1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تذكار احد الآباء الأجداد

“في احتفالنا اليوم بتذكار الجدود لنسبحن بإيمان يا مؤمنون المسيح الفادي الذي عظمه في جميع الأمم. الرب الصانع غرائب العجائب. العزيز القدير. الذي ابرز لنا من نسلهم عصا قوة. هي مريم فتاة الله التقية التي وحدها لم تذق خبرة الزواج. ومنها بزغت الزهرة أي المسيح الذي أثمر للجميع الحياة والنعيم الخالد والخلاص الأبدي” (اللحن الثامن – صلاة الغروب).

أيها الأبناء المحبوبون بالرب الفادي يسوع المسيح
أيها المسيحيون الحسني العبادة

إن كنيستنا المقدسة الإلهية, تدعونا اليوم وبفم مرنم الكنيسة, لكي نحتفل ونقيم تذكار القديسين الأجداد ولنسبح فادينا المسيح الإله.

إن الاحتفال بتذكار الآباء الأجداد القديسين يأخذ بعدا روحيا عميقا كوننا نقيم هذه الشعائر في المكان المقدس حيث الرعاة الساهرون على قطعانهم “وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم … وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين : المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة”. في هذا الحدث الهام والمميز كان للجنس البشري دور الشاهد لتجسد وتأنس كلمة الله للمسيح في المغارة القابلة الإله الواقعة قرب مدينة بيت لحم.

إن الآباء الأجداد وخاصة عميدهم وركنهم الأول وأب الآباء البطريرك إبراهيم الذي كان مسقط رأسه بلاد الكلدانيين, قد تربى في بيت وثني يعبد والده الأصنام, علما أن إبراهيم كان نبيها ذا قلب نقي طاهر, لذا وبموهبة خاصة رفض السجود والعبادة للأصنام لان هنالك بون كبير بين الخالق والمخلوق, فحاشا أن يكون الله من ضمن هذه المخلوقات, وبالهام روحي في فهم نظام الكائنات والمرئيات, استطاع أن يسبح الإله الغير المنظور, فدعي بخليل الله وسجد له كالله (الله الغير منظور).

لهذا السبب أصبح أب لكثيرين من الأمم, ومنه ولد البطاركة اسحق ويعقوب, ومن يعقوب ولد يهوذا وإخوته, ومن سبط يهوذا ولد الآباء الأجداد ومن نسلهم ولد المسيح.

بكلام آخر فان إبراهيم يصبح جد المسيح لأنه من نسله: “يظهر لنا عصا قوة هي مريم فتاة الله النقية التي وحدها لم تذق خبرة زواج. ومنها بزغت الزهرة أي المسيح الإله مخلصنا وفادينا”. وبالإضافة لهذا الحدث فقد تنبأ مسبقا اشعياء القائل: “ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل” (اشعياء 14:7).

ويرتل مرنم الكنيسة: “لقد أصبح بنو إبراهيم أنبياء إلهيين كليي الحكمة, فسبقوا عن حرارة قلب واخبروا بالروح القدس عن الكلمة انه يولد من نسل إبراهيم ويهوذا. فبتضرعاتهم يا يسوع ارأف بنا جميعا”.

كنيستنا الأرثوذكسية الرسولية المقدسة, وخاصة كنيسة أورشليم التي منها ارتقى وبأصالة, خليفة الأجداد ومن نسب وصلب إبراهيم مثل القديس يعقوب أخي الرب أول رؤساء أساقفة أورشليم على كرسي الخلافة الرسولية الممتدة بقوة وثبات وبدون توقف, معطية شهادتها الكاملة والحقيقية للمسيح, ليس فقط بالطريقة التبشيرية أو الشركة الإلهية أي ليتروجيا, بل بالطريقة الطبيعية الحرة الأصلية, أو لنقل بأكثر دقة فإنها تقدم شهادة أصيلة بدورها التاريخي في الحفاظ والخدمة والوقاية والسهر, بكل بطولة وأريحية وشهامة في حفاظها على الوزنة التي أودعت بين يديها, ألا وهي الأماكن المقدسة التاريخية, والمزارات الشريفة والطبيعية الموجودة. يعني الأماكن المقدسة: مثل هذا المكان المقدس مكان الرعاة الساهرين في مدينتكم العامرة, والمكان المقدس في مدينة بيت لحم حيث المهد الشريف, وكذلك الأماكن المقدسة للصلب والقيامة في أورشليم.

بكلام آخر أيها الإخوة الأحباء

كنيسة المسيح هي جسد – الإله الإنسان – ربنا يسوع المسيح من ناحية, وكما أن الكنيسة تعبر عن الحدود البيولوجية والاثنية والعنصرية, فهي فلك سر التدبير الإلهي. يعني الفلك الذي به وفيه يتم تحقيق سر الخلاص للبشرية جمعاء بالمسيح.

هنا يتضرع المرنم قائلا: “لقد بررت الجدود بالإيمان أيها المسيح الإله. وسبقت فخطبت بهم الكنيسة التي من الأمم. فالقديسون يفتخرون مباهين بأنه من نسلهم أينعت ثمرة شهيرة شريفة. هي الفتاة التي ولدتك بلا زرع. فبتضرعاتهم خلص نفوسنا.

أيها الإخوة الأحباء

كنيسة المسيح تعدنا وتهيئنا بفم أبائها القديسين حاملي الإله, لنجهز ونعد نفوسنا لنعيد ميلاد المسيح بالطريقة الروحية الإلهية, وليس بالطريقة الجسدية والدنيوية, بالطريقة الملائمة والمناسبة لله, وليس بالطريقة الاثنية والأممية كما يأمرنا الرسول بولس:

“فأقول هذا واشهد بالرب أن لا يسلكوا في ما بعد كما يسلك سائر الأمم أيضا ببطل ذهنهم إذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم”. (افسس 17:4 – 18).

هلموا نحتفل كلنا بالتذكار السنوي للآباء الذين نبغوا قبل الشريعة, إبراهيم والذين معه, ونكرم سبط يهوذا بحق واجب, ونعتصم بدقة بأقوال الأنبياء. فنهتف مع اشعياء النبي بصوت عظيم قائلين : “ها إن العذراء تحبل وتلد ابنا هو عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا”.

هذا هو بالتدقيق ابن العذراء مريم عمانوئيل فنمجده بقلوب نقية وحارة. هدا هو عمانوئيل الذي أحنى السموات ونزل إلى الأرض. المسيح قد ولد فمجدوا, المسيح أتى من السماء فاستقبلوا.

هذا لأنه كما يقول مرنم الكنيسة: الآن يأتي رجاء الأمم وافدا من العذراء. وبيت لحم تفتح عدنا المغلقة فتحا يليق باقتبال الكلمة متجسدا تضجع الجسد في مذوذ. آمين.

وكل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون