1

كلمة صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة بمناسبة سنة اليوبيل لخدمة قدس الإيكونوموس قسطنطين قرمش للكنيسة الأرثوذكسية في المملكة الأردنية الهاشمية

“قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان، وأخيراً قد وضع لي إكليل البّر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرّب الديّان العادل، وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً”.
(تيموتاوس الثانية 8-7:4)

إن حياة الإنسان على الأرض زمن تجربة كما يقول الكتاب المقدس “أليست حياة الإنسان على الأرض وسيلة تجربة” (أيوب 1:7). إذن، طوبى للإنسان الذي إجتاز حياته خادماً لله وخلاص القريب، بطريقة ما يعلمه فيها الضمير أنه أرضى الله! وهذا هو معنى كلام الرسول بولس الذي سبق وذكرناه، أعني عندما اقترب القديس بولس من نهاية حياته الأرضية متخذاً التأكيد من الروح القدس، انه لم يحرم أحداً معبراً عن شوقه للخيرات السماوية، أي “اكليل البرّ” الذي سيمنحه ربنا يسوع المسيح له في يوم الدينونة، ولكل الذين يرغبون ويهدفون إلى يوم الدينونة، أعني مجيء مجد “ظهور” المسيح.

إذن، نتذكر ونفكر بفرح خاص بالمناسبة السنوية لإتمام خمسين عاماً من التقدمة الكهنوتية والخدمة الليتورجية لقدس الأب قسطنطين قرمش لرعيتنا المسيحية القاطنة في المملكة الأردنية الهاشمية وخاصةً في عمان. فحسب الكتاب المقدس إن اكتمال تسعة وأربعين سنة أي سبع سنين سبع مرات، كان يعني بدء سنة اليوبيل، الذي كان يوافق بعد السنة السابعة، أعني عيد الكفارة والغفران. “لا تزرعوا فيها ولا تحصدوا الحصيد النابت من تلقاء ذاته، ولا تقطفوا عن كرومكم غير المقضوبة، فيها تأكلون مما تُغلّه الحقول من تلقاء ذاتها” (اللاويين 11:25). هكذا ما عدا مغفرة الخطايا والسقطات القانونية التي كانت قد تحددت سابقاً، التي خدمها عيد الكفارة، وبالإضافة إلى ذلك فإن السنة الخمسين أي اليوبيل، كانت تعني من جهة حذف الديون لأناس، أعني فداءهم (كورنثوس الأولى 30:1)، ومن جهة أخرى إيقاف فلاحة الأملاك والحقول. وهكذا حلّ التوازن في توزيع الخيرات والحرية للدائنين والعبيد.

لكن بما أن كل ما كتب في الناموس القديم كتب كي ندركها نحن المسيحيين على أساس الروحانيات “كل ما جاء قبلاً في الكتب المقدسة إنما جاء ليعلمنا كيف نحصل على الرجاء بما في هذه الكتب من العبر والعزاء” (رومه 4:15)، لذا فإن سنة اليوبيل هذه تعني بالنسبة لنا إيقاف أتعاب الحياة الأرضية ومجيء الحياة الأبدية، كما يقول باسيليوس الكبير: “كل هذا أشكال هذا الدهر، الذي يجتازنا محاطاً بالأيام السبعة، التي يصير فيها تسديد الخطايا الصغيرة، طبقاً للإجتهاد الخيّر لسيدنا الصالح”. لذلك إذن، تدعو الكنيسة المقدسية المقدسة إلى عاملها القديم الذي لم يعرف الكلل ولا الملل قدس الإيكونوموس قسطنطين قرمش، الذي وصل إلى ملء خدمته الفاعلة، أن يتوقف عن اتعابه وجهاده الكهنوتي الشاق لمدة خمسين عاماً، قاطفاً ثمار تنمية نفوس المسيحيين.

وإذ أن الكنيسة قد تأسست على التقليد الشريف للكتاب المقدس تكرم بشكل خاص السنة اليوبيلية للتقدمة الروحية لفعلتها الذين ظهروا أمثالاً للتمثل بهم من الكهنة الجدد. قال الرسول بولس: “إقتدوا بي مثلما أقتدي أنا بالمسيح” (كورنثوس الأولى: 1:11). وهؤلاء الكهنة الجدد مدعوون بدورهم لأن يصبحوا فعلة صالحين في كرم المسيح (متى 33:21) حتى يتمتع هؤلاء بثمار المغفرة وبالراحة اليوبيلية ومغفرة سقطاتهم وانبات الفضائل المسيحية في داخلهم، التي يفرح بها رب الحقل (متى 30-24:13، 36-43)، بل ربّ فداء عبده، ربنا وسيدنا يسوع المسيح ومدبروا المؤمنون، الذين يقدمون غداءً روحياً بإجتهاد إلى أعضاء كنيسة المؤمنين (لوقا 24:12) “وعوناً اجتماعياً لجميع إخوانهم البشر بدون تمييز” (فيليبي 5:4).

ندرك نحن أيضاً شرف هذا العمل الكنسي أي اليوبيل، لكي ندعو للأب قسطنطين الذي بإعلانه هذه السنة سنة اليوبيل قد أصبح حراً بالمسيح (غلاطية 4:2) وأصبح شريكاً لمجد الله (بطرس الأولى 1:5) الذي هو ثمر دعوة كل مؤمن (كورنثوس الثانية 18:3) وخاصةً مدبّر أسرار الله (كورنثوس الأولى 1:4)، آمين.

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون