1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة مديح العذراء الكلية القداسة 9/3/2012

“في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله … والله صار جسدا وحل بيننا”. هكذا يكرر القديس يوحنا الانجيلي واللاهوتي.
ايها الاخوة الاحباء بالمسيح
ايها المسيحيون الحسني العبادة
هذا التجسد والتانس للكلمة الالهي من الامراة العذراء. اعلن مسبقا وبصوت النبي اشعياء الجهوري القائل” “ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل” (اش 14:7).
هذا السر العظيم اي كلمة الله المسيح, ولد من امراه عذراء تحت الناموس, فيكرز الحكيم بولس ويبشر قائلا: “ولكن جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امواه مولودا تحت الناموس”. (غلاطية 4:4)
لم يقل الرسول بولس من خلال امراه, لكن من امراه, هذا ما يشرحه القديس يوحنا الدمشقي. لان الامراة التي ولدت ابن الله, والتي دعت اسمه يسوع: هي البتولية مريم من قبيلة وبيت داود.
بكلام اخر ايها الاحباء: العذراء مريم ظهرت حسب قول المرنم: “راس خلاص العالم, وظهور السر الذي قبل الدهور”.
هلم اذا لنرى, لماذا كنيسة المسيح تكرم العذراء من ناحية العبادة بقولها: افرحي, ومن ناحية اللاهوتية تقدم لها التمجيد والاكرام! من خلال صلاة الذبيح الذي لا يجلس فيه. الموجه نحو العذراء مريم, والتي دعتها كنيستنا ومن خلال فم الاباء القديسين: ارحب من السماوات. وايضا والدة الاله وام الله.
يقول القديس يوحنا الدمشقي: “بالحق والحقيقة ندعو والدة الاله القديسة مريم. لان هذا الاسم يحوي كل سر التدبير”.
ايها الاحباء
اذا اعتبر صليب المسيح المحي وحسب الرسول بولس انه: “لليهود عثرة ولليونانيين جهالة” (1 كو 1:23), فالاسم والدة الاله البتولية مريم عثرة وجهالة لرؤساء الهراطقة: اريوس, مكدونيوس, ونسطوريوس وكل من شابههم,
بكلام اخر سر التدبير الالهي يعني: خلاص الانسان بالمسيح, لكن بدون شركة مريم العذراء الدائمة البتولية ابنة الناصرة, سيبقى هذا السر بدون فعل, الامر الذي يبقي الشعب المسيحي بدون الشركة في النعمة الجديدة. “.. فمخلصنا يسوع المسيع العظيم, الذي بذل نفسه لاجلنا لكي يفدينا من كل اثم, ويطهر لنفسه شعبا خاصا غيورا في اعمال حسنة” (تيطس 2:12 – 14).
نعم ايها الاحباء: هذه الهبة العظمى, هبة ابن الله الاب المعطاه لنا من خلال بذل نفسه حتى الموت موت الصليب من اجلنا, وليفتدينا من لعنة الناموس, ويطهر لنفسه شعبا مختارا له مليء بالغيرة للاعمال الصالحة, كل هذا ناجم عن مريم العذراء, ايضا عن الكلية القداسة الطاهرة الفائقة البركات والدة الاله الدائمة البتولية مريم. مريم التي اصبحت اناء الروح القدس, السلم السماوي, من خلالها نزل الله, والجسر الناقل من الارض الى السماء.
والدة الاله مريم كام الله الكلمة الذي لبس بشرا من اجلنا وتانس ربنا يسوع المسيح. فالعذراء تظهر ايضا امنا جميعا.
نقول هذا, لانه كما يقول المرنم: “قد اقبل الصيام ركن العفاف, مبكت الخطيئة, ومساعد التوبة, سيرة الملائكة, وخلاص البشر, فلنفرح ايها المؤمنون, يا الهنا ارحمنا”.
فعلا ايها الاحباء:
الصيام بكت الخطيئة المقرونة بفساد الموت الذي برز من رذيلة الدنس وعصيان حواء. فالصيام هو اس العفاف, مدينة الملائكة, وخلاص الناس الذي دخلوا من باب التواضع الرحب, وخاصة من خلال الطاعة الكاملة لارادة الله, تماما كما اطاعت العذراء مريم الدائمة البتولية الام الجديدة بالمسيح اي حواء الجديدة ارادة الله ومشيئته.
نحن لا نعتبر الصيام فقط الابتعاد عن تناول الاطعمة, لكن نعتبر الصيام اداة ووسيلة لبلوغ التوبة بالقوة. فحواء الام الاولى عندما عصت طاعة الله ارغمت على الخروج من فردوس النعيم.
اما حواء الجديدة المطيعة والصائمة, دخلت الفردوس ليس فقط كمشاركة للمجد الالهي. لكن كام بمجد المتجسد الاله. وكوالدة الاله الى شخص الدائمة البتولية مريم.
من خلال الصيام حافظت مريم العذراء على نقاوة قلبها. “طوبى لانقياء القلوب لانهم يعانيون الله”.
هذا بالتدقيق: نقاوة قلوبنا, كنيستنا من خلال فترة الصيام المقدس ترشدنا لكي نصبح نحن ايضا مستحقين لنور قيامة مخلصنا يسوع المسيح.
فلنقدم صوما ليس بالاجتناب عن الاغدية فقط, لكن بمباينة كل الم هيولي, لكي نستعبد الجسد المتمرد علينا, فنصير مستحقين تناول ابن الله الحمل المذبوح عن العالم طوعا, ونعيد عيدا روحيا لقيامة المخلص من الاموات ونرتقي الى العلا بضياء الفضائل ونعيم الاعمال المرضية الوامق (المحب) للبشر.
نتضرع ايها الاخوة الى الفائقة القداسة والدة الاله العذراء مريم ان نعبر شوط الصيام العظيم المقدس, بالتوبة والعفاف والتواضع والصلاة, آمين.

وكل عام وانتم بخير
مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون