1

الأواني المقدسة

إن البطريركيات التابعه للكنائس الشرقية وخاصة البطريركية الاورثوذكسية الاورشليمية احتوت دائما على مخازن للاواني المقدسه التي تستعمل لخزن وحماية العديد من التحف والاواني المقدسة، الملابس الاسقفية المقدسة، اغراض كنسية، غلافات للمخطوطات التي كانت تحتوي على سرية معينة، ايقونات محمولة والعديد من تحف ذات قيمه تاريخيه عاليه. لهذا السبب مخزن الاواني المقدسه كان يدعى مخزن التحف التاريخية وكان ينقسم الى قسمين: قسم يحتوي على الاواني المقدسة والقسم الاخر على اواني الكنيسة المستعملة اثناء القداس الالهي.

في البدايه كانت الاواني المقدسه والملابس الاسقفيه المطرزه بالذهب تخزن داخل الغرفة الصغيرة بجانب الهيكل (غرفة خدام القداس) وفي الغرفتين الجانبتين عن  يمين ويسار الهيكل.

 
تملك البطريركية الاورشليمية  أقدم وأهم مخزن للاواني بين الكنائس الاورثوذكسيه. عندما انشأت القديسه هيلانه الكنيسه الاولى للقيامه، اعتنت بان يخصص مكان خاص لخزن وحماية التقديمات المقدسه، في هذا المكان كانت توضع أيضاً نذوراً ثمينةً قُدمت من قبل الأباطرة،  وخُصص ايضاً مكاناً صغيراً  تحت اشراف القديسة هيلانه مصنوع من الذهب والفضه والذي احتوى على قطعة ثمينة من الصليب المقدس، هذا المكان هو عبارة عن صندوق حيث وضع في حجرة خاصة على يسار مدخل الكنيسه.

 
وفيما بعد  أُضيفت الى مخزن الاواني المقدس العديد من التقديمات، مثل تلك التي قُدمت من ملكة البيزنطيين ايفذوكيه وزوجها الملك ثيوذوسيوس، الذي بدوره  قدم صليباً مصنوعاً من الذهب والحجاره الكريمه لكي يغرزوه في الجلجله. وايضا قدمت ثيوذورا ملكة البيزانطيين صليبها المصنوع من اللؤلؤ، كما وبعث الامبراطور البيزنطي يوستيانوس العديد من التحف التاريخية الثمينة، مثل الكأس المصنوعة من الحجارة الكريمة، والاواني الذهبية التابعة لهيكل سليمان. كل هذه التحف التاريخية الثمينة سُلبت عام ٦١٤ في فترة الاستيلاء الفارسي على القدس عندما حرقت ودمرت كنيسة القيامة.

بعدما ارجعت الاراضي المقدسة من قبل ايراكليوس رجعت العديد من هذه التحف المسروقة الى مخزن الاواني المقدس التابع للقبر المقدس، الذي بدأ  يمتلئ من جديد من التقديمات، وفي فتره زمنية قصيرة امتلئ مخزن الاواني بالعديد من التقديمات اذ اصبح واحداً من اهم مخازن الاواني المقدسة في الامبراطوريه البيزنطيه. لكن عدداً كبيراً من هذه التحف  لم يُنقذ وذلك لانه دُمّرَ من الحرائق المستمرة التي حصلت في كنيسة القيامة، ومن أعمال السلب والنهب، وهنالك العديد من التحف قد بيعت في الفترات الصعبة التي مرت بها البطريركيه, وتم  ايضاً إهداء بعضاً منها  الى شخصيات مهمة. هنالك مصادر تُأكد ان البطريرك كيريليوس قد إتهم بانه اخذ وباع اللباس المقدس لمكاريوس لحاجات ماسة، هذا اللباس كان هديه من الملك قسطنطين الكبير، وان البطريرك ثيوذوسيوس ارسل الى بطريرك القسطنطينيه ايغناطيوس لباس يعقوب اخ الرب المقدس، وتحف تاريخيه من كنيسة القيامة وجرة فضية منحوت عليها ايقونة لتستعمل للبركة.

في عام ١٠٠٩عندما دُمرت كنيسة القيامه من قبل الخليفة الحاكم بأمر الله، نهب جنوده الملابس الاسقفية المقدسة والاواني الذهبية والفضية التي كانت مخزونة آنذاك في مخزن الاواني المقدسه التابع لكنيسة القيامه. وكذلك الامر عندما طُرد اللاتين عام ١١٨٧ من قبل صلاح الدين اذ اخذوا معهم كل التقديمات المقدسة التي كانت موجودة في كنيسة القيامة، كما وجرّد بطريرك اللاتين من القبر المقدس وفي الاديرة الاخرى كل الذهب والفضة  والتحف التاريخية والزينة. اخيراً عندما حاول المماليك ان يحتلوا كنيسة القيامة لكي يحولوها الى جامع اضطر البطريرك يواكيم ان “يشتريهم” مقدما لهم ٦٥٠٠ عملة ذهبيه (من مدينة البندقية)  والعديد من التحف التاريخيه التي كانت في مخزن الاواني التابع للقبر المقدس.

إن الفترة التي جاءت بعد الفترة البيزنطية كانت فترةً حسنةً لمخزن الاواني المقدسة اذ قُدمت العديد من الهدايا والتقديمات والتحف التاريخية الثمينة من قِبل رعية أخوية القبر المقدس،من بطاركة، رؤساء اساقفة، رؤساء الاواني المقدسة، ورهبان متوحودين، قياصرة روسيا، رؤساء الدويلات التي كانت قائمه على نهر الدانوب وأيضاً من قِبل الزوار المؤمنين المشهورين وغير المشهورين. لقد بعث القيصر يوانس عام ١٥٥٩ مساعدات اقتصاديه (١٠٠٠ عمله ذهبيه) وثروه ثمينه للبطريرك. كما وبعث بورس غوذونوف عام ١٥٩٣  قبل ان يصبح قيصراً الى القبر المقدس كاساً كرستالية، مزينة بحجارة كريمة ثمينة جداً، وثلاثة لجان ذهبية ومبخره ذهبية. وعندما اصبح قيصراً بعث عام ١٦٠٤ انجيلاً يونانياً مزيناً بحجارة كريمة ثمينة جداً ومن اللؤلؤ كتقديرٍ للهدايا العديدة التي اهداها البطريرك صوفرونيوس،  هذا الانجيل موجود حتى يومنا هذا في مخزن الاواني المقدسه. وفي عام ١٦٠٦ عندما وجد البطريرك مرة اخرى  في مأزق اقتصادي، بعت القيصر ثيوذوروس للبطريرك صوفرونيوس ٩٨٠ عملة روسية لدعم الاديرة المقدسة، وطلب منه ان يضع قنديلين  يتم إضاءتهما بشكل دائم واحد داخل القبر المقدس وواحد في الجلجله. في عام ١٦٢٢ عندما هجر المتوحدون الصرب دير مار سابا بسبب الديون الهائله أُجبر البطريرك ثيوفانس ان يبيع بعض التحف الثمينه وتاجه الاسقفي الى مصر من اجل ارجاع هذه اللافره المقدسه المشهوره الى املاك البطريركيه، لكن لحسن الحظ وجد بالصدفه الاورثوذكسي سيد الله الذي اشتراها من جديد واعادها الى البطريرك ثيوفانس.

مساعدة كبيرة قُدمت للقبر المقدس عام ١٦٣٤ من قبل الضابط التقي باسيليوس،  وهدايا كثيرة في سنة ١٩٤٣ من القيصر ميخائيل, وآخر بعثه للبطريرك ثيوفانس الى روسيا ارسل القيصر مع الارشمندريت انتيموس ١٠ ايقونات كبيرة للمخلص، لوالدة الاله ولقديسين آخرين، تاج اسقفي ثمين جدا، ٨٨٠ عمله روسيه وهدايا ثمينة جدا. كما وارسل من قبل القيصر اليكسيوس وزوجته عام ١٦٥٢ ايقونات، اواني كنسية، وملابس اسقفية مقدسة. وفي مخزن الاواني المقدسه يخزن تاج اسقفي ذهبي للبطريرك بايسيوس الذي صنع عام ١٦٥٧.

أبدى البطريرك نيكتاريوس إهتماماً شديداً لتنظيم مخزن الاواني المقدسة عندما عرف ان عظام القديسين كانت موزعة بين آباء أخويه القبر المقدس، والذين كانوا يستعملونها للبركة. عندها قرر ان يضعها في صناديق صغيرة مصنوعة من الكرستال، وربطِها من الخارج بواسطة رباط مصنوع من الفضه وكتابة إسم القديس من الخارج ، وبعدها رتب البطريرك نيكتاريوس التحف التاريخية الثمينة والمقدسة ووضعها في مخازن، وفي أحد هذه المخازن وَضَع صليباً  طويلاً مصنوعاً من الذهب والفضة الذي صنع في ياسيو (بلده في رومانيا)، كما وجمع بعض قطع الصليب المقدس وربطها برباط مصنوع من الذهب ومن الحجارة ثمينة.
من الجدير بالذكر ايضاً محاولة البطريرك ذوسيثيوس عندما زود كنيسة القيامه بملابس اسقفيه ثمينة جداً وذلك عندما وصل الى اورشليم عام ١٦٧١ وبحوزته أربعون قنديل فضي، واحد ذهبي ومبخره ذهبيه. لكن للاسف الشديد وبالرغم من هذا في عام ١٦٨٥ رُهنت الاواني المقدسه بسبب ديون عديدة تراكمت على اخوية القبر القدس بسبب الضغوطات الاقتصاديه.

في القرن الثامن عشر قُدمت العديد من التحف الثمينة من قبل آباء اخوية القبر المقدس، ورؤساء الأديره ومن قبل الزوار المؤمنين. لكن خلال الحريق الكبير التي حصل في كنيسة القيامه عام ١٨٠٨ من قبل الارمن, حُرقت كل الملابس الاسقفيه ودُمرت الاواني المقدسة، ولكن لحسن الحظ  تم إنقاذ المخزن الكبير مع كل الاواني المقدسة  والتحف ذات القيمة العالية وعظام القديسين. بالرغم من هذا، في فترة    ١٨١٩ – ١٨٢٥  عانت أخوية القبر المقدس  معاناة شديدة من قبل المماليك،حيث أُجبرت أخوية القبر المقدس على الانحلال وعندها اختفت العديد من الاواني المصنوعة من الذهب والفضة التابعة لكنيسة القيامة ولأديرة أخرى. منذ ذلك الوقت ومخزن الاواني المقدسه يمتلئ باستمرار بتقديمات  وتحف تاريخية ثمينة من الزوار من كل أنحاء العالم كتعبيراً عن إيمانهم وحبهم للاراضي والأماكن المقدسة.        
إن العناية والحفاظ على التحف المقدسه هي وظيفة رئيس الاواني المقدسه فقط الذي يحفظ الاواني المقدسه وكل شي ذُكِر. هذه الوظيفه تعتبر مركز هام في الهرم البطريركي اذ يعطى هذا الوسام بعدة طرق وفي أديره كثيرة أهمها في كنيسة القيامة أي في القبر المقدس.
إن الحفاظ على كل التحف المقدسة الموجودة في مخزن الاواني المقدس التابع للقبر المقدس ليس هو الا ثمرة سنوات عديدة ومحاولات قاسيه لكل البطاركه الُمطوب تذكارهم،  ولرؤساء الاواني المقدسه ولكل أخوية القبر المقدس.

قائمة رئساء مخازن الاواني المقدس
برافليوس ٣٣٦ بورفيريوس ١٥١١
بورفيريس ٣٩٤ بوليكاربس ١٥٤٠
اناستاسيوس ٤٦١ ساباس ١٥٧٥
كوزماس ٤٧٦ اندونيوس ١٥٧٧
خريسيبوس ٤٧٩ كوزماس ١٥٩٨
كيريكوس ٤٩١ كيرياكوس ١٦٣٠
يوانيس الثالث ٥١٣-٥٢٤ ثيوذوسيوس ١٦٥٥
ازاريلس ٥٧٨-٦٠٢ ثيوكتستوس ١٦٦٨
اناستاسيوس ٦٠٢-٦٣٢ زاكخيوس ١٦٧٧
ذوروثيوس ٦٣٢-٦٣٤ يواكيم, متوحد ١٧١٤
اغاثياس ١٠٥٠ ذافيذ ١٧٢٩
يوسيف ١١١٨ سوفرنيوس ١٧٥٥
جورجيوس ١١٢٢ كوزماس ١٨٢٦
نيكوذيموس ١١٤٠ ابراميوس ١٨٢٧-١٨٤٠
اناستاسيوس ١١٨٥ امفروسيوس ١٨٤٨-١٨٥٨
انديخوس ١٢٠٨ سيرافيم ١٨٥٨-١٨٩٥
ايفستاثيوس ١٢٤٠ ايفثيميوس ١٨٩٥-١٩١٧
ايلاريون ١٢٥١ يراسيموس ١٩١٧-١٩٢٧
يفثيميوس ١٢٨١ كيرياكوس ١٩٢٧-١٩٦٠
يوانس ١٣٢٠ غيرمانوس ١٩٦٠-١٩٦٥
ليونديوس ١٣٣٢ ذانييل ١٩٦٥-١٩٨١
يوناس ١٣٦٠ كيرياكوس ١٩٨١-١٩٨٥
سيميون ١٣٩٩ نيكيفوروس ١٩٨٥-١٩٨٨
يسيلس ١٤٣٥ ذانييل الثاني ١٩٨٨-٢٠٠١
فيلثيوس ١٤٦٠ ثيفيلاكتوس ٢٠٠١-٢٠٠٢
يفراييم ١٤٨٢ ثيوفيلوس ٢٠٠٢-٢٠٠٥