1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس سمعان الشيخ

أيها الأخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون الحسني العبادة

القديس الذي نكرمه في هذا اليوم ، الصديق سمعان الشيخ القابل الإله، جمعنا كلنا اليوم في هذا المكان المميز والفريد ، كونه بيته ومدفنه الخاص.
هذا الحدث الإحتفالي الذي مدنا به القديس لوقا الإنجيلي البشير : هو التكملة لسر التدبير الإلهي ، يعني سر ولادة كلمة الله المسيح من العذراء مريم قبل أربعين يوما ً في مدينة بيت لحم اليهودية . وهي فعلا ً تكملة لسر التدبير الإلهي لأنها حسب قول مرنم الكنيسة:
” لقد ظهر الرب شمس البر نور إعلان للأمم ، جالسا ً على سحابة خفيفة . ليتم ظل الناموس ويعلن بدء النعمة الجديدة . ولما عاينه سمعان هتف يقول : أطلقني من البلى فإني أبصرتك اليوم ” .
بكلام أخر ، الشيخ سمعان وهو يحمله المسيح على ذراعيه ، أصبح شاهد عيان لتكملة ظل الناموس وبدء النعمة الجديدة . فالنعمة الجديدة ما هي إلا حرية الإنسان بالمسيح، وإنعتاقه من عبودية الشيطان فالخطيئة والفساد الناتج عنها ، كل ذلك من خلال قيامة المسيح الظافر كما يقول مرنم الكنيسة :
” إفرحي يا والدة الإله العذراء الممتلئة نعمة ، لأنه منك أشرقت شمس البر المسيح إلهنا لينير الذين في الظلام. فافرح أنت أيها الشيخ سمعان الصديق بحملك على ذراعيك محرر نفوسنا ومانحنا البعث والقيامة “.
هلم لنرى كنيستنا تجاهر من خلال فم مرنمها :
لينفتحن اليوم باب السماء ، الكامل يفرغ ، الذي قبل الدهور يبدء ، الكلمة يتجسد ، الخالق يخلق ، الغير موسوع يوسع ، الغير المتحيز يتحيز طوعا ً بالجسد لا باللاهوت.
سمعان الشيخ بارك الله قائلا ً ” الان تطلق عبدك ايها السيد حسب قولك بسلام . لأن عيني أبصرتا خلاصك ، الذي اعددته قدام وجه جميع الشعوب نور اعلان للامم ومجدا ً لشعبك إسرائيل . كذلك باركهما سمعان وقال لمريم أمه : إن هذا وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامة تقاوم “.

نعم أيها الأخوة
إن يسوع هو هو أمس واليوم والى مدى الدهر ، إنه النور المعلن للأمم والعلامة التي تقاوم .

هذا يحدث لأن الله الأب هو نور بشخص مخلصنا يسوع المسيح ، ينير كل انسان آتياً إلى العالم . أما لقاء الإنسان مع المسيح فإنه يتم بمحض إختياره الحر، لأن الله روح . والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أم يسجدوا . الروح الإلهي ، أي الروح القدس هو روح الحقيقة في المسيح ، وروح المسيح الحق . ” تعرفون الحق والحق يحرركم ” (يو 32:8).
كنيسة المسيح هي الهيكل لتكملة النعمة الجديدة للمسيح . وأيضا ً الرؤية لإكتشاف تكملة النور، أي النور غير المخلوق حيث المجد الذي تجلى به المسيح ، هذا المجد الذي ينتظرنا كلنا جميعاً ، خاصة في مرحلة إستعدادنا للقيامة من سقطاتنا ، وقيامتنا مع فادي نفوسنا ربنا يسوع المسيح .
وكما يقول القديس كيرللس الاسكندري : إن المسيح لأجل مساعدتنا إتخذ نوعا ً من التكيف ، فالكلمة الإلهي صار إنسانا ً ، كما يقول بولس الحكيم جدا ً : ” الذي اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا ً لله ، لكنه أخذ صورة عبد صائرا ً في شبه الناس ، ووضع نفسه الى الفقر”. غابحثوا اذاً ، من هو ذلك الذي كان أولا ً في صورة الله الآب ، وهو في الحقيقة مساوٍ له ، ولكنه أخذ صورة عبد ، وحينئذ صار إنسانا ً ، والى جانب ذلك جعل نفسه فقيراً . هل هو الذي من نسل داود كما يجادلون ، الذي يعتبرونه منفصلا ً بنفسه كإبن أخر ، مختلفا ً عن كلمة الله الاب ؟ إن كان كذلك فدعهم يبينون متى كان مساوياً للآب ؟ دعهم يبينون كيف اتخذ صورة عبد ؟ أو ماذا سنقول عن ماهية صورة العبد تلك ؟ وكيف أخلى نفسه ؟
فهل يوجد ما هو أفقر من الطبيعة البشرية ؟ لذلك فالذي هو صورة الله الآب وشبهه والتعبير الوضح عن شخصه ، والذي يشع ببهاء في مساواة معه ، والذي هو بالطبيعة حر . ونير ملكوته موضوع على كل الخليقة ، هذا هو نفسه الذي اتخذ صورة عبد . أي صار انسانا ً ، وجعل نفسه فقيرا ً إذ رضي أن يحتمل هذه الأمور البشرية ما عدا الخطيئة .
وهذا ما يؤكده مرنم الكنيسة إذ يقول :
لقد تجسدت كما ارتضيت ولم تنفصل بلاهوتك عم أحضان الآب وحملتك الدائمة البتولية على ذراعيها . ودفعتك الى يدي سمعان القابل الإله . يا ضابط البرايا بيده .
فبشفاعات والدة الإله وحنة النبية ، أيها الرب يسوع المسيح إلهنا إرحمنا وخلصنا . أمين .

وكل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون