1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث الكلي الطوبى والجزيل الاحترام

إن كنيستنا المقدسة هي جسد المسيح الحي ، والمسيح فادينا ومخلصنا هو رأس الكنيسة ونحن أعضاؤها أي أننا أعضاء في جسد المسيح حيث أن الكنيسة هي كنيسة الرب .

وبواسطة إنتمائنا وإرتباطنا بالكنيسة يمكننا أن نتواصل وأن نتحد مع جسد المسيح الرب الذي هو آدم الجديد ، الذي تأنس وتجسد آخذاً الطبيعة البشرية بدون دنس الخطيئة التي هي المرض بعينه ، وجعل هذا الجسد خاصته .

إن دخولنا إلى عضوية الكنيسة يتم بواسطة سر المعمودية المقدس ، ومن ثم سر الميرون المقدس الذي هو ختم موهبة الروح القدس ، وهذا الختم لموهبة الروح الكلي قدسه يعتبر الوسيلة الحقيقية للتخلص من فساد وأدران الخطيئة ، وبواسطة سر المعمودية يتجدد المسيحي ويصبح شريكاً لجسد آدم الجديد الذي هو جسد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح .

إن بقاء المؤمن في كنيسته وإشتراكه الفاعل في الاسرار المقدسة يعتبر الضمانة الحقيقية لاستمرارية إنتمائنا وإرتباطنا بكنيسة الرب ، فالكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية هي التي يعمل ويفعل فيه الروح القدس وهو روح الحق ، أي روح المسيح الذي نلنا ختم موهبته وينسكب علينا في حياتنا الروحية بواسطة ممارستنا الفاعلة ومشاركتنا الحقيقية في أسرار الكنيسة المقدسة .

وقد يتسآئل المرء كيف يمكننا أن نحافظ على إستمرارية إنتمائنا وإرتباطنا بالهوية المسيحية والجواب على هذا هوأانه بواسطة الاسرار المقدسة فبدون الاسرار لا يمكن أن تكون هنالك حياة مسيحية حقة والحياة المسيحية الاسرارية تشمل الحياة الليتورجية وما تقدمه لنا الكنيسة من نعم وبركات إلهية بواسطتها ، فالممارسة الدائمة للصلاة والعبادة والمشاركة الجوهرية الحقيقية في الاعياد والحضور الدائم في الكنيسة وأسرارها هي مصدر تقديس وبركة لحياتنا الاجتماعية والعائلية والفردية وهي كذلك مصدر قوة للكنيسة ذلك لان كل شيء يتقدس ويتبارك بواسطة الحياة الكنسية وممارسة ما تقدمه لنا الكنيسة من طقوس، وبواسطة الكنيسة أيضاً يتحقق خلاص الانسانية فالخلاص آت من الله والكنيسة هي المكان الذي منه وبواسطته ننال الخلاص من لدن الرب .

إن الروح القدس يهب ويذهب حيثما يشاء وهو روح المسيح رأس الكنيسة والمسيح هو الختن الحقيقي للكنيسة والكنيسة هي عروس المسيح والمسيح هو ينبوع الكنيسة وبالتالي فان الروح القدس يعمل داخل الكنيسة وبنوع خاص بواسطة سر الشكر الالهي (الافخارستية او المناولة) حيث يتم إستدعاء نعمة الروح القدس الذي يحل على القرابين المقدسة وذلك في كل قداس إلهي وهذا يعني أنه في كل قداس يتكرر حدث العنصرة الذي يعني أن الكنيسة هي المكان والزمان الذي تنبع منه نعمة إلهنا القدوس الذي من لدنه ننال البركة والنعمة والتقديس .

إن الكنيسة هي خارج العالم ولكنها تتواجد من أجل العالم وخلاصه وكنيستنا هي صورة طبق الاصل للكنيسة السماوية أي ملكوت الله والكنيسة السماوية والارضية كلاهما يجسدان الكنيسة التي أسسها الرب لان هدف الكنيسة في النهاية هو التمتع بالملكوت السماوي والحياة الابدية ومعاينة النور الازلي الذي هو المسيح وأنتم تتذكرون ان المسيح قال (أنا هو نور العالم)، والكنيسة قوية لان المسيح حاميها ولان رأسها هو ذاته المسيح المخلص والكنيسة هي ليست كما يعتقد البعض مؤسسة بشرية فحسب وإنما هي الهية لان الله هو الذي أسسها ورئيسها ومعلمها هو المسيح نفسه .

في وقت من الاوقات إعتقد البعض أنه بصلب المسيح وموته ودفنه إنتهى كل شيء ولكن على هؤلاء أن يدركوا بأن الصليب والموت لم يكونا نهاية الطريق وإنما إنبلج نور القيامة فكانت القيامة إنتصار على الموت وبدء عهد جديد .

إن التجارب والازمات التي تعصف بالكنيسة تبرز وجود البعد الانساني بكل ضعفاته ونواقصه ولكن علينا أن ندرك بأن هنالك بعداً الهياً للكنيسة أيضاً ولذلك فقد قال الرب بأن كنيسته (أبواب الجحيم لن تقوى عليها) .

أبوكم الروحي

ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون