1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد المخلّع قرية طُرعان – الجليل الأحد 14/5/2006

“أيقظ يا رب نفسي المشلولة من الخطايا كلها والأعمال التي ليست في محلها برعايتك الالهية كما أيقظت المخلع قديماً” .

أيّها الأبناء الأحباء بالرب !

يُخلد القديس يوحنا البشير ، في إنجيله الشريف ، أُعجوبة شفاء المُخلَّع ، التي تعرضُها لنا ، اليوم ، كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة ، لا لأن هذه الأُعجوبة تُظهر أُلوهية ربّنا وإلهنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات ، بل ومع قيامة البشّر ، ليست القيامة الجسدية من بين الأموات ، بل القيامة الروحية من موت الخطيئة واللامبالاة الروحية والإنحلال .

نرى في هذه الأُعجوبة أيضاً ربّنا ، ربّ الحياة والموت يقيم عن فراش المرض مخلعاً منذ ثمانٍ وثلاثين عاماً بكلمته الواحدة ، وبسلطته الذاتية ، لأنه إله . ففي ظروف أخرى كما صلى قبل قيامة لعازر إلى الآب ، لا لأنه كان بحاجة إلى موافقة الآب وكأنه نبي بسيط بل ليظهر فقط أنه ليس مضاداً للآب ، كما يقول هو ذاته : “أنا علمتُ أنك في كلِّ حينٍ تسمعُ لي ، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلتُ ، ليؤمنوا أنك أرسلتني” (يوحنا 42:11) . تظهر أُلوهية المسيح في أنه كان يعرف أيضاَ بالدقة بأن مرض المخلّع يرجع إلى خطايا ، لذا قال له ألا يُخطىء لئلا يحصل له شيءٌ أسوأ ، كما سمعنا . أنه لمدرك أن المسيح يملك ملء الالوهية للثالوث الأقدس ، وكان إلهاً تاماً ، بعكس ما كان يظن الهراطقة القدماء الآريوسيون ، والنساطرة ، وبعض الهرطقات المعاصرة ، كشهود يهوه وآخرون . لأن المسيح أعلن بوضوح أنه “واحد” مع الآب (يوحنا 30:10) وان كل ما للآب هو له (يوحنا 15:16) .
بالإضافة إلى ذلك فإن عيد اليوم الذي يشير إلى أُعجوبة شفاء المخلّع يخصنا بشكل أكثر نحن البشر خاصة بشر العصر الحالي لأن أناس اليوم مغلوبون من الخطيئة ومستعبدون لعادتها ، اننا مرضى بالنفس والجسد وبدون مساعدة . ننتظر تدخل العون من العلي لنخلص دون أن نريد التوبة ، ولكن في انسانية اليوم ، التي تفخر بحالتها الخاطئة . ارسل الأب السماوي المعزي، الروح القدس ، روح المسيح ، زائر المخلّعين ، بالرغم من أن انسانية اليوم تظن بأنه “ليس لها انسانٌ” تطلب في مكان آخر الخلاص والتأله . ويُطلب منا اليوم كما آنذاك من المخلّع ، الصبر على التجارب التي ارسلها لنا الله ، كما صبر المخلّع منذ ثمان وثلاثين سنة ، كما تُطلب ارادتنا الحرة كي نشفى ، والايمان بقدرة المسيح الكلية، كما كان ايمان المخلّع ، الذي لم يكفر عندما أمره الرب أن يحمل سريره . يلزم الطلب المتواضع بالرحمة الالهية ، كما أعلن المخلّع بقوله : “يا رب ، ليس لي إنسان” وأيضاً انقطاع الخطيئة بواسطة التوبة ، حتى لا يحدث لنا أبداً الأسوأ بسبب عدم التوبة كما قال الرب “ألا يصير لك أسوأ”. أخيراً إنه لمن الضروري وجود العرفان بالجميل ودعوة الهنا المحب البشر كما تواجد المخلّع بعد ذلك في هيكل الله لعبادته حيث قابله يسوع .

يظهر ان الانسان يعاني من شلل جسدي ونفسي من حدث الموت . ان كنيستنا المقدسة هي المجال والمكان الذي ينتقد الانسان فيهما ذاته ويشفى شلله النفسي والجسدي باشتراكه في أسرار الكنيسة ، التي تشفي الانسان من كل مرض وخطيئة ، عندما نتبع هذه الطريق سيقابلنا المسيح وسيعلن لنا أنه هو ذاته الشافي لنا بالطرق العديدة لعنايته الالهية وسنتحول الى كرزة رحمته للجميع أصدقاء وأعداء .

لعل رحمة المسيح تظلل أولئك البشر ، الذين خدعوا من الأشياء العابرة للتقدم ويظنون انهم يواجهون غياب الله وحدهم . لأن هذا يأتي كطبيبٍ كلي القدرة إلى فراش البشرية المشلولة ليقدم علاجه الحقيقي والقيامة من بين موت لامبالاة النفس .

فله كل مجد وإكرام وسجود دائماً الآن وإلى دهر الدهور ، آمين .

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون