1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث القداس الإلهي الإحتفالي في كنيسة الفحيص الأحد 23 تموز 2006

لقد ارشدتنا اليوم نعمة الهنا القدوس المثلث الاقانيم الى هذه الارض المباركة أرض الاردن الحبيب حيث تتميز مدينتكم الفحيص بنضارتها واخضرارها واشجارها المثمرة المليئة بثمار الايمان .

اننا نسجد ونمجد ونسبح الهنا الذي حبانا نحن البشر واسبغ علينا بنعمه وبركاته “لكي ندوس العقارب والحيات وكل قوة الشر” وهذه النعمة اعطيت للكنيسة وتمنح بواسطتها اذ هي جسد المسيح أي آدم الجديد الذي حسب هامة الرسل بولس “هو باق ودائم الى أبد الدهور” ، ونحن جميعنا اكليروساً وشعباً نحن أعضاء في هذا الجسد بكل تواضع وانسحاق وهذا الجسد رأسه ورئيسه هو المسيح الرب .

إن هذا السلطان الذي اعطي لجنس البشر بواسطة ابن الله الوحيد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح هو سلطان روحي أي سلطة نابعة من الروح القدس روح المسيح وبواسطة الروح القدس يدعى كل انسان الى الكمال في مسيرة معالجة قمتها أن يصل الانسان الى التأله وذلك بواسطة قوة التجلي والعلاج الروحي الذي تقدمه الكنيسة ، وإن كنيستنا الارثوذكسية المقدسة وبنوع خاص كنيسة القدس المحلية إنما لها ميزة كبيرة وهي أن أساسها ليس فقط الرسل القديسين والتلاميذ الأطهار ولكن الرب ذاته الذي صلب وقام من أجلنا نحن البشر والذي أصبح القاعدة الأساسية لهذه الكنيسة بواسطة دمه الكريم الذي سفك من أجلنا ومن أجل افتدائنا والذي بواسطته تقدس وتبارك ثرى القدس والأرض المقدسة . حيث نحن قاطنون ، ولكن أيضاً إن هذه الأرض المباركة ذاتها هي التي احتضنت في داخلها جسد الرب والإنسان يسوع المسيح في ذلك القبر الفارغ الذي هو القبر المقدس الذي منه بزغ نور القيامة وانبلجت الحياة الجديدة .

إن رعيتنا المباركة في مدينة الفحيص تشكل وتجسد شهادة ايمانية حية لرسالة الصليب ونور المسيح القيامي ، انكم شهادة حية للمسيح المصلوب والدم الالهي المسفوك غفراناً لخطايا البشرية وتصحيحاً للاعوجاجات واعادة للامور الى نصابها الصحيح ، ذلك لكي يعود الإنسان الى جماله ونقائه القديم الذي افتقده بالخطيئة وان يعود الى نقاء صورة المسيح لأن الكتاب الألهي يقول : “بأن كل إنسان دون ان تميز هو مخلوق على صورة الله ومثاله” ولذلك فاننا مدعوون ان ننظر الى كل انسان بكل احترام ومحبة لان الله أحب هذا العالم وقدم من أجله ابنه الوحيد وذلك لكي ما كل من يؤمن به تكون له الحياة الأبدية ولا يكون تائهاً بل سائراً في الطريق المستقيم .

وفي الإنجيل المقدس الذي تُلي على مسامعكم في هذا اليوم نسمع أن المسيح قُدم إليه مخلعاً مريضاً ملقاً على سرير وأولئك الذين قدموا له هذا المخلع كانوا يلتمسون منه الشفاء والمسيح التفت الى ايمان هؤلاء وقال مخاطباً المخلع المريض قائلاً له : “تشجع وتقوى لقد غُفرت لك خطاياك” ، إن هذا الإيمان هو ذاته مصدر كل نعمٍ آتية الينا من الله والكلمة الالهية هي كلمة خلاص ونعمة ، وان كنيسة اورشليم المقدسة تعترف وتؤكد في كل آنٍ وزمان بأن هذا هو الايمان الحقيقي الذي يجلب على الانسانية النعم والبركات التي تبارك وتقدس الانسان وتجعله يتجلى بالكلمة الالهية ، وان هذا الايمان ايماننا بالمسيح هو الذي يسير بنا نحو مناهج الخلاص فالصليب والقيامة هما من أركان ايماننا الاساسية فالقيامة أظهرت للعالم بأسره بأن المسيح الهنا المحب البشر إنما اراد بواسطة قيامته ان يقيمنا معه ويخلص الانسان من سخطة الخطيئة والموت .

اننا نتوجه بشكرنا لله الذي نؤمن به ونسير بهديه ونحن على يقين دائم ورجاء اكيد بان الله لم يترك كنيسته أبداً ولم يترك هذه الارض المقدسة المباركة فقد افتقدنا بموداته وجعل لنا قيادةً حكيمةً تقود هذا الوطن المفدى الى بر الامان ، ولذلك فاننا نذكر بكل فخر واعتزاز جلالة مليكنا وقائدنا عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم هذا الملك الحكيم والصديق الوفي لبطريركية الروم الأرثوذكس والقائد العظيم لهذا الوطن ولهذه المملكة المباركة ، وان رعيتنا الارثوذكسية في هذا البلد تفتخر بقيادته الحكيمة ورعايته واهتمامه ومساندته لابنائه المواطنين من كافة الملل والطوائف دون تميز أو تفرقة .

إن وحدتنا المسيحية اكليروساً وشعباً هي تأكيد وابراز لوحدتنا الحقيقية مع المسيح التي تظهر بواسطة اشتراكنا كافةً في سر الشكر الإلهي حول الكأس الواحدة والجسد الواحد ففي هذا السر المقدس تظهر بشكل جلي الوحدة الطبيعية والروحية بيننا جميعاً بواسطة الجسد الالهي بربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح .

وفي الختام نقول نعمة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح ومحبة الله الاب وشركة الروح القدس لتكن معكم جميعاً ، آمين .

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون