1

سيطرة العثمانيين الأتراك على الأراضي المقدسة

    

قام العثمانيون الأتراك فحلّوا محلّ مماليك مصر، وكانت أخوية القبر المقدس، بمعونة الإله، تبذل جهداً كبيراً في المحافظة على الأماكن المقدسة أمام حيل وخطط الطوائف المسيحية الأخرى، وهذه الفترة كانت فترة تطور كبير، وهي خضوع المزارات الشريفة تحت ما يسمى بالـ (ستاتيسكو).

سنوات البطريرك ذوسيثيوس ١٦٦٩-­١٧٠٧م الممجدة أنارت سنوات الظلام الماضية وشكّلت عائقاً أمام خطط وأعمال غير الأرثوذكسيين الذين استغلّوا الأحداث التاريخيّة وكادوا أن ينجحوا بطرد أخويّة القبر المقدس وتجريدها من كامل حقوقها في المزارات الشريفة. فقد منع ذوسيثيوس محاولات قامت بها فرنسا لإيقاع المزارات الشريفة في أيدي الرهبان أللآتين. وعندما توجه إلى القسطنطينية سنة ١٦٧٧م قام بإلغاء كل ما هو صادر من قبل قناصل دول النمسا، وفرنسا، وبولونيا، وفيينا. وأكّد أنها حقوق أعطيت للآتين بدون أي أساس أو قاعدة تاريخيّة، وأنها جميعها مزوّرة. وفي سنة ١٦٨٠م قام باسترجاع دير الصليب من أيدي الرهبان الجيورجيين الأرثوذكس، وكان يسعى دائماً لسدّ الديون المتراكمة عليهم والتي حاول اللاتين والأرمن دفعها، لكن الحرب التي شنّتها روسيا والدول المذكورة أعلاه ضد الدولة العثمانيّة سنة ١٦٨٨م زادت الوضع سوءاً، ومع أن الخليفة سليمان قام بإصدار فرامان لصالح الأرثوذكسيين في عام ١٦٨٨م، إلا أن خسارة تركيّا من قبل النمسا أجبرتها على إصدار فرمان آخر لصالح اللاتين في العام ١٦٨٩م، والذي كانت فحواه أن يأخذ اللاتين جميع المزارات الشريفة من أيدي اليونان لتكون لهم. وهكذا، وبهذا الفرمان، قاموا بطرد جميع رهبان أخويّة القبر المقدس من أورشليم. لكن البطريرك ذوسيثيوس أقسم أنه لن يعود الى أورشليم قبل أن يطرد أللآتين من المزارات الشريفة، وقد نجح بإصدار عدد كبير من الفرمانات لكنها لم تكن ذات أهميّة كبيرة لصالح البطريركية. لكنه لم يتمكن من رؤية ثمار جهاداته من أجل الإيمان القويم.

وقام البطريرك خريسنثوس الذي نجح في تثبيت حقّ الأرثوذكسيين وبطريركهم في إقامة شعائر النور المقدس. وفي سنة ( ١٧١٩­-١٧٢٠م ) إكتسب حقوق أخرى من أجل الأرثوذكسيين. وفي سنة ١٧٣٧م تأسست أول مدرسة أرثوذكسية في أورشليم من قبل البطريرك بارثينيوس. وحصلت إتفاقية جديدة بين فرنسا وتركيا سنة ١٧٤٠م، كانت هذه الاتفاقيّة بمثابة إعلان الحرب والاضطهاد على أخويّة القبر المقدس. ولكن تم إصدار فرمانين من قبل السلطان عثمان سنة ١٧٥٧م ومن بعده السلطان عثمان مصطفى الثالث سنة ١٧٦٨م بمساعي البطريرك بارثينيوس التي أرجعت حقوق أخويّة القبر المقدس التي سُلبت منهم منذ العام ١٦٨٩م. وهكذا قام البطريرك بارثينيوس بوضع قانون مستحدث لتنظيم أخوية القبر المقدس.