1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الاحتفال بعيد القديس اليشع النبي

” لقد طهرت عقلك من ملاذ الجسد يا أليشع الكلي الحكمة. فأقتبلت أنوار الروح القدس . فإستنرت كلك. ووهبت منها للأعقاب . ومن ثم حللت في النور الذي لا يغرب . تبتهل على الدوام من أجلنا نحن ممتدحيك.”
(إستيخون-1- صلاة الغروب).
أيها الإخوة الأحباء بالمسيح يسوع
أيها الزوار الحسني العبادة ،
إن كنيسة المسيح تزدان اليوم مسرورة وتتلألأ بتذكار عيد القديس أليشع النبي، في هذا المكان في بقعة نهر الأردن في مدينة الكتاب المقدس التاريخية – أريحا.
افرح أيها النبي إليشع ، فإن حياتك التي عشتها بالجسد على الثرى، كانت تتسم بالكمال، فكستك بوشاح ٍ البهاء فغدوتَ على الأرض كأنك ملاك سماوي.
إن القديس أليشع النبي يتميز عن باقي الأنبياء الذين تنبأوا عن المسيح، فإنه مُسح بوصاية الله من قبل النبي إيليا كخليقة له “…. فذهب من هناك ووجد أليشع بن شافاط يحرث، وإثنا عشر فدان بقر قدامه ، وهو مع الثاني عشر . فمر إيليا به وطرح رداءه عليه. فترك البقر وركض وراء إيليا مستجيباً لدعوته ” (1 امل 19:19).
لقد فلق أليشع النبي مياه نهر الأردن من خلال رداء إيليا النبي. ” ورجع ووقف على شاطئ الأردن. فأخذ رداء إيليا الذي سقط عنه وضرب الماء، فانفلق إلى هنا وهناك ، فعبر أليشع” (2مل 21: 14). ” ولما رآه بنو الأنبياء الذين في أريحا قبالته قالوا: ” قد إستقرت روح إيليا على إليشع” فجاءوا للقائه وسجدوا له على الأرض”. (2مل2: 15).
كذلك يتميز النبي إليشع من هذا الحادث أنه تنبأ عن مجيء المسيح، ليس بموجب أقواله النبوية، لكن تنبأ بحسب ضوء أعماله كما يذكر أسقف سيليفكيا: ” هنالك أنبياء تنبأواعن مجيء المسيح بأقوالهم مثل النبي أرميا، أو أشعياء ، أو حزقيال وباقي الأنبياء الإثنى عشر الاخرون ، ولكن هنالك أنبياء أظهروا صفات خاصة للمسيح حسب أعمالهم مثل النبي إيليا والنبي أليشع” (باترولوجي جريكا P.G.85,137).
“أبانوا بأعمالهم ” أي تنبأوا من جهة المسيح ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع. من خلال تتميم أعمالهم المقرونة بالإيمان ، وبكلام أخر فإن النبي أليشع كما يذكر المرنم: ” بعدما طهر عقله من شهوات الجسد، إستنار بالكمال، وسكن في النورالذي لا يعروه مساء”. فكانت حياته تستنير بنور وأشعة الروح القدس ، لذا أصبح مستحقاً لهذه الرتبة النبوية.
هلموا لنرى ا يقوله مرنم الكنيسة:
” أيها النبي لأنك حافظت على نقاوة عين نفسك الهيولية وجعلتها تتلألأ من خلال مفاعيل الروح القدس فيها، إستأهلت وبإستحقاق أن تعاين كشف أمور المستقبل”.
وأيضاً يقول المرنم ” إن شمس العدل والبر (أي الروح القدس ، روح المسيح كلمة الله)قد إضرمت روحك المسنيرة ، وطردت معاقل الخطيئة التي فيك فأظهرتك بالحقيقة تبي لله بهجاً “.
بحسب سنكسار الكنيسة : فإن النبي أليشع قد حصل على نجاح كبير لأنه فضل أن يستلم العطية الإلهية طاعة لخلجات نفسه التائقة للقداسة، تاركا ً مقتنياته الأرضية، فأصبح غنيا ً بالنفس، جاعلاً كنزه الروحي هذا في السماوات حيث لا السارقون ويسرقون”.
فعلاً النبي أليشع الذي نكرمه اليوم تبع الله الذي دعاه من خلال النبي إيليا ، حيث تعلم المعرفة الإلهية الخلاصية المستترة، والتي ظهرت في شخص المسيح.
النبوية: الرتبة النبوية أيها الأخوة الأحباء كموهبة ، ” لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك في النبوة”
(1 تيمو 4: 14) التي أعطيت من خلال الروح القدس إلى أليشع النبي من معلمه الروحي النبي إيليا ، ليس إلا من شهادة ربنا يسوع المسيح كما يعرف الإنجيلي يوحنا: “فإن شهادة يسوع هي روح النبوة”(رؤيا 19: 10).
“لأنه حسبما سمع الإنجيلي يوحنا في سفر الرؤيا عن الحالة الخاصة بالمستقبل تبين أن : الإعتراف والشهادة بالإيمان بيسوع المسيح يتم من خلال إنحدارها كعطية نبوية من الروح القدس”.
بكلا أخر، أعمال القديس أليشع النبي المليئة بالحيوية والنشاط، تتجلى بإشارات وعجائب كثيرة ومتنوعة، هذه الأعمال لا تمس أي شيء سوى المسيح يسوع إبن الله ومخلص العالم، الذي هو تتمه الناموس والأنبياء، كما يذكر الحكيم بولس : ” ولكن لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله أبنه مولوداً من إمرأة مولداً تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني” ( غلاطية 4: 4-5 ).
نتضرع لرب المجد أيها الأحباء بشفاعة النبي أليشع لننال التبني في السماوات ، مرتلين مع المرنم:
” لقد نلت النعمة ن الروح القدس مضاعفة ً . فظهرت نبياً وصانع عجائب في كل الأقطار . تنقذ ممتدحيك من الخطوب والأهوال. وتمنح نعمة عجائبك لقاصديها عن إيمانٍ . وللهاتفين نحوك : إفرح أيها النبي أليشع”.
وكل عام وانتم بخير