1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديسة فوتيني السامرية – 2012/05/13

” لتجذل السموات ويرتكض ما على الارض لأن المسيح قد ظهر إنسانا ً من البتول وأنقذ كل الجنس البشري من القساد بموته الخاصي وأشرق بالعجائب وطلب ماء ٌ من إمرأة سامرية واهبا ً إياها ينابيع الأشفية بما أنه عديم أن يكون مائتا ً “. هكذا يرتل مرنم الكنيسة .

أيها الاخوة الأحباء بالمسيح

أيها المسيحيون والزوار الحسني العبادة ،

” الله روح ٌ ، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا ”

(يو 4: 14 ). هكذا يقول ربنا يسوع المسيح للأمرأة السامرية . هذا هو الروح الألهي روح الحق ، يعني الروح القدس روح المسيح ، الذي به إجتمعنا كلنا في هذا المكان المقدس في بئر البطريرك يعقوب لنشرب ونرتوي سوية ً مع القديسة السامرية الماء الذي يهب ينابيع الأشفية الخالدة الطبيعية منها والروحية ، أي من خلال ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات الذي ظهر إنسانا ً من العذراء الدائمة البتولية مريم ، لينقذ الجنس البشري من الفساد والموت .

كل العالم المنظور وغير المنظور ، الأرضيات والسماويات ، مدعوون للمشاركة في الأرتكاض بفرح ٍ وبهجة ، بمناسبة عيد القيامة المجيدة لمخلصنا المسيح . وبنفس الوقت وبإشراقه للعجائب طلب ماء ً من الأمرأة السامرية ليهب لها ينابيع الأشفية كما يصرح بذلك مرنم الكنيسة .

الماء الذي يعطي ينبوع الأشفية ، أي المسيح للأمراة السامرية ، هو ليس إلا من خلال الطاقة والقوى الألهية المشعة للروح القدس روح الحق ، روح الحكمة لله الآب . كما يقول مرنم الكنيسة : ” إن السامرية الشائعة الذكر أتت مقبلة بأمانة إلى البئر ، فشاهدتك يا ماء الحكمة التي لما سقيت منك باتراع ٍ ، ورثت الملكوت العلوي أبديا ً “.

فعلا ً أيها الأخوة الأحباء ، المرأة السامرية ورثت الملكوت العلوي لأنه كما يقول القديس يوحنا الدمشقي :

” المسيح أصبح سبب الخلاص الأبدي للذين آمنوا به ، لكن للذين يؤمنوا به أي للعصاة والمتمردين أصبح مانبا ومبكتا “.

لذا أصبح المسيح سبب الخلاص للأمرأة السامرية التي آمنت به ، لأن قديسة كنيستنا والتي نكرمها بإحتفال وشوق في هذا اليوم المقدس ، سمعت الاقوال الخلاصية لربنا يسوع المسيح . ” الله روح ٌ ، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا ” ( يو 4 : 14 ) ، فأمنت بكل نواياها وجميع خلجات نفسها .

بكلام آخر ” لنسجد لله بالروح والحق ” . يعني أن عقلنا عليه أن يحتضن الحقيقة بجميع أبعادها . وكذلك يجب على الأرادة أن تضم جميع طاقاتها للحقيقة ، ومشاعر قلوبنا يجب أن تكون منضبطة ومحكمة بأعمال المعرفة والألفة والمودة لله الضابط الكل ، واللجوء إليه بالعبادة الحسنة .

هنا وحسب تفسير القديس ثيوفيلاكتوس : ” يظن الكثيرون ومن الذين لا يتمتعون برؤية صحيحة عن الله الاب أن السجود يقتصر على النفس فقط، الأمر الذي حذا بالسيد المسيح أن يضيف كلمة ” الحقيقة” لأنه ينبغي أن نسجد لله بالعقل ويكون لنا فكر الحقيقة بالنسبة له . هذا يعني أيها الأحباء بالمسيح أنه ألا تقتصر عبادتنا وسجودنا لله فقط ، لكن من الأهمية بمكان أن نعرف طريقة الحقيقة ، والمنهج والمنوال الصحيح للعبادة والسجود لله . هذا الحدث تؤكده وبغاية الأمانة كنيسة المسيح المقدسة من خلال تعاليمها الرسولية المحضة ، وبالاسرار العلاجية والخلاصية الصادقة والسليمة .

فالمسيح سبق أن داس موت الخطيئة بموته الثلاثي الأيام وقيامته الظافرة أما قيامة المسيح فتتعلق بحضور المعزي الروح القدس الذي يبكت ويدين العالم كما يقول يسوع المسيح : ” لكني اقول لكم الحق إنه خير ٌ لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة ، أما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي ، واما على بر فلأني ذاهب ٌ إلى أبي ولا ترونني أيضا ً ، وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين ”

( يوحنا 16: 7- 11)

هنا وكما يفسر هذا المقطع القديس كيرللس الأسكندري : ” من الباطل أن يظهر الشيطان وكأنه رئيس هذا العالم ، لأنه بافعل والحق لا توجد له أصالة ليكتسب هذا المركز ، لكن بالزور والبهتان يمتلك هذا الأسم

إعتباطا ً ، لكنه ربح هذه الفكرة بواسطة الغش والطمع ، وأيضا ً بواسطة المحتالين والغشاشين وسواهم الذين يتمرغون وداخلهم مفعما ً بالقرف ، والشر المضاعف حيث يتممونه بحرية إختيارهم ، على هؤلاء يسيطر عليهم الشيطان “.

أما القديس يوحنا الذهبي الفم : ” أيضا هنا بتفسيره آيات يوحنا اللاهوتي ( يو 16: 7-11 ) ، المسيح يحضر الكلمة المتعلقة بالدينونة – ” إذ يدان بواسطتي فسيعرفون من الذي سيطأ عليه بقدميه فيما بعد ، وسيعرفون قيامتي بوضوح التي هي علامة من يدين رئيس هذا العالم . فإنه غير قادر أن يمسك بي . فبينما قالوا بان به شيطان ، وأنني مخادع فستظهر كل هذه الأمور أنها باطلة ، إذ لم يكن ممكنا ً لي أن أفوز عليه لو كنت خاضعا ً للخطيئة ، لكنه الآن يدان ويطرد ” .

هذا يالتدقيق ، إستنارة المعرفة لينبوع الحياة المسيح المصلوب والمقام ، وعند استلام الأمرأة السامرية قالت كما يذكر المرنم ” … فأسقني يا كلمة كل حين أنا الظامئة إلى نعمتك الألهية أيها الرب يسوع لئلا أنضبط أيضا ً بغليل أو ام الجهل ، بل انذر مخبرة بعظائمك “.

هلموا بنا ً لنتقدم نحن أيضا أيها الأخوة الأحباء نحو البر الروحي ، أي الكنيسة ، ونشرب الماء الذي أعطاه المسيح للقديسة فوتيني السامرية قائلا ً : ” ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد.

بل من الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية “.

( يو 4: 14 ).

من هذا الينبوع ، شرب من ماء استشهاد محبة المسيح ، القديس الشهيد فيلومينوس من أعضاء أخوية القبر المقدس ، والذي اقتدى بالسامرية القديسة فوتيني ، فأصبح بهذا كارزا ً بالروح والحق لربنا وإلهنا يسوع المسيح .

المسيح قام حقا قام .