1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تذكار رفع الصليب الكريم المحيي 30-9-2012

” إن الصليب اليوم يرفع فيعتق العالم من الضلالة, اليوم تتجدد قيامة المسيح فتبتهج أقطار الأرض متهللة, فتسبحك بصنوج داودية قائلة: لقد صنعت يا الله خلاصا في وسط الأرض. هو الصليب والقيامة اللذان خلصتنا بهما أيها الصالح المحب البشر” (ذكصا كانين – السحرية).

أيها الإخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيين الحسني العبادة

إن ذبيحة الصليب لربنا ومخلصنا وألهنا يسوع المسيح على عود الخشبة, أي عود الصليب تتمتع بصفة مركزية في تتميم سر الفداء للبشرية جمعاء, هذا لأنه من خلال الصليب انبلجت وظهرت حرية الإنسان, لتفضح غواية وضلالة الشيطان, فمن خلال الصليب تتجدد قيامة المسيح, التي من خلالهما أي من الصليب والقيامة تم سر العظيم الإلهي لخلاص العالم.

إن كنيستنا المقدسة تبشر وتكرز بعيد رفع الصليب الكريم المحيي في العالم اجمع, التي تحتفل التي تحتفل بتذكاره في هذا اليوم الكريم المبجل. الكنيسة الأورشليمية التي هي الشاهد الأمين والوفي والصادق لمكان حدث الصلب صلب ربنا يسوع المسيح على جبل الجلجثة, وأيضا للمكان الذي وجدت فيه القديسة هيلانة عود الصليب الكريم المحيي, حيث تم رفعة بوقار وإجلال وإكبار على يد أسقف أورشليم مكاريوس.
الأمر الذي يوشح الكنيسة بغبطة وسرور لتبتهج مع الرسول بولس الإلهي وتفتخر قائلة: ” وأما من جهتي, فحاشا لي ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح, الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم. (غلاطية 14:6).
أما الافتخار بالصليب صليب ربنا يسوع المسيح, فمصدره قيامة المسيح التي منها استمدينا الحرية الحقيقية او بالأصح الحرية التي انعم بها علينا من المسيح المحب البشر ليحررننا من سلطان العبودية, كما يذكر القديس بولس : “فاثبتوا إذا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها. ولا ترتكبوا أيضا بنير عبودية” (غلاطية 5:2).
ان المؤمنين الذين يسجدون لعود الصليب الكريم المحيي بقلب طاهر وإيمان صادق ورجاء وطيد يحققوا وبضمان أكيد الحرية المتدفقة من قوة سر الصليب الظافر, كما يعلم الرسول بولس: “فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة, وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله (غلاطية 1: 1).

لقد زرع الهنا يسوع المسيح عود الحياة في وسط الفردوس (تكوين 2:9) لكن المسيح من بعد تجسده من العذراء مريم وبواسطة الروح القدس, اصبح اله تام وانسان تام ما خلا الخطيئة, زرع ايضا في وسط الارض اداة ووسيلة الخلاص, الا وهي خشبة الصليب, كما يرنم النبي داود “اما الله فهو ملكنا قبل الدهور, عمل الخلاص في وسط الارض” (مز 73:12).
ربنا يسوع المسيح ايها الاخوة الاحباء, عمل خلاصنا ليس فقط من خلال التعاليم الانجيلية, لكن من خلال دمه الكريم المحيي, دم الالام الصلبي؛ “الذي فيه لنا الفداء بدمه, غفران الخطايا, حسب غنى نعمته”(افسس 7:1).
بكلام اخر, فان عود الصليب المحيي قد ارتوى من الدم الزكى والماء الطاهر اللذان انسكبا من جنب ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكريم, عندما طعن جنبه بالحربة, فالصليب كان قبلا اداة عار واهانة, فمكتوب ملعون كل من علق على خشبة, اما بعد صلب ربنا يسوع المسيح فقد تحول هذا المعنى من جراء ذالك من اللعنة الى البركة ومن الهوان الى الكرامة. ومن رمز العار تحول الى خشبة معطية الحياة, كما يقول المرنم في كطافاسيات الصليب : الشجرة المثمرة حياة ابدية. “هذا هو الذي اتى بماء ودم, يسوع المسيح. لا بالماء فقط, بل بالماء والدم. والروح هو الذي يشهد, لان الروح هو الحق” (1 يو 5).
وبطريقة اكثر وضوحا, فالقديس يوحنا الانجيلي يقول: “لا تسمعوا بما يقال لكم زورا وبهتانا وغشا عن يسوع المسيح”. لان الاشارات والادلة البينة يؤكد وبشكل قاطع ان الله الاب شهد له عند المعمودية قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت, وكذلك الادلة الدامغة التي تؤكد ان الله الاب قبل وتنسم رائحة الرضى من عمل المسيح الخلاصي على جبل الجلجثة وقت صلبه الخلاصي, وذلك من خلال الظواهر والبينات الغريبة والظهورات التي رافقت وواكبت مراحل الصلب والقيامة التي اكدت وبالحقيقة على ان المسيح هو ابن الله.
لقد ذاع صيت ربنا يسوع المسيح, الاله المتجسد, اي اله تام وانسان تام, واشتهر اسمه في بقاع الارض, من خلال عماده في نهر الاردن, ومن خلال صلبه على جبل الجلجثة, فالمسيح لم يظهر من خلال عماده, لكن المسيح ظهر من خلال عماده وصلبه المحيي, وهذا مؤكدا بشهادة الروح القدس, التي تعتبر شهادة سليمة وصحيحة, لان الروح القدس روح الحق والحقيقة.
لدى احتفالنابرفع الصليب الكريم المحيي فاننا من ناحية نسجد للمصلوب نفسه اي المسيح مخلصنا, ومن ناحية اخرى نرنم ونسجد لقيامة المسيح المقدسة, نسجد لعود الصليب: لان المسيح قد ذبح عليه, وكما يقول بولس العظيم :”لكي يفيدينا من كل اثم, ويطهر لنفسه شعبا خاصا” (تيطس 14:2).
الشعب الخاص هم الاعضاء الكرام الذين يكونون جسد الكنيسة “لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه” (اعمال 18:12), اي الدم الذُ سفك على الصليب المحيي.
صليب المسيح ايها الاخوة الاحباء, لنقل بشكل اوضح, :ان بموت المسيح على الصليبقد تم تدشين موت الحياة, اي الغاء سلطان الموت, بواسطة غلبة المسيح على الموت بقيامتة المجيدة. هذا هو الحدث الذي يميز الدين المسيحي عن اي نظام ديني او فلسفي او ايديولوجي.
هلموا اذا لماذا بولس الالهي يقول: “فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة, واما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله” (1 كورنثوس 1:18).
بالاضافة لذلك تتمركز العبادة غير الدموية العقلية في كنيستنا المقدسة اي الافخارستيا الالهية بحدث الصلب والقيامة: “فلنقدم به في كل حين لله الاب ذبيحة التسبيح (بالمسيح المصلوب والمقام)” (عب 15:13).
في هذا نحن مدعوون ايها الاخوة الاحباء للسجود لعود الصليب “هلموا يا شعوب لدى معاينتنا العجب الباهر نسجد لقوة الصليب. فان العود في الفردوس انتج الموت. واما عود الصليب فبتسمير الرب البريء من الخطيئة علية قد ازهر لنا بالحياة. والان فاذ كنا نحن الامم كلنا نجني منه عدم البلى نصرخ قائلين يا من بالصليب نقض الموت واعتقنا المجد لك. امين”

وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم
مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون