1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس ثاوذوسيسوس 24/1/2012

“ان سابق المسيح فرع اليصابات ابنة هارون قد جاء من البرية, اما ثاوذوسيسوس فانه بعد ان اعتمد بالروح القدس في جرن المعمودية تبع المسيح, فتوطن البرية” (القانون: الاوذية الاولى – صلاة السحر).
ايها الاخوة الاحباء بالمسيح
ايها المسيحيون الحسني العبادة

تفرح السماوات وتبتهج الارضيات بعيد زمن الظهور الالهي, تفرح وتبتهج سويا كنيستنا الاورشليمية المقدسة, بالتذكار الاحتفالي لابينا البار ثاوذوسيسوس رئيس الاديار الذي ولد بالروح القدس في جرن المعمودية الالهي. وكما يقول المرنم: اصبح متوطن البرية, وقد تبع واقتدى بمخلصنا يسوع المسيح.
فعلا, فان البار ثاوذوسيسوس ظهر مقتديا بيسوع المسيح, لانه استلم نعمة الروح القدس غير المغلوب, التي من خلال طاقة وقوة الروح القدس, قهر الشيطان, قتام الظلام الشرير. هذا الشيطان الذي لم يتردد ان يقاوم المسيح نفسه عندما جربه بعد العماد: “اما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس… وقال له ابليس ان كنت ابن الله فقل لهذا الحجر ان يصير خبزا. فاجابه يسوع قائلا: مكتوب ان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله” (لوقا 4: 1-4).
القديس كيرللس الاسكندري الذي يفسر هذه الكلمات, ينظر ويقول: (انظروا هنا, ارجوكم, طبيعة الانسان ممسوحة بنعمة الروح القدس في المسيح كباكورة, ومتوجة باعلى الكرامات, … ولكن الذي هو البكر في وسطنا, حينما صار هكذا بكرا بين اخوة كثيرين… فكان اول من حصل على الروح, رغم انه هو نفسه معطي الروح القدس… ولانه لم يستح بالمرة ان يدعونا اخوة نحن الذين اخذ شكلنا لذلك اذ قد نقل فقرنا الى نفسه, فانه يتقدس معنا رغم انه هو نفسه مقدس الخليقة كلها,…. لانه قد صار جسدا واصبح انسانا, لا لكي يتحاشى كل ما يخص بحالة الانسان ويحتقر فقرنا, بل لكي نغتني نحن بما هو له, وذلك بانه قد صار مثلنا في كل شيء ما خلا الخطيئة).
بكلام اخر ايها الاحباء
القديس ثاوذوسيسوس وهو يسمع ويصغي لكرازة المسيح الذي ابتدا بعد عماده بنهر الاردن: “… توبوا فقد اقترب ملكوت السموات” (متى 17:4). هذه الكرازة جعلته ياتي الى هذا المكان “موطن البرية” كيوحنا المعمدان اخر, لينشىء عمله الروحي من اجل صعوده وصعود النساك الذين معه الى ملكوت السموات.
“لقد ماثلت المسيح الذي طاطا هامته للسابق في الطاعة والتواضع الحميد ايها الاب ثاوذوسيسوس, فارتقيت نحو برج الفضائل الراسخ” (الطروبارية الرابعة – صلاة السحر).
بتدقيق, في برج الفضائل الراسخ هذا يعني السلم الخلاصي لوصايا المسيح, صعد ايضا ابينا البار ثاوذوسيسوس, كذلك جهز وهيىء نفسه لمرحلة انتقالية من هذه المدينة الارضية الفاسدة, الى المدينة السماوية الخالدة, حسب تعليم بولس العظيم: “لان ليس لنا هنا مدينة باقية, لكننا نطلب العتيدة” (عبرانيين 13:14).
من خلال عمادنا واقتدائنا بالمسيح, وجسده اي الكنيسة, فان هدفنا ومطلبنا الاوحد والوحيد… المدينة السماوية الدائمة, نقول هذا لان المعمودية ما هي الا تكملة كل بر.
“ولما اعتمد المسيح فانه قدس كل طبيعة المياه, ولما دفن في مياه الاردن كل خطايا البشرية, صعد مباشرة من المياه, مجددا الانسان الذي كان باليا من جراء اطمار الخطيئة, معيدا, ومعطيا, ومنعما له بملكوت السموات حسب قول سنكسار الكنيسة”.
المعمودية فعلا هي تكملة لكل بر. لانه سر الفداء في التدبير الالهي, تم من خلال الدم والماء الذي خرج من جنب بيسوع المسيح المصلوب البريء من الدنس, من جراء طعنة الحربة.
كارز ومعلم للاهوت, ولسر التدبير الالهي, هكذا اصبح ساكن الصحراء, المبادر الاول لحياة الشركة النسكية, ابينا البار ثاوذوسيسوس, كما يقول مرنم الكنيسة “اننا نتذكر تعاليمك يا ثاوذوسيسوس, فنكرز بالمسيح ذا جوهرين, ونعتقد بمشيئتين وفعلين وسلطتين مستقلتين في الاله الذي اعتمد بالجسد” (اوذية 9, صلاة السحر).
البار ثاوذوسيسوس الذي نكرمه اليوم في هذا المكان, حيث مدينة الشركة النسكية, لم يكن ابدا معلم للبرية فقط, لكنه كان ايضا معلم الايمان الصحيح, والايمان الخلاصي, للذين يهتمون بالطريق الارثوذكسي اي الطريق المستقيم الراي. للساجدين لله بالروح والحق. هذا برهن للجميع وللابد ان ابينا البار ثاوذوسيسوس من خلال تمرين العمل والثيؤريا, وبايمان اباء الكنيسة حاملي الله, ونساك الشركة في زمانه مثل القديس سابا المتقدس, والقديس افثيميوس الكبير, والقديس ثيوكتيستوس وغيرهم, برهن عن تمام ايمانه بالله الكلمة, مخلصنا يسوع المسيح الذي تجسد وتانس من دماء العذراء النقيه الطاهرة.
بهذا الايمان, ايمان الرسل القديسين, وايمان الاباء معلمي المسكونة وحاملي الروح, وايمان شهداء محبة المسيح, وايمان نساك البراري ومعلميها. :تكرز وتعترف كنيستنا المقدسة الارثوذكسية, التي هي الضمان الاكيد للطاقة العلاجية التي تتدفق من ينبوع رفات القديسين غير الفاسدة, المستمدة من القوى غير المخلوقة لمخلصنا يسوع المسيح الاله الحقيقي, الذي اعتمد في نهر الاردن من اجل خلاصنا.
“لقد زينت نفسك بالامساك والاتعاب والصلوات على ما يليق بالله, يا ثاوذوسيسوس السعيد الذكر المتوشح بالله. فاصبحت شريكا للابرار. ونلت مواهب فعل العجائب حقا لتشفي امراض الذين يكرمونك عن ايمان. فاضحيت تطرد جماعات الابالسة وتمنح بالنعمة الاشفية للناس. فتشفع الى المسيح الاله طالبا ان يمنح غفران الزلات للمعيدين بلهفة لتذكارك المقدس.”

وكل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون