1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديسين بطرس وبولس 12.07.2012

” لقد أشرق اليوم في الآفاق عيد بهيج . عيد تذكار الرسولين والهامتين بطرس وبولس الكلي الحكمة الشريف . فلنعيدن فيه يا أخوة هاتفين نحوهما وقائلين : افرح يا بطرس الرسول الصديق المخلص لمعلمك المسيح إلهنا ، افرح يا بولس المحبوب جدا ً ، يا كاروز الايمان ومعلم المسكونة ، والان فبما لكما من الدالة لدى الاله . أيها الزوج المقدس المصطفى ابتهلا اليه في خلاص نفوسنا “.
أيها الأخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون والزوار الحسني العبادة
فعلاً أيها الأخوة الاحباء فإنه قد أشرق لنا في الافاق عيد بهيج لهامتي الرسل بطرس وبولس كما يقول مرنم الكنيسة .

وهذا لأنهما استلما الدعوة مباشرة من الرب يسوع المسيح، فاظهر بطرس الرسول أنه حجر الكنيسة كما قال له السيد المسيح : ” وأنا أقول لك أيضا ً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها ”

( متى 16: 18).

أما بالنسبة للقديس بولس ، فإنه الاناء المختار ، كما أوضح ذلك الرب يسوع لحنانيا بخصوص الرسول بولس إذ يقول: ” لان هذا لي اناء مختار ليحمل اسمي أمام وأمم وملوك وبني اسرائيل ” ( أعمال : 9- 15).

كلام الرب هذا أصبح واضحا ً ، على أن هامتي الرسل بطرس وبولس هما صوت كلمة المسيح الاله المتأنس ، وأداة الطاقة والقوة للروح القدس الذي يوحد ويرتب وينظم مؤسسة الكنيسة ويضبطها.

كذلك الرسول بطرس والرسول بولس أيها الأخوة الاحباء ، يتميزان عن سائر الرسل الاطهار ، لبس بالقيمة والاستحقاق الرسولي ، يعني نعمة أو حلول الروح القدس عليهما ، لأن هذه الخاصية متساوية للجميع ، لكن يتميزان كونهما ضعفاء بالتفكير ، وليس الا ، فبالنسبة للرسول بطرس ، وبحسب شهادة المسيح فإنه أنكر الرب ثلاث مرات خلال الام المسيح الطوعية ( متى 26: 34) ، أما بالنسبة للرسول بولس ، فانه نفسه يؤكد أنه كان مضطهداً ومقاوما ً للمسيح وكنيسته ، وها الكتاب المقدس يوقل : ” … شاول شاول لماذا تضطهدني ، فقال من انت يا سيد ، فقال له الرب أنا يسوع الذي تضطهده . صعب عليك أن ترفس مناخس” (أعمال 9: 4-5)، وأيضا ً يذكر الرسول بولس عن نفسه في موضع آخر : ” فإنكم سمعتم بسيرتي قبلاً في الديانة اليهودية أني كنت أضطهد كنيسة الله إفراط وأتلفها ” (غلاطية 1: 14).

وهذا يظهر جليا ً بأن هامتي الرسل يتميزان عن سائر الرسل في توبتهم ، أما التوبة بالمسيح فهي التوبة لعلاج مرض الانسانية الطبيعية منها والاخلاقية ، والجسدية والطبيعية ، يعني الخطيئة بحسب تعاليم المسيح : ” فأجاب يسوع وقال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى ، لم آت لأدعو أبراراً ً بل خطاةً الى التوبة ” ( لوقا 5: 32) .

كذلك الطاقة لقوة الروح القدس تظهر في الضعف حسب إعلان المسيح الواضح : ” فقال لي تكفيك نعمتي لان قوتي في الضعف تكمل ” ( 2 كورنتوس 12: 9).

ان شخصية الرسول بولس أصبحت ذات خبرة واسعة بخصوص نعمة الله ربنا يسوع المسيح التي كانت تقوي ضعفات بولس ، هذه الخبرة تأصلت لدى جميع التلاميذ ، وجميع الذين تلقوا الدعوة الرسولية ، مثل الرسولين بطرس ويولس اللذين نقيم تذكارهما الموقر ، لأنهم وبحق أصدقاء المسيح الأوفياء .

وهذا يعني أن الرسل الأطهار تسربلوا وشاح المسيح من خلال الروح القدس المصطفى ، الذي حل عليهم . ” لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته ، نصير أيضا ً بقيامته” ( رومية 6: 5 ) . فهم استطاعوا تعليم بشارة الخلاص للمسيح في أرجاء المعمورة ، وكذلك أسسوا بنية الكنيسة حسب قول الرب : ” وأنا أقول لك أيضا انت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها ” ( متى 16: 18) .

من ناحية اخرى ، الرسول بولس نفسه يشهد شخصيا ً فيقول : ” …. أعرف إنسانا ً في المسيح … إختطف هذا الى السماء الثالثة …. وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها ” ( 2 كورنتوس 12: 2-5).

أيضا ً الرسول بولس يشهد : فقال لي الرب ” تكفيك نعمتي ” ( 2 كورنتوس 12 : 9) .

أما مرنم الكنيسة فيقول : يا بطرس هامة الرسل المجداء وصخرة الأيمان . ويا بولس العجيب خطيب الكنائس المقدسة وكوكبها الثاقب . فيما أنتما ماثلان لدى العرش الالهي تشفعا فينا الى المسيح .

كرازة وتعاليم هامتي الرسل بطرس وبولس متميزة حتى هذا اليوم ، فإنهما يعتبران ينبوعا ً متدفقا ً بغزارة اللاهوت ، الذي منه يرتوي عظماء آباء كنيستنا العظام ، وأيضا ً لجميع العطاش والراغبين في الارتواء من هذه التعاليم الالهية الشريفة ، كما يوضح ذلك مرنم الكنيسة باجلى بيان إذ يقول : لقد منحت كنيستك يا رب جلادة بطرس وفطنة بولس وحكمته الممتازة ركناً وتوطيداً ، وكذلك كلام كليهما اللاهوتي الصادق . الذي يطرد خلاله الكفر . ومن ثم فنحن بهدايتنا بهما الى معرفة الأسرار نسبحك يا يسوع القدير مخلص نفوسنا .

كرازة الايمان المدوية من ابواق اللاهوت لعمودي الكنيسة المقدسة ، اللذين طردا ً ضلالة الفكر ، تملئ الأصقاع ، لذلك وبحق نمجد ونكرم تذكارهم المجيد ، متضرعين لربنا وإلهنا يسوع المسيح أن يخلص وينير نفوسنا ، طالبين منه أن يحل السلام العادل والشامل في أرضنا وربوعنا وفي العالم أجمع .

وكل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون