1

الأماكن المقدسة داخل أورشليم (ب)

                       

دير صهيون المقدسة  

خلال السنوات الأولى من ظهور الديانة المسيحية أعطيَت التلة الجنوبية (الموجودة في أورشليم) هوية صهيون التي ذكرت في العهد القديم. على هذه التلة بُنيت مدرسة البطريركية التابعة للبطريركية الاورثوذكسية أورشليم.

المصطلح صهيون في العهد القديم كان يعني: مملكة يهودا، دولة إسرائيل، شعب إسرائيل، وفوق هذا كله أورشليم الروحانيه، التي منها كما ذكر النبي ميخيوس “سوف يأتي تعاليم وقانون الإله” إن صهيون الجديدة هي كنيسة أورشليم في نظر المسيحيين،  وبطريركية أورشليم فهي تدعى ايضًا كنيسة صهيون المقدسة أو الكنيسة الصهيونية.

إن هذا التفسير اللاهوتي كان العامل الأساسي لإعطاء صهيون المقدسة الهوية الخاصة بها من قبل المسيحيين الأوائل. فقد ذكرت التقاليد المسيحية أن فوق صهيون حدث: العشاء السري، محاكمة السيد المسيح أمام الكهنة حنّان وقيافا، ظهور السيد المسيح أمام توما والاثنى عشر رسولا بعد القيامة، حلول الروح القدس على التلاميذ، وتأسيس الكنيسة المسيحية الأولى.

خلال القرن الخامس والسادس نُتسبت صهيون إلى أحداث أخرى مثل: رقاد العذراء، دفن القديس يعقوب أخو الرب، إنكار بطرس ودفن الملك داود. أهم مزار من مزارات صهيون هو علية صهيون وهو مبنى  مكون من طبقتين  وفيه تم حدث العشاء السري وحلول الروح القدس.

في القرن الرابع ضم مكان العلية إلى كنيسة ملكية كبيرة سُميت ” كنيسة صهيون “المقدسة.

في عام 614 هدم الفرس كنيسة صهيون والعلية. وأعيد بناؤها بعد عدة سنوات على يد البطريرك موذيستوس إلا أن العرب هدموها مرة أخرى. بعد طرد الصليبيين من أورشليم استولى المسلمون على العلية زمنا طويلا إذ استعملت كجامعٍ.

دير القديسة كاترينا

بُني هذا الدير في زمن بناء الأديرة الأولية في المدينة المقدسة أورشليم, وأول تقرير عن هذا الدير ذُكر في فرمان السلطان العثماني سليمان الذي قدّمه للبطريرك الأورشليمي جيرمانوس سنة 1538.

حسب المؤرخ سوخانوف 1653 عاش في هذا الدير أُناس من العلمانيين في البداية, وفي سنة 1795 بنى البطريرك أنثيموس كنيسة الدير, ويُذكر أيضاً أنه في زمن البطريرك ذوسيثيوس كان الدير أحد الأديرة النسائية التابعة للبطريركية. سنة 1836 تم ترميم الكنيسة  زمن نيوفيتوس القبرصي, بينما تدريجياً تحول الدير الى مسكن للعلمانيين وبقيت الكنيسة فقط للرهبان.

الكنيسة عبارة عن معبد حجري مع قرميد والأيقونيسطاس مصنوع من خشب قديم ومرسوم بالإيقونات بطريقة فنية جميلة على الطراز الروسي. تشبه هذه الكنيسة في بنائها كنيسة دير القديس جوارجيوس في الحارة اليهودية.

دير القديس جوارجيوس (الحارة اليهودية)

هذا الدير التاريخي موجود في الحارة اليهودية  في المدينة المقدسة أورشليم, ويعود بناء الكنيسة الدير للقرن الثامن عشر ميلادي. الدير مبني على قبو يُرجّح أنه كان في الماضي دار للعجزة, واليوم بسبب الرطوبة العالية في الأرض فهي مهجورة.

في كتابات قديمة يُذكر الدير بإسم «Aqabet el-Khaber» اما في الفترة الصليبية سنة 1150 فكان يُسمى  «Ιnfunda S. Georgii».

الكنيسة عبارة عن بناء حجري مستطيل مساحتها 180 متر مربع, والأيقونيسطاس مصنوع من خشب قديم ومرسوم بالإيقونات بطريقة فنية جميلة على الطراز الروسي. الكنيسة من الداخل تشبه البناء الكلاسيكي الحديث مع أعمدة حجرية تتصل مع بعضها البعض لتكوّن أقواساً مرسومة بطريقة الرسم بالماء. أرضية الكنيسة من المرمر, أما في التصيم الكلي للكنيسة تلتصق أنمطة هندسية شمسية بسيطة التي تُشكل تفاصيل بناء الكنائس في تلك الفترة في فلسطين.

دير القديس أونوفريوس

في جوار البلدة القديمة جنوبي بركة سلوام يقع دير القديس أونوفريوس المبني على الحقل الذي يدعى بالحقل الفخاري أو بحقل الدم والذي كما هو مذكور في الأناجيل المقدسة تم شراؤه بثمن الثلاثين من الفضة التي أستلمها وأرجعها يهوذا الأسخريوطي فيما بعد لرؤساء الكهنة اليهود عندما سلموا السيد المسيح للصلب.

الدير الحالي مبني في المغارة التي فيها إختبأ الرسل التلاميذ الإثني عشر بعد صعود الرب السيد المسيح خوفاً من اليهود وبناه الراهب كيرلس على أنقاض الدير القديم أواخر القرن الماضي. يحتوي الدير على:

1) قبر النبي أليشع

2) مغارة تنسك القديس أونوفريوس, في هذا المكان خاض القدّيس أونوفوريوس, على امتداد سبعين سنة, حرباً لا هوادة فيها ضدّ الطبيعة وضعف الجسد والشياطين. كابد الحرّ اللاهب وصقيع الليل والشتاء والجوع والأمراض ليحظى بالخيرات الموعود بها من الله للذين يحبّونه.

3) قبر القديس يوفيناليوس بطريرك الكرسي الأورشليمي الرابع والأربعين (442-458)

4) سراديب تحتوي على ذخائر الشهداء الذين قتلوا خلال غزوات البربر والفرس والصليبيين.

اليوم الدير هو دير نسائي.

دير عذراء صدنايا

هو دير نسائي مُكرس لإسم السيدة العذراء وهو معروف أيضاً بدير جدة العذراء وفي العربية  “دير ستي”. داخل الدير توجد أيقونة عجائبة التي حسب التقاليد وصلت لوحدها من دمشق من سوريا. داخل الدير توجد كنيستان صغيرتان, كنيسة القديسة حنة وكنيسة جميع القديسين.

دير العذراء الكبيرة

يسمى هذا الدير أياضاً بدير “الرهبان الكبار” وبناه البطريرك الأورشليمي ايليا سنة 494-516 ميلادية  في المكان الذي حسب التقاليد وقفت فيه والدة الإله العذراء مع باقي النساء ورأت معهن إبنها وربنا يسوع المسيح معلقاً ومصلوباً على صليبه في موضع الجلجلة.

إسم “العذراء الكبيرة أو العظيمة ” جاء حسب التقاليد من حدث أن العذراء الطاهرة أم المخلص عند رؤية أبنها الوحيد مرتفعاً على الصليب صرخت بصوت عظيم صرخة ألم من أحشئها. سمي الدير أيضاً بإسم “دير الهادية”.

تسمية “الرهبان الكبار” جاء نسبة الى طغمة الرهبان التي كانت وظيفتهم خدمة المقدسات التي عاينت أحداث الصلب والقيامة أي الجلجلة والقبر المقدس في كنيسة القيامة.

بعد إنتقال الرهبان الى دير القديسَين قسطنطين وهيلانة, منح البطريرك الأورشليمي أيليا الدير للبارّة ميلاني التي قادت الدير والراهبات بحكمتها اللواتي وصل عددهن آنذاك حوالي تسعين راهبة عذراء.

وصلت البارة ميلاني الى اورشليم سنة 417, القلاية قرب كنيسة القيامة كانت موضع وحدتها وتنسكها, وهذه والقلاية موجودة في دير العذراء الكبيرة حيث موجود أيضاً قبرها في كنيسة صغيرة.

كنيسة العذراء بناها البطريرك أيليا في القرن الخامس وهي كنيسة الدير الرئيسية, وداخل الكنيسة توجد أيقونة العذراء الهادية التي رسمها القديس لوقا حسب التقاليد. أيقونة العذراء في سقف الهيكل ترجع للقرن السابع عشر.

بجانب أيقونة العذراء الهادية يوجد صندوقان, الأول هو صندوق خشبي كبير يحتوي على ذخائر القديسين يعقوب أخو الرب, يوحنا المعمدان,  خرالمبوس, إفثيميوس, إغناطيوس, إليفثيريوس, أنثيموس, وغيرهم. اما الصندوق الثاني فيحتوي على يد القديسة يوليتيا وذخائر شهيد المسيح الأمير أمير التركي الذي استشهد سنة 1549. في الدير أيضاً يوجد الإنجيل التي كتبته القديسة ميلاني بخط يدها. 

دير سمعان القابل للاله في القطمون

تلة القطمون موجودة في مدينة القدس في البلدة الجديدة, والاسم جاء من الكلمة اليونانية التي تعني “البعيد عن مركز المدينة”. يرتبط هذا المكان بموضع دفن الصدّيق سمعان الشيخ القابل للاله, وكان سمعان الشيخ رجل الله واحد من السبعين مترجماً الذين ترجموا العهد القديم الى اليونانية (تسمى بالترجمة السبعينية), وأرسل سمعان الشيخ الى الاسكندرية مع رجال آخرين بناءً على طلب بتوليميس حاكم فيلاديلفيا.  بينما كان سمعان الشيخ يترجم العهد القديم وقع نظره على آية من سفر أشعياء النبي التي تقول “ها إن العذراء تحبل وتلد إبناً ويُدعى إسمه عمانوئيل”, وهذه العبارة أرعبت الصدّيق سمعان في كيفية ترجمتها وإمتلأ قلبه بالشك في معناها, والقلى خاتمه في النهر قائلاً في نفسه أذا عثرت على الخاتم فسأومن بما كتبه النبي أشعياء. حسب التقاليد انه عندما كان في مدنية صغيرة ليبيت الليل إشترى سمكة ليأكلها من رفاقه ووجد الخاتم داخل السمكة, وهكذا فُتح عقله وقلبه عن الشك ورجع الى أورشليم وعاش هناك. عالماً ودارساً العهد القديم بقدوم المسيّا طلب من الله أن يكون مستحقاً لرؤية المسيّا (اي المسيح) قبل مماته,وسمع الرب تضرعه وقبل على ذراعيه المسيح المخلص عند دخوله الى الهيكل مع السيدة العذراء, وقال عندها ” الآن أطلق عبدك ست سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك..” (لوقا الاصحاح الثاني) ورقد بالرب وقد ناهز ال 270 عاماً. رفاته وذخائرة المقدسة الى الكنيسة التي بناها الامبراطور يوستنيانوس في القسطنطينية إكراماً للقديس يعقوب أخو الرب.

حسب التقليد بيت سمعان الشيخ كان موجوداً فوق التلة المبني حالياً فوقها الدير وقبور أهله وذويه كانت موجودة في الحديقة المجاورة للمنزل, حسب العادة التي كان يتبعها اليهود, الفراعنة, الفلسطينيون والسوريون في الدفن.

رهبان من جورجيا أسسوا الدير في القرن الثاني عشر على تلة القطمون إكراماً للشيخ سمعان القابل للاله, وهُدم الدير بعدها وبقي عبارة عن على الحال لقرون, حتى إشترى المكان الراهب أبراميوس. كرّس الراهب أبراميوس وتعب مدة عشرين سنة ليعيد بناء الدير والكنيسة  كذلك بنى مطبخاً ومخازن وزرع أرض الدير. سنة 1879 أوحي للراهب بأن يفحص بحذر ساحة البرج القديمة ليبحث عن قبر الصدّيق سمعان الشيخ وبالفعل عثر على عدة قبور محطمة بين الصخور, فقام بتنظيفها وفتح فتحة كبيرة كمدخلٍ. كانت القبور خارج البرج لكن لاحقاً بُنيت جدران لتضم القبور داخلها, وبُنيت أيضاً كنيسة جديدة إكراماً للقديس سمعان الشيخ.

يستطيع اليوم الزائر أن يرى المنحوتات على قبر القديس سمعان  الحجري الطبيعي داخل الكنيسة, والاحجار من البناء القديم ما زالت محفوظة حتى اليوم مع صهاريج تحت الأرض وأرضيات فسيفساء من الفترة المسيحية. توجد في الكنيسة ثلاث أيقونات واحدة منها للقديس سمعان التي تُفسر النبوءة “ها ان العذراء تحبل وتلد إبناً”, والايقونة الثانية تحكي قصة رمي القديس سمعان لخاتمه في النهر, والثالثة قصة عثور القديس سمعان على خاتم  داخل السمكة. أرضية الكنيسة مُغطاة بمرمر باللون الأحمر والأبيض وأرضية الكينسة الصغيرة حجرية ومجاورة لصخرة القبور الموجودة.