1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رؤساء الملائكة في مدينة يافا 21/11/2011

“لقد جعلت الجوهر العاري من الجسد باكورة مخلوقاتك يا صانع الملائكة ، تحتف حول عرشك الطاهر هاتفة قدوس قدوس قدوس أنت يا الله الضابط الكل ” . (الأودية الأولى – صلاة السحر).

هكذا يقول مرنم الكنيسة قديسنا يوحنا الدمشقي .

ايها الاخوة الأحباء بالرب

أيها المسيحيون الحسني العبادة

اليوم تحتفل ألاجواق الملائكية سريا ً بالسماوات . وكنيسة المسيح تبتهج على الأرض ، وذلك لأنه تقدم الآن إلى هيكل الرب والدة الإله الهيكل الذي وسع اللاهوت ، وأيضا ً بمناسبة العيد الحافل لرئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل ولسائر القوات العلوية غير الهيولية ، الملائكة السماوية غير المتجسدة .

تكرم كنيستنا الارثوذكسية المقدسة وبشكل خاص الطغمات الملائكية السماوية للجواهر غير المتجسدة ، والقديس يوحنا الدمشقي يمدنا ببعض الحقائق الهامة …” ومن ثم إن الملاك جوهر عقلاني، دائم الحركة، مطلق الحرية، لا جسم له ،يخدم الله ويتمتع في طبيعته بنعمة الخلود . أما نوع جوهره وتحديده فلا يعرفها إلا الخالق وحده. ويقال فيه بأنه لا جسمي ولا مادي ، وذلك بالنسبة إلينا ، لأن كل شيء بالمقابلة مع الله – الذي هو وحده ليس من يضاهيه – يبدو كثيفا ً وماديا ً . وبالحقيقة إن اللاهوت وحده منزه عن المادة والجسم.

وأيضا ً يستمر قديسنا يوحنا الدمشقي قائلا ً : ” وعليه إن طبيعة الملاك ناطقة ٌ وعاقلة ٌ وحرة ٌ ، متقبلة الرأي ، أي متحولة الإرادة ، فإن كل مخلوق متحول ٌ ، وغير المخلوق وحده لا يتحول . وكل ناطق حر . فإئذا ً ، بما أن طبيعته ناطقة فهي حرة ، وبما أنها مخلوقة فهي متحولة ، لها المقدرة على البقاء والتقدم في الصلاح وعلى التحول إلى الشر”.

تكرم كنيستنا وبشكل خاص الطغمات الملائكية ورؤساء الملائكة ، لأن بولس الإلهي يصفهم قائلا ً : ” أليس جميعهم أرواحا ً خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عبرانين 1: 14).

بكلام ، الملائكة هم أرواح مهمتهم الخدمة ، أنظر القديس يوحنا الدمشقي يقول : ( كم هي دالتهم العظمى لدى الجالس في الأعالي ، لكن الملائكة يخدمون الله هنا على الأرض ) ، يلاحظ الذهبي الفم أن القديس بولس لم يقل إن الأرواح خادمة للناس ، لكن خدمة الملائكة تقتصر على خدمة الله من أجل خلاص الجنسي البشري.

حسب الأب يوحنا الدمشقي : ” هم أقوياء ومستعدون لتلبية مشيئة الله . ولسرعة طبيعتهم يوجدون فورا ً حيثما تدعوهم إشارة منه تعالى. وهم يحافظون على قطاعات الأرض ويعتنون بالشعوب والمواضع حسب ما رتبه لهم الخالق ويسوسون شؤوننا ويغيثوننا. وهم يقيمون بكليتهم في حضرة الله لأجلنا تلبية ً لمشيئته وأمره “.

الملائكة أرقى من البشر ، فهم يوجدون حول العرش الإلهي، لأنهم يقطنون السماوات، ولهم عمل وحيد وهو الترنيم والتسبيح في حضرة الله، وخدمة المشيئة الإلهية. وهذا بالتدقيق الخدمة والأعمال التي تقوم بها الأجواق الملائكية ، ويؤكد على ذلك النبي داود في ترنيمة : ” الصانع ملائكته أروحا ً وخدامه اهيب نار” (مز104: 4) . ومن الجدير بالذكر أيضا ً فإن حدث خلق الملائكة كان إبداع الخليقة، فصنع الله الملائكة أولا ً ، مثلما يقول الأب الدمشقي الذي يستند على أقوال القديس غريغوريوس اللاهوتي : ” لقد فكر الله بالقوات السماوية والملائكية ، وهذا التفكير هو عملا ً بالحقيقة . ويستند الدمشقي تباعا ً لنفس المصدر ويقول ” لأنه كان يليق أن يخلق الجوهر العقلاني أولا ً ، ثم الحسي ، وأخيرا ً الإنسان نفسه ، من كلا الجوهرين ( العقلي والحسي)”.

أيها الأخوة الأحباء:

أصبح الملائكة والناس سوية ً كنيسة السماوات والأرضيات بشخص كلمة الله المتجسد يسوع المسيح ، كما يرنم القديس يوحنا الدمشقي : ” إياك نعظم بلا فتور أيها المسيح ، يا من ضم الأرضيات إلى السماويات وألف كنيسة واحدة من الملائكة والبشر” .

رئيسا الملائكة ميخائيل وجبرائيل اللذان نكرمهما ليتروجيا ً وإقخارستيا ً وجميع الطغمات الملائكية : السيرافيم والشيروبيم والكاروبيم ، الأرباب، والقوات ، والسلطات ، والرئاسات، ورؤساء الملائكة والملائكة ، هؤلاء يعتبروا التكوين والوجود للكنيسة الإلهية الإنسانية من المصدر أي الجوهر . فالكنيسة تميز كمدينة منظورة وغير منظورة ، أرضية وسماوية ، كنيسة مجاهدة ومنتصرة ، مواطنة ليست باقية ، ومواطنة عتيدة .

بالنسبة لهذه المدينة الرسول بولس يذكر ذلك قائلا ً : ” لأن لبس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة ” ( عبرانين 13: 14 ). وكذلك يذكر الرسول بولس في مكان آخر : ” فأن سيرتنا نحن هي في السماويات التي منها أيضا ً ننتظر مخلصنا هو الرب يسوع المسيح ، الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل إستطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء” ( فيليبي 3: 20-21).

أما في الإنجيل بحسب القديس لوقا فالسيد المسيح يقول: ” رأيت الشيطان ساقطا ً مثل البرق من السماء ، ها أنا أعطيكم سلطانا ً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو … ولكن لا تفرحوا بهذا بأن الأرواح تخضع لكم بل إفرحوا يالحري بأن أسمائكم كتبت من السماوات ” ( لوقا 10 :18-20).

إفرحوا لأنه قد كتبت أسمائكم في السماوات بحسب إيمانكم ، وهكذا أنتم مسجلون كمواطنين بجميع الحقوق التي تشمل كل الخيرات في مدينة ملكوت السموات.

تمتلئ الطغمات الملائكية المقدسة ، وخاصة رئيس الملائكة ميخائيل من ذروة الفرح الذي ينبع من تسجيل أسماء الملائكة إلى السموات. فالملاك ميخائيل الغني عن التعبير كما يمدنا السنكسار فإنه دائم الشكر نحو العظمة الإلهية كعبد مؤمن ، مظهرا ً مدى اهتمامه بالجنس البشري وتبنيه لهم ، لذا يعتبر الاول في الترتيب الملائكي وأن الخالق قد جعله أول رؤساء الطغمات الملائكية .

لما نظر الملاك ميخائيل أن الجاد (الشيطان ) قد سقط من السماء اجتمع مع باقي الأجواق الملائكية. قائلا ً : لنصغ . فرنموا بصوت جوهري للضابط الكل قائلين : قدوس قدوس قدوس أنت يا الله مدبر الكل.

ونحن ،متضرعين بحرارة لرؤساء الملائكة ، جبرائيل خادم سر تجسد الله ، وميخائيل المتقدم على الصافات الغير الهيولية ، ومع المرنم لنقول : يا والدة الإله المباركة والطاهرة الممتلئة من النعمة الإلهية ، ولدت من أحشائك ضابط الكل ومع القوات العليا الملائكية وكل القوات غير المتجسدة ، تشفعي لأجلنا لنحصل على السماح والرحمة والغفران لخطايانا وترميم مسلك حياتنا ، لكي نجد رحمة وسلام لدى المسيح الإله .

كل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر على يد شادي خشيبون