1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد ميلاد والدة الإله 2011/09/21

” إن ميلادك يا والدة الإله بشر المسكونة كلها بالفرح . لأنه منك قد أشرقت شمس البر المسيح إلهنا . فنقض اللعنة . ووهب البركة . ولاشى الموت ومنحنا الحياة الأبدية ” (طروبارية العيد ).

أيها الأخوة الأحباء بالمسيح يسوع

تبتهج اليوم كنيستنا المقدسة بعيد الحدث الخلاصي المفرح للبشرية كافة ألا وهو ميلاد القائقة القداسة والدة الإله الدائمة البتولية مربم . لأن هذا الحدث هو ينبوع الفرح ، لأنه أشرق شمس العدل المسيح إلهنا من العذراء البتولية مريم .
إن حكماء العالم قد أنذروا مسبقا ً عن إشراق شمس العدل ، وكذلك الأنبياء القديسين قد سبقوا وتكلموا بعد أن لاحظوا من ذي قبل وبـجلى بيان هذه الحقيقة كما أعلنها النبي أشعياء البوق الإلهي العظيم : ” يعطيكم الرب الإله آية ، ها العذراء تحبل وتلد إبنا ً وتدعو إسمه عمانوئيل ( أشعياء 7: 14).

أما النبي حزقيال فيقول : ” فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقا ً لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقا ً ” (حزقيال 44: 2 ).
في كلام الأنبياء هذا ، لاحظ آباء الكنيسة القديسين وبإلهام خاص، البتولية الدائمة للعذراء والدة الإله مريم .

إن البتولية الدائمة لوالدة الإله مريم: هي الشكل الخاص والمميز الذي يساوي العلامة التي تقاوم للدعوة وللشركة فيه ( أي العذراء) يعني الدعوة بالروح القدس في سر تجسد كلمة الله ، أي خلاص الإنسان.

بالرغم من أن الحدث غير مدرك ، إلا أنه خاضع لشهادة ولتأكد من كلام الأنبياء ، وكذلك أيضا ً من أقوال الرب يسوع المسيح في الكتاب المقدس ، كما يقول المرنم إستفانوس إيجويوبوليس (إستفانوس الأورشليمي).
” اليوم حدث إبتداء خلاصنا يا شعوب. فها إن التي منذ الاجيال القديمة سبق تحديدها أما ً عذراء ، وإناء لله توافي مولوده من عاقر ، فقد نبتت زهرة من يسى وعصا من جذره “.

بكلام أخر مرنم الكنيسة يعلن لشعوب الأرض ، أنه اليوم يوم ميلاد والدة الإله أصبحت بداية لخلاص البشرية . فها إن العذراء نبطت من صخرةٍ عقيم ٍ لخلاص نفوسنا .

أيها الأخوة الأحباء ،

ولادة والدة الإله بالحقيقة بشرت مسبقا ً ، لإنجاز وتتميم بشارة دعوتها إلى خدمة سر التدبير الإلهي. أي تجسد كلمة الله . فولادة العذراء مريم لهي رباط قوي بدون إنقطاع ولا إنفصال مع سر خلاص الإنسان .

ولادة العذراء ، وهذا يتعلق أيضا ً بشكل غير مباشر مع حل لعنة الناموس ، هذه العنة التي فيها إشترانا المسيح الإله ، كما يقول الطوباوي بولس: ” المسيح إفتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة ” (غلاطية 3: 13).
بالإضافة وبشكل خاص ، تتعلق ولادة العذراء الدائمة البتولية مريم مع إبادة موت الخطيئة ، الموت الذي أدخل ليس محبة الله الكاملة ، لكن عدم الطاعة لمشيئة وإرادة الله ، وتعدي آدم القديم إلى وصايا الله ، كما يعلم الرسول بولس الحكيم : ” من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع ” .

القديس كيرللس رئيس أساقفة الأسكندرية يفسر كلام بولس الرسول هذا فيقول : ” الطبيعة أصبحت مريضة مع الخطيئة بعدم الطاعة للواحد يعني آدم ، هكذا أصبح كثيرون خطاة ، لكن ليس كأنهم أبيدوا سوية مع آدم ، لأنهم لم يكونوا موجودين معه أصلا ً ، لكن بسبب كونهم من نفس طبيعة آدم تلك الطبيعة التي سقطت تحت ناموس الخطيئة ” (باترولوجي جريكا 74.789 P.G ).

إن ولادة والدة الإله الدائمة البتولية مريم ، وبشكل واضح ، كما يقول مرنم الكنيسة : فإن الله قد أهداها الحرية أولا ً من ناحية والدها القديسين يواكيم وحنة إذ أعتقهما من عار العقرة ، وكذلك بالنسبة إلى الجدين الأولين آدم وحواء فقد أهداهم التحرر من موت الفساد أي الخطيئة ، هلموا إذا ً لماذا ولادة العذراء قد بشر الفرح للمسكونة كلها كما يعلن مرنم الكنيسة في طروبارية العيد المذكورة سالفا ً .

القديس يوحنا الدمشقي يمدح بطريقة ترنيمية وبطريقة موضوعية مجرى السياق لكل عيد يتعلق يشخص أم الله الفائقة القداسة فيقول : ” اليوم موسم بتولي يا إخوة . فلترقصن الخليقة طرباً وليزفنن الجنس البشري . فقد جمعتنا والدة الإله القديسة ذخيرة البتولية الطاهرة فردوس آدم الثاتي الناطق ، معمل إتحاد الطبيعتين ، موسم المصالحة ، الخدر الذي فيه إقترن الكلمة بالجسد ، السحابة الخفيفة حقا ً التي حملت بالجسد الجالس على الشاروبيم . ”

نعم أيها ألاخوة الأحباء

جمعتنا اليوم القديسة والدة الإله في هذا المكان المقدس ، من خلال الكنيسة لنشارك في هذا الإحتفال ( بالمصالحة الخلاصية ) فالإحتفالي يعني ( التجسد الإلهي ) حيث أن الله الكلمة أتم اقترانه بالبشرية من خلال دماء البريئة من كل عيب والدة الإله الدائمة البتولية مريم .

عظيم وعجيب فعلا ً بالحقيقة سر ولادة القديسة والدة الإله الذي نحتفل به اليوم .

فبتضرعات والدة الإله أيها المسيح إلهنا خلص نفوسنا ، وأغدق علينا سلامك وعدلك خاصة إلى هذا المكان الذي يخوض تجارب عديدة ومتنوعة ولجميع عالمك أيضا ً . آمين