1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة دخول السيد المسيح الى الهيكل

” إن الكامل بفرغ، والذي قبل الدهور يأخذ بداية، والكلمة يتجسد، والخالق يخلق، والغير الموسوع يوسع في مستودعك يا عذراء الممتلئة نعمة”

أيها ألابناء المحبوبون بالرب الفادي يسوع المسيح
أيها الزوار الحسني العبادة

عيدنا في هذا اليوم، عيد القديس سمعان الصديق القابل الإله، وحنة النبية، هو استمرار للعيد العظيم عيد دخول المسيح إلى الهيكل، هذا العيد كما هو معروف يحتفل به بعد مرور أربعين يوما منذ ميلاد السيد المسيح بالجسد.

ذكرى حدث عيد دخول المسيح الى الهيكل يأتي لكي يؤكد بقوة وبصورة أكيدة سر تجسد كلمة الله . هذا السر الذي كرز به قبلا من قبل الأنبياء من ناحية، وكان مختوما في الكتاب المقدس حسب الناموس من ناحية أخرى.

إن العذراء مريم تأخذ الدور الأول والمركزي في عيد دخول المسيح إلى الهيكل، يليها سمعان الصديق ثانياً, كما بشر به الأنجيلي لوقا.

حسب القانون الناموسي، على الشعب الإسرائيلي أن يكرس الله كما أمر به موسى النبي ” وكلم الرب موسى قائلا: قدس لي كل بكر فاتح ، رحم من بني إسرائيل ومن البهائم” ( خروج 13 : 1-2 ).
هذه الوصية في القانون الناموسي مربوطة ومتعلقة بوصية تطهير المرأة التي وضعت مولودها ، وكذلك بالتقدمة التي كانت فريضة عند دخولهم إلى الهيكل بعد تتميم الأربعين يوماً منذ زمن الولادة (لاويين 12 : 1-4 ).
هذه التقدمة، كما هو مدون : “ومتى كملت أيام التطهير لأجل إبن او إبنة تأتي بخروف حولي محرقة، وفرخ حمام أو يمامة ، ذبيحة خطية إلى باب خيمة الإجتماع إلى الكاهن … وإن لم تنل يدها كفاية لشاة، تأخذ يمامتين، أو فرخي حمام الواحدة م محرقة والآخر ذبيحة خطية فيكفر عنها الكاهن فتطهر” (لاويين 12: 6-8).

يوسف العفيف خطيب العذراء ، ومريم والدة الإله ، قد تمما ونفذا هذه الوصية، قادمين إلى الهيكل بصحبة الصبي الإلهي يسوع ” ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدا به إلى أورشليم ليقدموه للرب ” (لوقا 2: 22)
دخول الصبي يسوع إلى الهيكل يعلن ويشاهد للملأ ، إذ تم إستقباله بواسطة البار سمعان الصديق الذي قبله ذراعيه . ” أخذه على ذراعيه وبارك (أي مجد )الله وقال : الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام . لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب” (لوقا : 28-31).

(خلاصك) الذي أعده الله الآب أمام جميع الشعوب ، أيها الأخوة الأحباء ما هو إلا مخلص العالم ربنا يسوع المسيح كلمة الله الكامل الذي أفرغ ذاته ، الذي يخلق ويأخذ بداية ، المتجسد في أحشاء العذراء مريم.
(خلاصك) حسبما يقوله القديس باسيليوس الكبير ، وحسب عادة الكتاب المقدس الذي يعلن ويدعو (خلاصك ):هو المسيح الله.
(خلاصك) حيب تعليم القديس أثناسيوس الكبير يتضمن حضور التجسد، أي حقيقة التجسد الإلهي.
هذا هو بالتدقيق سر الحقيقة الخلاصي من خلال التجسد العظيم لكلمة به بواسطةالله القدوس، هذا السر الذي يبشر من خلال الكنيسة الأورشليمية التي تحمل اسم سمعان الصديق حيث ضريحه الكريم ، هذه الكنيسة التي بنيت بواسطة أباطرة الروم الأرثوذكس الورعين.
هذه البشارة والرسالة السارة المكتوبة في ناموس الرب ،أنه : ” أن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسا للرب ” ( لوقا 2: 22). هذا المعنى مربوط ومتعلق فقط في المسيح المخلص حسب القديس أمفيلوخيوس أسقف إيكونيون ، وليس لآخر غيره. علماً أن فحوى الآية تشير بمضمونها إلى الجميع لكن كما يعلم قديسينا أمفيلوخيوس
أن جميع العذارى يفتح عندهن الرحم من خلال الجماع بين الزوجين، وبعدها يأتي دور الولادة. أما السيد المسيح فهو الوحيد الي ينفرد بوضعيه خاصة إذ هو الذي فتح الرحم البتوي من الداخل لأنه حبل به بواسطة الروح القدس. من هنا يتبين أنه هو الوحيد المدعو قدوس للرب.
مع كل الخبرات الشخصية ، وشهادة سمعان الصديق التي لا تقبل أدنى شك، وكذلك الناحية التاريخية ذات الأسس الصحيحة والقويمة والثابتة ومع كل هذا متى يقول الصديق سمعان : أبصرت عيناي خلاصك ، أي المسيح.

يا أخوتي لا يستطيع العقل البشري أن يفهم كنة وفحوى ومضمون هذا السر حتى خارج المنطق بدون مساهمة قوة الإيمان.
“….وأنما ظهرت المعجزتان للذين يسجدون بإيمانٍ للسر” (القديس يوحنا الدمشقي-الأينوس- اللحن الخامس-المعزي).

أيها الأخوة الأحباء
نستلم نحن أيضاً ترس الإيمان مقتدين بالبار سمعان الشيخ لنصبح مستحقين لإستقبال النور الخلاصي، لربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع باليوم الرهيب في دينونته العادلة والمخوفة. آمين

وكل عام وانتم بخير