1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة إنتخاب المجلس الجديد في الناصرة 23/11/2011

“فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل ، فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح “. هكذا يقول بولس الحكيم (2 كورنتوس 12 :9) .

أيها الاخوة الأحباء بالمسيح يسوع ،

نعمة الله والقوة التي حلت على والدة الاله وأم الله جمعتنا كلنا إكليروسا ً وشعبا ً في هذا الإحتفال التمجيدي والشكري ، أي الإفخارستي بمناسبة حصول مجلس الطائفة المحترم الذي أهل بصورة شرعية وكاملة لمرة أخرى ، لإدارة كنيستنا كنيسة البشارة في مطرانية الناصرة .

إن التاريخ البشري على مدى عصوره لا ينكر أو يرفض حقيقة وجود الكنيسة التي هي جسد المسيح الإله – الإنسان ، فهذه حقيقة دامغة وواقع أكيد . يسقط أمام أصالتها كل تحد وكل إنكار ذميم في هذا الزمان الحاضر أو في الماضي القديم.

بالنسبة لهذه الحقيقة : فإن الشهادة الصادقة ما هي إلا للكنيسة ، كنيسة المسيح وبالأخص بطريركية الروم الأرثوذكس الأورشليمية الأصلية في إنتمائها التاريخي والروحي والتبشيري والمسكوني.

شهادة البطريركية الأورشليمية نابع من معين الخبرة الرسولية والكرازية الخلاصية حسب الرسول بولس : فمن خلالها أعطي شوكة في الجسد لئلا يفتخر (2 كور 12: 7) ، وكذلك حسب إعترافه هو : ” من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن تفارقني عذع الشوكة . فقال لي : تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل ” (2 كور 12 : 8-9 ).
هذه الشوكة ( في الجسد) نحملها نحن أيضا ً الذين من خلال رحمة الله أهلنا لنكون خدام وشهداء للمسيح في خلافة السدة الرسولية ليعقوب أخي الرب . نقول هذا لأنه نحن كأناس خاملين ، حاملين سمات الجسد وساكنين في العالم ، لذا فنحن نعتبر كلا شيء من خلال تفحصنا لنفوسنا وقدراتنا ، وايضا ً لم ولن نستطيع أن نعمل شيئا بدون مؤازرة النعمة الإلهية وقوتها التي تكمل ضعفاتنا. هذا هو بالتدقيق القوة الواعدة من المسيح إلى تلاميذه ورسله الأطهار ، فهو المكون الإلهي لكنيسته وهو القائل ” لكنكم ستنالون متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا ً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض” (أعمال 1: 8).

نعم أيها الأخوة الاحباء ،
حضور المسيح يعني الشهادة الحية للمسيحية في الأرض المقدسة من خلال الكنيسة ، هي عمل قوة الروح القدس الذي حل على أولئك الذين يتحملون سر الايمان – بالمسيح المصلوب والمقام – بضمير نقي كما يقول بولس الحكيم : ” ولهم سر الايمان بضمير طاهر” ( 1 تيمو 3 : 9 ).
بكلام أخر أيها الأخوة الأحباء، لا يكفي الإعتراف بإسم المسيح بالشفاه فقط ” ليس كل من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات ، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات” ( متى 7: 21).
هذا يعبر عن الرياء ، كما يقول السيد المسيح في لسان أشعياء النبي : ” يا مراؤون حسنا ً تنبأ عنكم إشعياء قائلاً: يقترب إلي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيدا ً . وباطلا ً يعبدونني” (متى 15: 7-9).

إخوتي الأحباء

هذا وقت لنستفيق ، يعني أن نعود إلى نفوسنا كوننا نعيش من خلالها في أوقات وأزمنة صعبة كما يقول بولس الرسول : ” لأن الناس يكونون محبين لأنفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدفين غير طائعين لوالديهم، غير شاكرين دنسين … محبين للذات دون محبة الله ، لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها وقوة الايمان القويم ” (2 تيمو 3: 2-5).
لنا هذا الكنز المنير والكلي المجد لهذه المعرفة، كما يقول الرسول بولس: هذه الإنارة داخل جسدنا المتفكك الترابي، تؤكد وتثبت عظمة القوة وفعلها التي تغلب ل القوى والمخاطر والحواجز، هذه الإنارة مصدرها الله ، لا الإنسان بضعفاته وسقطاته وأوهانه . ” لكن لنا هذا الكنز في أواني خزفية ليكون فضل القوة لله لا ن ” (2 كور 4: 7) .
الاواني الخزفية التي داخلها الكنز الالهي الذي لا يقدر بثمن هي كنيسة المسيح. ففي هذا الوضع الراهن الخصوصي من الناحية الإجتماعية السياسية للمسيحيين في الشرق الاوسط ، وخاصة المسيحيين القاطنين في الأراضي المقدسة هذا الكنز هوبطريركية الروم الارثوذكس الأورشليمية . يعني الكنيسة للأماكن المقدسة ، ففيها الشهادة لبشارة العذراء في الناصرة والشهادة للحدث الميلادي المقدس والعجيب في بيت لحم ، والصليب والقيامة لإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح في أورشليم .
” هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الأخوة معا ً ( مز 132: 1).
هوذا فعلا ً يقول النبي داوود ما أحلى وما أجمل أن يسكن الأخوة سويا ً بتناغم وانسجام وتوافق.
وما أحلى وما اجمل أن يسكن الأخوة معا ً فيما يكون مرتبطين لا بقرابة طبيعية بل برباط الايمان لا بالقرابة الطبيعية بل برباط قوة الروح القدس حسب ما يقول المرنم .
نحن حاملين كنز القوة الإلهية التي تكمل بالضعف ، مجد وشكر نرسل الى ابن الله الآب وابن العذراء مريم ربنا يسوع المسيح . أمين