1

كلمة البطريرك بمناسبة عيد القديسين قسطنطين وهيلانة المعادلي الرسل

لقد جُذبت كشعاع ساطع النور. ومثل نجم مسائي مُذنب. من الكُفر إلى الإيمان باللاهوت. ووافيتَ لتقدس شعباً ومدينةً. وحين أبصرتَ في السماء رسم الصليب سمعت من هناك صوتاً يقول لك: بهذا إغلب أعداءك. ومن ثمّ حصلت على معرفة الروح القدس. فمُسحتَ كاهناً وملكاً. فثّبتّ بزيت المسحة كنيسة الله. يا أبا الملوك المسيحيين. يا من مستودع رفاته يفيض الاشفية فيا قسطنطين المعادل الُرسُل تشفّع في نفوسنا( الذكصا على اللحن الثامن- صلاة الغروب )
أيها الإخوة الأحباء إن نعمة الروح القدس قد انسكبت في هذا اليوم على هذه الرعية الحسنة العبادة في مدينة شفا عمرو الأبية، لأنها تشارك الآن في فرح الكنيسة المسكونية للمسيح، خاصة الكنيسة الأورشليمية التي تعيّد أيضا لشفيعيها: القدسيين قسطنطين وهيلانة.

أيها الأبناء المحبوبون بالرب الفادي يسوع المسيح

كنيسة ربنا يسوع المسيح، وخاصة كنيستنا الأورشليمية تحتفل بتذكار القدسيين المجيديين الملكين العظيمين المتوجين من الله قسطنطين وهيلانة المعادلى الرسل. اللذان شيّدا كنيسة القيامة وباقي الكنائس المقدسة في هذه البلاد المباركة.
نعم إن كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة قد توجا من الله، فأصبحا معدلي الرُسل كما يذكر سنسكار كنيستنا المقدسة.
ونخن نسأل : لماذا أُعطيت هذه الكرامة العظيمة للقديسين العظيمين وهما من ابطرة الرومان؟
لأنه مثلما يقول مرنم الكنيسة: إنهما استلما معرفة الروح القدس أي روح المسيح.
فالإمبراطورة هيلانة قد استلمت التقديس في بطنها، حيث حملت بقسطنطين المٌتوج من الله، فأثمرت فرح المسيحيين، وفخر الروم المؤمنين، وغنى الأيتام والأرامل وحمايتهم. ووقاية الأذلاء والضعفاء وفرح المضنوكين الحقيقي وعُتق الأسرى.بالنسبة للإمبراطور قسطنطين فإنه استلم أولا صولجان المُلك، ثم مُسح كاهناً وملكاً ليس من البشر لكن من الله الرحوم. وكيف مُسح كاهناً وملكاً؟. إنه مُسح كاهناً وملكاً أولاً بظهور رسم الصليب الكريم الذي أبصره في السماء، ثانياً من الصوت الإلهي الذي سمعه من العلاء قائلاً له: بهذا اغلب أعداءك.
بكلام آخر أيها الإخوة الأحباء. القديس قسطنطين يظهر كبولس آخر، وكإناء مختار له.
بالنسبة للقديس بولس فقد أصبح كاروزاً للملكوت السماوي. وبالنسبة للقديس قسطنطين فهو النموذج والصورة الأصلية للملكوت السماوي على الأرض، وبالاعتراف بسيرة الكنيسة المسكونية بشكل عام، وبسيرة كنيستنا الشرقية التي تتواجد في منطقتنا وإقليمنا، يعني الكنيسة الرومية بشكل خاص الروميوسيني. ونحن نقول هذا لان الآباء 318 الملهمين بالروح القدس والذين اجتمعوا في المجمع المسكوني الأول في نيقية بمبادرة القديس قسطنطين الكبير هم نواة وأساس كنيسة الروم الأرثوذكس. فالرومية هي مزيج ما بين الثقافة والحضارة اليونانية والكرازة الإنجيلية الخلاصية للمسيح الإله. فهي شركة واتحاد وتعاضد ولكن بدون امتزاج الواحدة بالأخرى. لهذا فأن الشيء المميز لسيرة الكنيسة الأرضية، وهنا نقصد بالكنيسة الرومية، هي الكرازة الرسولية كما يقول الحكيم بولس:” ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبدٌ ولا حرٌ. ليس ذكرٌ وأنثى لأنكم جميعاً واحدٌ في المسيح يسوع”.(غلاطية 28:3)

بكلام آخر الرومية ( روميوسيني )هي مجموعة المؤمنون بالمسيح ( أصدقاء المسيح ) هم مواطنوها ، وليس هم فقط. أيها الإخوة الأحباء، لماذا قسطنطين الكبير وأمه هيلانة يُعَلنان كمتوّجان، وكرسولان؟ وبالإضافة هم كنيسة أبكار مكتوبين في السماويات مع صافات الملائكة والقديسين ( عب 23:12). إيمان القديس قسطنطين هو إيمان الصيادين، والإيمان النقي الخالي من كل غش، في قوة النموذج للصليب الكريم، أي صليب محبة المسيح يحثّ إلى تدشين الفصل الجديد بالمسيح. الفصل الجديد بالمسيح الذي دُشن من قبل قسطنطين العظيم يُحارب من الفصل الجديد التابع لابليس ولسلاطين هذا الدهر ولقوات الظلمة المسيطرة.
إنه حقٌ وواجبٌ أن الكنيسة الأورشليمية مع أخوية القبر المقدس ، ورعية العبادة الحسنة حاملي اسم المسيح أن ترتل جهاراً مع مرنم الكنيسة:
افرح يا قسطنطين الكلي الحكمة. يا ينبوع استقامة الرأي. الذي يروي كل المسكونة دائماً بسواقي مياهه العذبة. افرح يا جذراً نبت منه الثمر الذي يغذي كنيسة المسيح. افرح يا فخر الأقطار المجيد وأول الملوك المسيحيين . افرح يا فرح المؤمنين، مع أمك المتألّه اللبّ هيلانة، فتضرع الآن لملك الملوك المسيح الإله، من اجل أن يحل السلام في الأراضي المقدسة، ولحماية هذه المدينة المقدسة أورشليم، ومن أجل جميع الذين يوقّرون تذكارك بإيمان

وكل عام وانتم بخير

كلمة ترحيب في القاعة
لصاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدس أورشليم
كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث
بمناسبة عيد القديسين قسطنطين وهيلانة المعادلي الرسل
في مدينة شفا عمرو بتاريخ 5/6/2010

أصحاب السيادة……..

الإخوة الأجلاء، الحضور الكريم.

إن عيد القديسين قسطنطين وهيلانة في هذه اليوم المبارك غير مُقتصر فقط على رعية شفا عمرو المُخلصة، لكنه عيد كل الأراضي المقدسة، وخاصة عيد مدينة أورشليم ، كما أنه عيداً يضم إلى صدره جميع المسيحيين ، لا بل جميع الساكنين في الأراضي المقدسة: يهوداً كانوا أم مسلمون، ام مسيحيون. ذلك لأن الإمبراطوريان قسطنطين وهيلانة، هما اللذان شيدا وصانا جميع الكنائس المقدسة، وقد اكتنفاها بالرعاية والحماية بشكل متواصل. لذا نحن القاطنون في هذه الديار المقدسة نتمتع بتلك العلاقة الوجدانية الحقيقية التي توّحد الأرض والساكنين فيها بعلاقة خاصة ومميزة. بكلام آخر مثلما كان الإسكندر الكبير، الذي انتشرت في زمانه الحضارة العريقة والمميزة، الأمر الذي أدى إلى إضفاء صبغة مقرونة بالاحترام لجميع الديانات، التي من خلالها حافظ على خصوصية الفرد والمجتمع، فانعكس هذا الأمر بشكل إيجابي إذ وفّر سبُل التعايش الصحيحة المبنية على الاحترام المتبادل بين الجميع.

تماماً هذا ما حدث مع الامبراطور قسطنطين ،فإنه من خلال الفطنة الموهوبة له، وَقّرَ كل الديانات، مانعا بذلك جميع أعمال العنف والقسوة والاضطهاد ضد الحرية الشخصية التي من خلالها يختار المرء سُبُل انتمائه الديني ومنهج عبادته. وكذلك فإنه وحّد شطري الإمبراطورية شرقاً وغرباً. ولكن الرومية كانت قمة أعماله فقد نصعت بأجلى بيان. لأنها شملت في داخلها كل الحضارات، والثقافات والفلسفات لجميع القوميات والجنسيات التي كانت تتعاضد مع تلك الأعمال والإصلاحات التي تبلورت تحت راية واحدة ألا وهي راية الرومية.

عُذراً ولأجل الحقيقة التاريخ.

إذا نظرنا بتمعن إلى الحضارة العربية، نجدها مُتّشحة بمزايا وصفات رومية كثيرة مثل الفن والنقش والحفر والزخرف وكذلك الأدب والفلسفة والحكمة والتي بلغت ذروتها في فترة الحكم العباسي، حيث ازدهرت الترجمات من الرومية ( أي اليونانية ) إلى اللغة العربية. إن الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية ما زالت حتى يومنا هذا تتمسك بحرص شديد محافظة على الوديعة الثمينة ألا وهي الحضارة الرومية التي تجسدت حتى في مبنى اسم الكنيسة لتُدعى: كنيسة الروم الأرثوذكس. هذه الكنيسة التي يعيش مؤمنيها في الأراضي المقدسة وفي كل من سوريا ولبنان وقبرص واسيا الصغرى والبلقان واليونان وشمال أفريقيا.

بكلاك آخر الاحترام الشخصي لكل إنسان، وكذلك الحرية التي هي محور الحقوق الإنسانية والأساسية، يعتبر التبرع الكبير والجلل، الذي قدمه مؤسس الرومية الامبراطور قسطنطين المُتوج من الله. وبهذه المناسبة السارة نتقدم بأحر التهاني لكاهن هذه الكنيسة المُنيرة الايكونومس الأب صموئيل الجزيل الاحترام، والذين شاركوه لإنجاح هذه اليوم الحافل الكريم. كما ونتقدم بأجمل آيات التقدير والاحترام للمبادرة الروحية لتوسيع بناء الكنيسة وكذلك نشكر كل من تبرع بتهليل لهذا العمل الروحي الجليل. الذي سيعود بالبركة لجميع الطوائف في شفا عمرو والقضاء، لأنها تجسد أُركون المحبة والصفاء وتشمل الجميع بالعطف والوفاء، وتصمن للكل فضيلة الاحترام المُتوجة بالسلام والرخاء.

وكل عام وانتم بخير