اللاهوت بجملته، افرحي يا من بولادتك وحدك قَرَنتِ الأرضيينَ مع العلويين. افرحي يا من هيَ بعدَ الولادةِ بتولٌ، وبعدَ الموتِ حيَّة، يا والدة الإله أنت تخلِّصين ميراثك دائماً.

 

يقول المرنِمُ:” يا والدة الإله، إنّ الذي حلَّ في مستودعك الطاهر (أي الإله الكلمة)، بحالٍ مستغربةٍ متجسّداً، وهو (أي المسيح) قد تقبَّل روحك الكليّة القداسة، وأراحها في نفسهِ كابنٍ بارٍّ، فلذلك نسبّحكِ أيتها البتول، ونزيدك رفعةً، على مدى الدهور.

حقاً إن الفائقة القداسة والدة الإله هي “بعد الموت حيَّة” وذلكَ لأنَّ موتها الطبيعي قد صار موتاً جالباً وحاملاً للحياة فقد أدخلها هذا الموت إلى مجدِ حياةِ ابنها الوحيد ربنا وإلهنا يسوع المسيح.

ويفسر القديس قوزماس مرتل الكنيسة هذا الحدث العجائبي إذ يقول: لقد خُرِقت فيكِ نواميس الطبيعة يا والدة الإله، أي أن حدود الطبيعة قد غلبت في شخصك أيتها العذراء الطاهرة.

وبكلام آخر إن الموت الطبيعي لوالدة الإله الدائمة البتولية مريم لم يستطع ولم يقوَ على إلحاق الفساد والانحلال في جسدها القابل الإله بل أصبح موتها كما يقول قوزماس ناظم التسابيح مرقاةً للحياة السرمدية الفضلى.

وبحسب القديس يوحنا الدمشقي فإنه من حقِ تلكَ التي استضافت واقتبلت في بطنها كلمة لله أن تسكن في المظال والمساكن الإلهية، فكان يجب على تلك التي حفظت بتوليتها سالمة عند الولادة أن يبقى جسدها بلا فساد بعد الموت.

وفي هذه الوقت والزمن المبارك الذي نقدم فيه الشكر والعبادة بقرب قبر أم الإله البهيّ فإنه يدعونا جميعنا بإيمانٍ ثابتٍ غير متزعزعٍ أن نتقدم ونغرف المواهب الإلهية من نبع الفرح والسرور أي الفائقة القداسة والدة الإله التي اقتبلت في أحشاءها “الينبوع الذي لا ينقطع جريانه” بحسب القديس يوحنا الدمشقي.

ويحثنا النبي إشعياء قائلاً أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا هَلُمُّوا إِلَى الْمِيَاهِ، وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ تَعَالَوْا اشْتَرُوا وَكُلُوا. هَلُمُّوا اشْتَرُوا بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ (إش 55: 1) فها نحن أيها الإخوة الأحبة في مكان الجسمانية المقدس حيث يدعونا قبر أم الإله عبر فم القديس يوحنا الدمشقي قائلاً: ها أنا أصرخ إليكم واخاطبكم من أقوال الإنجيل و أقول: اقتربوا أيها العطاش إلى الشفاء من الأمراض، و إلى العتق من أهواء النفس إلى الميناء في العاصفة، إلى الغفران للخطأة، والتشجيع العطوف للمبتلين والعون السريع لجميع الذين في النوائب، إلى الراحة في ملكوت السماوات فليقبل إليّ (إلى قبر أم الإله)من يريد أن يغترف و يشرب من ماء النعمة القوي و الفعّال  للكثير.

هلمّوا نلتئمُ يا جميع المؤمنين القريبين والبعيدين كي نتضرعُ إلى الفائقة البركات المجيدة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم ومع المرنم نهتف ونقول:

يا أمّ الإله الحيّ، تقبَّلي منّا ترنيمة الوداع الرثائيَّة، وظلّلينا بنعمتك الإلهيّة الباعثة الضياء، مانحةً الظفر للملك، وسلاماً للشعب المحبّ المسيح، ولنا نحن المرتّلين، الغفران وخلاص النفوس. آمين

وكلُّ عامٍ وأنتم بألف خير

 

بعد انتهاء صلاة عيد الرقاد، استضاف الرئيس الروحي لدير الجسمانية ورئيس أساقفة أبيلا كيريوس ذوروثيوس في قاعة الدير غبطة البطريرك  مع السادة المطارنة والآباء من أخوية القبر المقدس  وجموع المصلين، حيث تبادل الجميع المعايدات وأخذ المؤمنون فرصة نيل بركة غبطة البطريرك في هذا اليوم العظيم.

مكتب السكرتارية العام