1

كلمة صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة بمناسبة أحد الآباء الأجداد في بيت ساحور الأحد الموافق 24/12/2006

“لقد زكّيت بالايمان الآباء القدماء، ولهم سبقت فخطبت البيعة التي من الأمم، فليفتخر القديسون بالمجد، لأن من زرعهم أينع ثمر حسيب، وهو التي ولدتك بغير زرع، فبنو سلافهم أيها المسيح الإله إرحمنا”.

إن نجم المجوس، أعني، حسب يوحنا الذهبي الفم الشريف قد جمعنا الروح القدس جميعاً إكليروساً وشعباً في هذا المكان أي في قرية الرعاة الساهرين، كي نكرم من جهة ذكرى الآباء الأجداد القديسين لكلمة الله الوحيد بالجسد والآب ربنا وإلهنا يسوع المسيح ومن جهة أخرى لنحتفل في تقدمة السر العظيم للتدبير الإلهي، سر ميلاد مخلصنا يسوع المسيح في مغارة بيت لحم، التي نصبت فوقها نجمة الروح القدس.

لقد حدد آباء الكنيسة ومعلموها عيد الآباء الأجداد القديسين أي الآباء الأجداد لميلاد ربنا يسوع المسيح بالجسد، كي يوضحوا سر تجسد الإله الكلمة الذي اتخذ مكاناً في المكان والزمان مظهراً بنفس الوقت مجيء مخلصنا المسيح التناسلي، وكذلك تدخل الإله في تاريخ العالم، العالم الذي بسبب سقوط آدم خسر الإشتراك في الفردوس مع الإله الحقيقي وأهله محل بواسطة أصنام الضلال والكذب حتى أنه بدلاً من أن يعبد الخالق كان يعبد المخلوقات.

هذا ما يؤكد عليه تماماً كاتب تسابيح كنيستنا، مشيراً إلى الآباء الأجداد، وخاصةً ابراهيم الذي بُرّر وأصبح رئيس جنس الشعب الجديد، شعب الله، نظراً لإسقاطه الأصنام وإيمانه بالإله الواحد الحقيقي. وبالإضافة إلى ذلك الآباء الأجداد القديسون الذين هم وبواسطتهم ظهر في وسط العالم شعب الله الجديد، الذي سيكوّن الكنيسة كعروس للعريس المسيح. هذا ما يوضحه كاتب التسابيح تماماً عندما يقول: “خطبت البيعة التي من الأمم”. أما كنيسة الله هي هي جسد المسيح الذي نحن جميعاً لابسين المسيح بالمعمودية (غلاطية 27:3) ونحمل خاتم هبة الروح القدس للمسيح.

كما يقول كاتب التسابيح “فليفتخر القديسون بالمجد” لأنه “من زرعهم” أي من الشجرة ذاتها: “أينع ثمر حسيب”. ويتساءل أحدنا: “ما هو هذا الثمر الحسيب؟” هو “الوالدة بلا زرع” أعني الدائمة البتولية مريم إبنة جدي الإله يواكيم وحنه التي أصبحت أماً للإله، لأنه من دمائها العذرية الطاهرة تجسد وصار إبن وكلمته إنساناً تاماً.

أيها الإخوة الأعزاء…

تفتخر اليوم الكنيسة المقدسية المقدسة ومعها يفتخر جميع القاطنين هنا بصفتنا أعضاء متواضعين فيها، لأنه بتأنس الله وكلمته ربنا يسوع المسيح أصبحنا شركاء لا لرعاة هذه القرية الساهرين الذين أصبحوا شهود عيان وسمع ببشارة ميلاد الطفل الجديد الإله قبل الدهور مرتلين: “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة” (لوقا 14:2) لا بل أيضاً سفراء لمجد الآباء الأجداد الذين سبقوا وقالوا وأعدوا بإيمانهم وأعمالهم سر خلاص الإنسان العظيم.

أيها الإخوة الأحباء…

إن عيد هذا اليوم والإحتفال الذي نقيمه تكريماً للآباء الأجداد القديسين يدعوا اكليروساً وشعباً كي نعد أنفسنا بواسطة الإنتقال إلى مغارة مدينة بيت لحم المجاورة كي نسجد لمخلصنا يسوع المسيح مقدمين هدايانا. الهدايا التي ينتظرها إبن الآب وإبن العذراء مريم هي المحبة وسلام المسيح الذي يصبح مُدزكا ليس كرازة وفطرياً، بل فعلياً بإشتراكنا في الحياة السرية للكنيسة وبشكل خاص بإشتراكنا الفعلي والعامل في حياة الكنيسة. سندرك وسنصبح شركاء لسر تأنس الله الكلمة الذي هو مجد الله في السماوات وسلام الإبن وكلمته ربنا ومخلصنا يسوع المسيح على الأرض.

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون