1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس ثاوذوسيوس رئيس الأديار

“إنا نحن الذين اغتسلوا بتطهير الروح القدس من سم العدو الأسود المتمرغ في الحماة. قد أشرفنا على صراط جديد غير مضل, يؤدي إلى السرور الذي لا يدنو منه الذين صالحهم الله”.
أيها الإخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون الحسني العبادة

في صراط الروح القدس الجديد بالمسيح, غير المضل. بهذا الصراط القويم والحقيقي, اشرف القديس ثاوذوسيوس رئيس الأديار الذي نحتفل بتذكاره الكريم في هذا اليوم.
هذا الصراط, وهذا الطريق الجديد للروح القدس, دشنه لنا ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح عند عماده من النبي السابق يوحنا المعمدان في نهر الأردن.
من هنا فان البار ثاوذوسيوس رئيس الأديار والمرشد الروحي والنسكي في الصحراء, اقتدى بالمسيح السيد في تعريه في الأردن. كما يقول مرنمه: “لقد تركت العالم وما في العالم. يا ثاوذوسيوس البار. مقتديا بالسيد المسيح في تعريه في الأردن”. “حيث حملت على كتفيك الصليب كالمخلص, واتيت إلى قبره, فشابهت الأيل باشتياقك لتنهل من ينابيع الخلاص أيها الطوباوي”.

أيها الإخوة الأحباء
إنا البار ثاوذوسيوس, حمل صليبه على كتفيه, كما المسيح. فترك بلدته الخاصة موغايسوس في كباذوكية في آسيا الصغرى, وكذلك ترك والده بروايريوس, ووالدته افلوجيا, واتى وسكن في هذا المكان المقدس, الذي حوله إلى ورشة عمل نسكية وخلاصية للنفوس التائقة للحياة الأبدية. فاقتدى الأب البار ثاوذوسيوس بالقديس يوحنا المعمدان, فبلغ الى درجة من النسك عالية, فكبح وقمح أهوائه الجسدية إلى أقصى غاية, فكاتب سيرة حياته يذكر قائلا: “ان البار ثاوذوسيوس كان يأكل مرة واحدة في الأسبوع, وانه لمدة ثلاثين عاما لم يعرف طعم الخبز بتاتا” وهكذا تألق بالفضائل جميعها, فأصبح يصنع العجائب الباهرة.
وإحدى هذه العجائب, الاجتماع الليتورجي والافحارستي, الذي يتم اليوم من قبل أخوية القبر المقدس في هذا المكان الذي تقدس من خلال حياته النسكية, ومن خلال قبره الموقر الموجود في هذا المكان أيضا.
نقول مكان تقديسه لان البار ثاوذوسيوس حول هذا المكان المقفر الموحش البري والصخري, إلى واحة روحية في عبر الأردن, أو لنقل إلى ينبوع عماد التوبة وبغسل الميلاد الثاني. (تيطس 5:2).
وكما يكرز الرسول بولس الإلهي: “وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح” (1 كو 4:10).
أيها الإخوة الأحباء, إن العماد الذي نستلمه نحن المسيحيون وبحسب الرسول بولس: هو: غسل الميلاد الثاني, والذي يعتبر تدشين, وإعادة صياغة طبيعتنا الإنسانية. من خلال مفاعيل الروح القدس, فبالعماد ننقي أنفسنا من أدران الخطيئة المميتة, عندها نقود ذواتنا إلى مدخل الحياة الجديدة بالمسيح يسوع.
وكما يعلم القديس غريغوريوس النيصي, أخ القديس باسيليوس الكبير فيقول: “إذن فالمعمودية هي تطهير من الخطايا وإزالة للمعاصي واصل للتجديد وللميلاد الجديد… ولا تهب المياه هذه العطية من ذاتها وإلا صارت المياه مادة لها مكانة فوق كل الخليقة. ولكن هذه العطية هي بأمر الله وحلول الروح القدس الذي يحل بطريقة سرائرية لكي يحررنا. ولكن المياه تعمل للتعبير عن التطهير… “إن كان احد لا يولد” يقول القديس غريغوريوس النيصي “من الماء والروح القدس لا يقدر أن يدخل ملكوت الله” (يو 3:5).
والأب غريغوريوس العظيم في الكنيسة يتساءل: “ولكن لماذا ذكر الاثنين أي كل من الماء والروح؟ ولماذا لم يعتبر الروح فقط كافيا لإتمام المعمودية؟ فإننا نعرف جيدا أن الإنسان كائن مركب وليس كائنا بسيطا. ولهذا توصف له الأدوية مركبة أيضا, فلجسده المنظور نقدم الماء, المادة الملموسة, ولنفسه غير المنظورة نقدم الروح غير المرئي المستدعى بالإيمان”.
النقاوة التي يهبها الروح القدس من خلال سر المعمودية المقدسة كما يذكر القديس يوحنا الدمشقي: “يمحي السم الأسود للعدو المتمرغ في الحماة”. فالعدو هو الشيطان (متى 39:13), ولماذا يدعى الشيطان بهذا الاسم “السم الأسود” لان الشيطان هو رئيس ظلمة هذا الدهر, وله سلطان على هذه الظلمة (لوقا 53:22 + كولسي 13:1). والشيطان يغري الإنسان للقيام بأعمال الظلمة (افسس 11:5). وهو (متمرغ في الحماة) لأنه يسعى في زرع بذور الكذب والغش والاحتيال. “الذي استبدل حق الله بالكذب” (رومية 25:1).
وكما يعلم القديس يوحنا الدمشقي: “إذا بالمعمودية يمنح غفران الخطايا للجميع بالتساوي. أما النعمة فتكون على قدر إيمان المعتمد وقابليته للتنقية. إذا فإننا ننال ألان بالمعمودية باكورة الروح القدس, فتصير لنا إعادة الولادة بدء حياة أخرى وختما لها وضمانا وإنارة.”
بكلام آخر ومن خلال المعمودية. فإننا ندخل الحياة الجديدة بالمسيح متسربلين الإنسان الجديد, كما وجه لنا الرسول بولس: “وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق” (افسس 24:4). هذا هو حسب المرنم الطريق الصحيحة والقويمة (غير المضلة). يعني الطريق الذي توجه إلى السرور الذي لا يدنى منه, إلى البهجة الحقيقية, والفرح, والمسرات, وخاصة كما يقول القديس بطرس الرسول: “بفرح لا ينطق به ومجيد” (1 بط 8:1), ويكون فرحنا كاملا” (2 يو 12).
هذا الفرح بالتدقيق, هو الفرح النابع من ثمار الروح القدس(غلاطية 22:5), وهذا الفرح يتنعم به أولئك الذين صالحهم الله.
بهذه المصالحة الإلهية نجح أبينا البار ثاوذوسيوس رئيس الأديار, والمرشد الروحي والنسكي في الصحراء, ومع المرنم نصرخ قائلين : “لا تنس ألان رعيتك وشعبك أيها البار ثاوذوسيوس الكلي الغبطة, لكن تشفع إلى ربنا يسوع المسيح ليمنحنا الخلاص. بتضرعاتك المستجابة لدى والدة الإله أم الله, أن يحل السلام في العالم اجمع وفي منطقتنا التي تنوء تحت عبء التجارب المتنوعة, ليستقر فيها روح الوداعة والتفاهم والتعايش والمصالحة.
وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
تُرجِم من اللغة اليونانية على يد شادي خشيبون