1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رؤساء الملائكة ميخائيل وجبرائيل 21/11/2012

“لقد جعلت الجوهر العاري من الجسد باكورة مخلوقاتك يا صانع الملائكة تحتف تحت عرشك الطاهر هاتفة قدوس قدوس قدوس أنت يا الله الضابط الكل” هكذا يصدح مرنما القديس يوحنا الدمشقي.
أيها الإخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون الحسني العبادة

ان كنيسة المسيح المقدسة جمعتنا في رحاب هذا الهيكل المقدس الكلي الوقار. لنحتفل بابتهاج للتذكار البهي لمحفل رؤساء الملائكة الأطهار ميخائيل وجبرائيل شفيعا هذه البيعة المقدسة, وسائر الطغمات السماوية غير الهيولية.

هذه الطغمات السماوية هم وبحسب شهادة القديس بولس: “… جميعهم أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عب 1 : 12).
جميع الملائكة أرواح خادمة, تنفذ الإرادة الإلهية بطاعة وإجلال وبلا تردد, مرشدين بالنور الإلهي, ومرشدين للخلاص. هذه الطمغات أبدعت بإجلال الهي, فالرسول بولس يقول: خالق القوات العلوية “فانه فيه خلق الكل, ما في السموات وما على الأرض, ما يرى وما لا يرى, سواء كان عروشا أم سيدات أم رياسات, أم سلاطين, الكل به وله قد خلق” (كولسي 1:16).
حسب القديس يوحنا الدمشقي : (هو الله نفسه صانع الملائكة وبارئهم ومخرجهم من العدم إلى الوجود. وقد خلقهم على صورته الخاصة, طبيعته لا جسميه على مثال ريح ما ونار لا مادية, كما يقول داود الإلهي: “الصانع ملائكته رياحا وخدامه لهيب نار” (مز 4:103).
من أعمال الملائكة, تمجيد الله كما يقول باسيليوس الكبير (عمل الملائكة بطغماتها ومراتبها هو تمجيد الله).
هلموا لنصغي لمرنم الكنيسة, بلسان قديسنا يوحنا الدمشقي شاديا: “إن صافات العديمي الأجساد وهم ماثلون لدى عرش مجدك يا رب, يرنمونك بالأصوات الملائكية التي لا تفتر, فانك أنت أيها المسيح قوتهم وتسبحتهم”.
في محفل الطمغات الملائكية غير المتجسدة, السماوية, يتألق رئيس الملائكة ميخائيل الذي قدم المعونة والحماية والحراسة للجنس البشري مرات عديدة, تماما كما يذكر – السنكسار المقدس – أي كاتب سيرته مند البدء: فهو الباهر بقداسته, والسامي بعلوه, والمهيب برفعته, ولكونه أمينا, وطائعا, ومخلصا لضابط الكل, حظي بمنزلة رفيعه, فحصل وبجدارة على مرتبة رئيس الملائكة الأول في الطغمات العلوية, فعظمت دالته هكذا نحو الجنس البشري لما له من هذه السمات المبهرة.
عندما عاين رئيس الملائكة ميخائيل, جحود الشيطان ومن ثم سقوطه مثل البرق من السماء, انعقد محفل الملائكة, ليقول لهم بصوت جهوري: “فلنصنع”, فعلا وبصوت ينم عن الوفاء الكامل اكد قائلا :”فلنصنع” فنحن الذين كنا جميعا مخلوقين سوية, انظروا ما قد حل باولئك الملائكة جراء خطيئتهم, الذين كانوا نورا معنا, واصبحوا الان ظلاما قاتما.
لذلك دعي هذا المحفل بمحفل الملائكة, بسبب الاهتمام المشترك ذو الفكر الواحد والإرادة الواحدة, والوحدة الواحدة في العمل.
ان الملاك الحارس يحتل دورا مركزيا في مجال الحماية والحراسة, فقد عين ليتوكل هذه المهام من الضابط الكل, كما يعلن ذلك ربنا يسوع المسيح: “انظروا لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار, لأني أقول لكم: إن ملائكتهم في السموات ينظرون وجه أبي الذي في السماوات” (متى 10:18), لذلك تكرم كنيستنا المقدسة الملائكة القديسين, وتقدم الشكر الجزيل والعرفان, والامتنان للرب الضابط الكل من اجل محبته القصوى للجنس البشري قاطبة.
القديس يوحنا الذهبي الفم الذي يرصد أقوال ربنا يسوع المسيح: (من هنا يظهر إن الأبرار عندهم الملائكة حراسا, ولسان النبي داود يقول “يعسكر ملاك الرب حول خائفيه وينجيهم”).

خدمة الملائكة تتميز بشكل خاص لحماية الأبرار والصديقين, لهذا السبب وهبت لهم الدالة نحو الله, فهم يعاينون جلال مجده بتوقير وانسحاق وإجلال.
لنلاحظ هنا أن الملائكة القديسين, وهم أرواح هيولية غير متجسمة, تعاين وجه الله, أي الطاقة الغير مخلوقة, لكنها لا تستطيع أن تعاين ذات الجوهر اللاهي. وهذا ما يعبر عنه يوحنا الإنجيلي: “الله لم يره احد قط, الابن الوحيد الذي هو في حضن الأب هو خبر” (يو 18:1).
كنيستنا المقدسة أيها الأحباء, يرجو وتطلب معونة ومساعدة الملائكة, فنتضرع الى المحفل الملائكي الالهي, ومع الملاك ميخائيل رئيس الطمغات السماوية نضم المرنم ونقول:
“حيثما تطلل نعمتك يا رئيس قواد الملائكة ميخائيل المستحق المديح, تطرد قوة الشيطان زاهقة. لان كوكب الصبح الساقط لا يطيق الثبات بإزاء نورك, فلذلك نطلب إليك أن تخمد سهامه النارية الثائرة علينا منقذا إيانا من عثراته”
وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون