1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رفع الصليب الكريم المحيي 27/9/2011

ليس من شيء أعجب من صليب المسيح, فان كل أعمال المسيح ومعجزاته عظيمة جدا وإلهية, بيد أن أعجبها كلها صليبه الكريم” كما يقول القديس يوحنا الدمشقي.
أيها الإخوة الأحباء بالمسيح يسوع
أيها الزوار الحسني العبادة
تحتفل كنيستنا المقدسة بهذه المعجزة, معجزة الصليب الكريم المحيي لمخلصنا يسوع المسيح, لأنه في هذا العيد المكرم احتفل القديس مكاريوس بطريرك المدينة المقدسة أورشليم برفع عود الصليب الكريم المحيي, الذي وجدته القديسة هيلانة المعادلة الرسل, عند زيارتها الأراضي المقدسة بحثا عن عود الحياة للفادي يسوع المسيح.
من أعظم معجزات السيد المسيح هو صليب المسيح الكريم المحيي, فهو اكبر العجائب قاطبة, لأنه وكما يقول القديس يوحنا الدمشقي: فلولاه لما بطل الموت أبدا, ولا انحلت خطيئة أبينا الأول ولا سلب الجحيم ولا منحت القيامة… ولا صرنا أبناء الله وورثته لولا كان بصليب ربنا يسوع المسيح, لان كل شيء اصطلح, ولذا فان الرسول بولس يقول: “إن كل من اصطبغ منا في يسوع المسيح اصطبغ في موته” و “نحن جملة من اعتمدنا في المسيح قد لبسنا المسيح”. و “المسيح قوة الله وحكمة الله”. فهوذا المسيح – أي صليبه – قد ألبسنا حكمة الله وقوته الاقنومية.
إن سر التدبير الإلهي, (أي تجسد كلمة الله), لم يعتبر أبدا انه مؤامرة قد أحيكت أو جهالة قد اعيثت, مثلما البس عود الصليب برفيرا كاذبا من رفض وصد, لكن الصليب, اظهر وبأجلي بيان قوة الله وحكمة الله, وذلك بالانتصار والغلبة: على قوى الموت والفساد وأبدية المقاوم الشيطان.
اليوم أصبحنا اكليروسا وشعبا مستحقين: للسجود للعود الكريم حقا والمستحق الذي قرب عليه المسيح ذاته مذبوحا لأجلنا, قد تقدس الجسد والدم الاقدسين. فلندخل إلى مساكن الرب, أي المكان حيث وطأت قدميه الطاهرتين, أي الجزء ألخلاصي, والقبر المعطي الحياة.

لأنه السر العظيم الخلاصي للإنسان ، تكمل مع الموت الصليبي لكلمة الله وقيامته من بين الأموات .
من ناحية أخرى يؤكد هذا الحدث من الرسول بولس الذي يقول بشكل قاطع : ” ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ً لليهود عثرة ولليونانيين جهالة” (1 كورنتوس 1: 23).

نعم أيها الأخوة والأحباء

صليب المسيح هو عثرة وجهالة ، فنحن نتسائل لمن يكون الصليب إذا ً عثرة ُ وجهالة ٌ؟ !
الصليب يكون عثرة وجهالة ، ااذين ينكرون وجود الله وخاصة الذين يفحصون السر الإلهي وخاصة سر التدبير الإلهي بالمسيح. بدون قوة الإيمان.
” فإنه لا يمكن الخلاص بدون الإيمان. وبالإيمان يقوم كل شيء بشريا ً أم روحيا ً … فبلإيمان نفهم خروج كل شيء من العدم إلى الوجود بقوة الله، وباالإيمان نقدر كل الإلهيات والبشريات قدرها. فإن الإيمان إقتناع لا يتخلله أبحاث فارغة” (القديس يوحنا الدمشقي).
الإيمان عمليا ً هو إقتناع بدون أبحاث ، أي بدون فحص وتنقيب لمجرد التنقيب والفحص. لكن بالأحداث والأشياء التي تتعلق بالأمور الإلهية، أي قوة الله. ” لأن كل ما يتعلق بالله هو فوق الطبيعة والنطق والتفكير”. يعلم القديس يوحنا الدمشقي عند كرازته للقديس بولس الحكيم في رسالته إلى أهل كورنتوس( 1كو 1 : 18, 19-21 ) قائلا ً: ” فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله ، لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء” (أشعياء 29: 14). ويستمر بالقول أيضا ً : ” لأنه إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة. إستحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة”.
بكلام أخر ، الإيمان بصليب المسيح يتضمن فحوى الكرازة والتعليم الخلاصي للإنسان . بشكل محدد هذه الكرازة تحوي المكان والطريقة لخلاص الإنسان. فالمكان هو الجلجثة أي الكنيسة حيث غرس الصليب وأسكب عليه دم الفادي الإلهي الثمين : أما الطريقة فهي المأكل والمشرب لجسد ودم المسيح القائم من بين الأموات بقوة الصليب المعطي الحياة.

صليب المسيح أيها الاخوة الأحباء يعني : التواضع في أبعد حدوده” فمن يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع”. (متى 23: 12 ).

هذه بالتدقيق قوة وعمق وغنى التواضع ، صليب المسيح يشمل قوة وعمق وغنى التواضع ، فالمسيح وكما يكرز من خلاله الرسول بولس يقول : ” وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب . لذلك رفعه الله أيضا ً وأعطاه إسما ً فوق كل إسم “. (فيلبي 2 : 8-9 ).

لقد أصبحنا مستحقين لهذا الرسم ، يعني الإسم الخلاصي للمسيح الذي صلب بالجسد وقام من بين الأموات ، ومع مرنم الكنيسة نصرخ ونقول:
” أيها المسيح لأجلنا إستقبلت الدينوية … وصعدت على الصليب الكريم ، فأنت الآن أهدنا صليبك الكريم المدافع والمحامي عنا ، والذي يطرد الشياطين ويصدهم ، فإننا جميعا ً نحتضنه بشغف ٍ ووقار صارخين إليه: خلصنا أيها الصليب بقوتك ، قدسنا أيها الصليب بلمعانك ، قوينا عند إرتفاعك ، لأنك وهبت لنا النور المحيي المؤدي لخلاص نفوسنا .

كل عام وانتم بخير