كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيفيلوس الثالث بمناسبة ترميم كنيسة القديس باتريكيوس – الجديدة 26/11/2011

قال الرب ” أنا الباب إن دخل بي احد فيخلص ويدخل ويجد مرعى, السارق لا يأتي ليسرق ويذبح ويهلك, وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة ولتكون لهم أفضل, أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف” (يوحنا 10 9-11).
أيها الأحباء بالمسيح يسوع
أيها المسيحيون الحسني العبادة
النعمة الممتلئة قوة, قوة الروح القدس, جمعتنا اليوم في هذا الهيكل المقدس والذي يحمل اسم القديس الشهيد بالكهنة أسقف بروصة باتريكيوس, في هذه البلدة الأبية, الجديدة, لنشكر الراعي الصالح مخلصنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه من اجل الخراف الناطقة. ولأجل جميع البشر. وأيضا في اجتماعنا ألشكري والليتروجي هذا بذكرى القديس العظيم في أباء الكنيسة العظام ومعلمي المسكونة, القديس يوحنا الذهبي الفم رئيس أساقفة القسطنطينية.
إن السيد المسيح عند معاينته تلاميذه الأطهار قيل لهم: ” أنا هو الباب, إن دخل بي احد فيخلص”. القديس يوحنا الذهبي الفم الذي يفسر هذا الكلام الإنجيلي يقول:” لقد دعي المسيح نفسه بابا, والباب هنا يرمز إلى الكتب المقدسة, تلك الكتب المرشدة إلى المعرفة الإلهية, والجديرة بان تحولنا إلى خراف ناطقة, حافظة ايانا باتم حفظ”.
وحسب القديس كيرللس الاسكندري, الباب هو الإيمان الذي من خلاله فقط يتم دخولنا إلى ملكوت الله الأب, ومعه نلتصق بعلاقة اتحاد حميمة”.
القديس كيرللس وهو يشرح كلام الرب: “أنا هو الراعي الصالح, والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف” يقول: “المسيح هو الراعي الصالح ومن خلاله نحن نأتي إلى الإرشاد والحكم والرئاسة للرعية الناطقة”, والمسيح الذي يعتبر الباب, سيستقبل في الساحة المقدسة والإلهية النفوس الطاهرة والنقية, اللابسون حلة العرس. ومن ناحية ثانية سيمنع كل من هو غير مناسب أو لأدير للدخول من الباب إلى الداخل”. وهو يسمي نفسه الراعي الصالح حقا.
بكلام أخر أيها الأحباء, المسيح هو الراعي الحقيقي لكلمة الله, أي انه الأسقف الحقيقي ورئيس الرعاة, أما الأساقفة فهم خلفائه بشكل مباشر, فالقديس الرسول يعقوب اخو الرب سيم من قبل مخلصنا يسوع المسيح كأول أسقف ليجلس على السدة البطريركية للكنيسة الأورشليمية, وطبعا للكنيسة المسكونية.
كنيسة المسيح هو المكان الآمن للخراف الناطقة, أي لأولئك الذين من خلال المعمودية المقدسة والميرون, وختم وموهبة الروح القدس يصبحون أعضاء جسد المسيح أي الكنيسة المقدسة, كما يعلمان الحكيم بولس : “وأما انتم فجسد المسيح وأعضاءه أفرادا, فوضع الله أناسا في الكنيسة أولا رسلا, ثانيا أنبياء, وثالثا معلمين…” (1 كور 12: 27-28).
يقول السيد المسيح لتلاميذه وللجميع, وبطريقة واضحة ولجلية “انا هو الراعي الصالح”. لكي يحفظنا من الرعاة الكذبة السراق.
وكيف أيها الإخوة الأحباء نميز الراعي الصالح من الراعي الطالح, والراعي الأمين من الراعي الخائن السارق.
الراعي الصالح الحقيقي والأمين هو الراعي الذي يبذل نفسه عن الخراف, يقول الرسول بطرس: وضع على نفسه الخطايا وقدم من خلال جسده ذبيحة عن خطايانا على الصليب, وأصبحت هذه الذبيحة منبعا للحرية الحقيقية, وهكذا أصبحنا غرباء في أنفسنا عن الخطايا, إذ نعيش مستقبلنا سالكين دروب العدالة مقتنين سلم الفضائل. “الذي بجلدته شفيتم”, الحكيم بطرس يستمر قائلا: لأنكم كنتم كخراف ضالة, لكنكم رجعتم ألان إلى راعي نفوسكم وأسقفها.
الأساقفة والكهنة لكنيسة المسيح الذي عينوا من قبله, هم الذين يعتنون من اجل خلاص نفوس الخراف الناطقة.
المسيح حقا أيها الأخوة الأحباء, كما يقول كليمس الاسكندري هو “المحامي المدافع عن نفوسنا” . هيا بنا لنرى وصية القديس بولس القائل: “أطيعوا مرشديكم واخضعوا لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حسابا لكي يفعلوا ذلك بفرح لا أنين لان هذا غير نافع لكم”. (عبرانيين 13:17).
زيغافينوس الذي يفسر كلمات الرسول “يقول بولس: “مرشدين” أي الأساقفة والمعلمين أي الحكام الروحيين والرؤساء في الكنيسة”.
إن القديس بولص يحذر جميع المؤمنين ألا يسلكوا بطريقة تحزن قلوب ونفوس الأساقفة والرؤساء وألا يكونوا غير طائعين للمدبرين. بتركهم التعاليم الخلاصية المقدسة الحقيقية, والانصياع وراء تعاليم مضلة وغريبة, تفتقدهم طريق الخلاص, وتقودهم إلى العبودية وتقيدهم بأغلالها.
نعم أيها الأحباء, لا ينبغي أن نترك تعاليم كنيستنا. ونلتصق بتعاليم غريبة ومضلة, تلك التعاليم التي تجعل مساواة بين روح الحق وروح الباطل, والتي تعتبر الشيئين المتناقضين شيئا واحدا.
لنرى ما يقول القديس يوحنا الإنجيلي: “أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح, بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لان أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم… وكل روح لا يعتيف بيسوع المسيح انه قد جاء بالجسد فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم انه يأتي وألان هو في العالم (1 يوحنا 4 1-2).
كيف نميز روح الحق من روح الظلم والباطل, يعطينا الإنجيلي يوحنا الجواب لذلك, فيقول: نحن الرسل, والأساقفة والمعلمون للإنجيل قد خلقنا من الله ونحن نستمد روح الحق من الله… فالذي ليس من الله, ولم يولد ثانيه بالروح (بالمعمودية), ولا يسمع ولا يقبل تعاليمنا المقدسة, فهو من روح الباطل, بهذه الطريقة نستطيع أنا نميز ذلك من خلال روح الله المرشدة إلى الحقيقة, وبين روح المضاد والمقاوم الذي يرشد إلى الظلمة, من هذا نعرف روح الحق (المسيح) وروح الضلال (الشيطان).
وبشكل مطابق بزغ لنا اليوم رئيس أساقفة ممسوح من الله, مستمدا تعاليمه من السماء, والذي سار في منهج وفكر الرسل الأطهار, متمسكا بالتعاليم الابائية الخلاصية, إلا وهو القديس يوحنا الذهبي الفم ومع المرنم نقول :”لقد انسكبت النعمة على شفتيك أيها الأب البار يوحنا الذهبي الفم. فمسحك الله رئيس كهنة لشعبه لترعى رعيته بالبر والعدل, فلما تقلدت سيف القوي حسمت تشدقات الهراطقة المبتدعين, فنسألك ألان أن لا تنفك متشفعا في سلام العالم وخلاص نفوسنا”.
عظيم أيضا قديسنا المعترف بالإيمان القوي, إيمان مخلصنا يسوع المسيح المحامي لبلدتكم ولطائفتكم القديس باتريكيوس الشهيد في الكهنة أسقف بروصة الذي اقتدى برئيس الرعاة, المسيح, باستشهاده من اجل محبة المسيح بإراقة دمائه الزكية كما يقول مرنم الكنيسة: “باتريكيوس انت رئيس للكنيسة, وضعت نفسك لأجلها مع الشهداء اكاكيوس, وميناندروس, وبولي اينوس الإلهي. حيث أصبحتم حكماء بالأيمان وغدوتكم منشدين الابتهالات للرب الإله, فتشفعوا إلى المسيح الإله في خلاص نفوسنا”.
وكل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر على يد شادي خشيبون