1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الاحتفال بعيد القديس ثيوذوسيوس

” لما شئت يا رب أن تتمم ما حددته منذ الأبد اتخذت من جميع الخلائق خداما للسر. فمن الملائكة جبرائيل, ومن الناس العذراء, ومن السماء النجم, ومن المياه الأردن. وفيه محوت إثم العالم فيا مخلصنا المجد لك ” ( الذكصا على اللحن الثامن في صلاة الغروب -2).
يصرح مرنم الكنيسة ويكشف لنا على الهدف والمعنى الخاص بالحوادث التاريخية والعالمية التي نعيد لها سنوياً. فمثل ميلاد كلمة الله المسيح من مريم العذراء في بيت لحم , والظهور الإلهي المقدس, أي عماد ابن الله المسيح من يوحنا السابغ في مياه نهر الأردن, التي يتمخض عنها محو خطايا وآثام العالم. “فقد أتى المسيح ليخلص شعبه أي كل الناس من خطاياهم” (متى 21:1 ).
تحرير الإنسان من عبودية الخطيئة التي دخلت إلى العالم بواسطة ادم وحواء لإرادة الله. وكما يذكر الحكيم بولس ” لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة , هكذا أيضاً بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبراراً” (رومية 19:5).
إن الله يتفاعل ويتحرك داخل محبة مستديمة, ذات إرادة كلها بذلاً لتطهير الإنسان من أدران الخطيئة , مكفرا عن خطاياه (حسب الرسالة الأولى للإنجيلي يوحنا). لهذا السبب استلم خدام السر الإلهي وتدبير الخلاص جميع الخلائق : من الملائكة ومن الناس العذراء, ومن السماء النجم, ومن المياه الأردن, كما ذكر لنا مرنم الكنيسة .
لهؤلاء الخدام الموكل لهم الاشتراك في سر التدبير الخلاصي ينضم أيضا القديس يوحنا المعمدان وكذلك القديس الذي نقيم تذكاره المكرم في هذا المنسك المنسوب له , الأب البار ثيوذوسيسوس رئيس الأديرة ومعلم الصحراء.
من ناحية أخرى فإن يوحنا المعمدان وصابغ المسيح قد كرز في صحراء يهوذا قائلاً “توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات أنا أعمدكم بماء للتوبة وأما الذي يأتي بعدي فهو سيعمدكم بالروح القدس ونار” (متى 3: 1-11).
هكذا تماما أبانا البار ثيوذوسيوس عندما ترك العالم وشهوات ومقتنيات العالم . أصبح مقتديا للسيد المسيح الذي تعمد في الأردن. عندما اعتمد البار ثيوذوسيوس بالروح القدس أي روح المسيح أصبح مواطنا للصحراء صحراء يهوذا كارزا ومعلما لملكوت السماوات .
ملكوت الله الذي دشن على الأرض من خلال كنيسة المسيح في مغارة بيت لحم ونهر الأردن , مكتملة بحضور حمامة نور العدالة الكاملة , أي نور المثلث شموس ثلث لاهوت واحد, الأب والابن والروح القدس .
لهذا فإن البار ثيوذوسيوس أصبح مشاركاً لهذا النور المثلث الشموس غير المدنو منه , وكما يعلن ذلك مرنم الكنيسة “أنت أيها البار ثيوذوسيوس عندما دخلت في الضباب العقلي ولمست النور الإلهي العظيم , وكتبت على ألواح قلبك وبأصابع الله العقيدة حسن العبادة التي مررتها لتلميذك الأطهار ليفقهوا وينهلوا من معين كتاب الحياة يا كثير الطوبى”
إن “كتاب الحياة ” الخاص بالبار ثيوذوسيوس المطوب يتقدم اليوم بواسطة كنيسة المسيح المقدسة الأورشليمية بتذكاره في هذا الدير المقدس الذي يشمل اسمه المبارك. هذا الدير المحادي لدير اللاثرا العظيم سابا المتقدس ودير سينويي للقديس ثيوغنيوس أسقف مدينة فيتيليو في بيت لاهيا – منطقة غزة – الفلسطينية.
كما في أيام البار ثيوذوسيوس النسكية في الصحراء – حيث دير الحياة المشتركة الخاص به والذي كان بالفعل في وسط صحراء يهوذا في القرن الخامس ميلادي – فيه أينعت حياة الشركة الروحية. والسكينة والراحة الجسدية . هكذا اليوم كما في الماضي ما زال انتساب وعلاقة مستديمة للدير الذي يحمل اسم القديس : فهو ملجأ ومكان ضيافة , كذلك تعزية روحية , وواحة النور الحقيقة, ليس فقط للمسيحيين بل لجميع سكان الأراضي المقدسة, ولجميع الزوار الواقدين زرافات وزرافات من أرجاء العالم, لزيارة هذا المكان المميز والمقدس.
لهذا نحن أيضا أيها الأخوة الأحباء, مع مرنم الكنيسة تقول ” إننا نتذكر تعاليمك يا ثيوذوسيوس فنكرز بالمسيح ذا جوهرين ونعتقد بعقدتين وطبيعتين وفعلين وسلطتين مستقلتين في الإله الذي اعتمد بالجسد.
لا تنفك تلاحظ رعيتك أيها الأب البار ثيوذوسيوس لشعبك الحامل اسم المسيح متضرعا إلى ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح لأجل السلام .