1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم . كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الاستعداد للصوم المبارك ٢٠١٣.

” هلمو يا مؤمنون نقتبل فرض الصوم الملهج به من الله بفرحٍ كأهل قديماً ونقبله كما قبلت الزناة والعشرون كرز التوبة من يوحنا المعمدان، ولنستعد أيضاً بالإمساك لمساهمة الخدمة السيدية المكتملة في صهيون ولنسبق فنتنفى بالدموع لنستحق الغسل الالهي الصائر فيها مبتهلين أن نشاهد إتمام الفصح الرسمي وظهور الفصح الحقيقي ولنتهيأ لان نسجد لصليب المسيح الهنا وقيامته هاتفين نحوه لا تخيب رجاءنا يا محب البشر” (ذكصا كينين سبة مرفع الجبن عشية الثلاثاء).
أيها الأخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون الحسنى العبادة

ان كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة تمر في مرحلة الاستعداد للصوم الكبير. المقدس، والذي يتعلق بشكل مباشر مع عيد الفصح المجيد، عيد قيامة ربنا يسوع المسيح من بين الأموات، وقيامتنا نحن البشر أيضا. ان كنيستنا المقدسة تدعونا لان نلج هذا الصيام بتوبة صادقة وحقيقية، لان الصيام يقودنا الى ملكوت الله، ودخولنا الى فردوس النعيم، هكذا قال القديس باسيليوس الكبير: ” لقد خرجنا من الفردوس بسبب الأكل وعدم الطاعة للصيام، وليس لنا إلا الصوم والطاعة، لنعود لندخل الى الفردوس ثانية”.

لماذا يتمتع الصيام بهذه المنزلة السامية؟
يتمتع الصيام بهذه المنزلة السامية ، لانه متعلق بشكل جذري مع التوبة الصادقة والحقيقة ، حيث يصل كل أمرء الى كنه نفسه، تماماً كما حصل مع الابن الضال، واتخاذه المصيري: “أعود وارجع الى أبي”. والصيام أيضاً متعلقٌ بالصلاة وعمقها ، فالسيد المسيح يعتبر نموذجاً يحتذى به. حيث كان يعتزل ويصلي كثيراً، وما صلاة يسوع إلا مثالاً لنا لنخط ونلهج به نهاراً وليلاً، فهو القائل : “ينبغي ان يصلى في كل حين ولا يملَّ” ( لوقا ١٨: ١ ).

وكما يخبرنا الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، نلاحظ ان النبي موسى صام أربعين يوماً حيث كلم الله على طور سيناء، وكذلك النبي ايليا الذي اكل كعكة رضف وكوز ماء من الملاك “فقام وأكل وشرب ، وسار بقوة تلك الآكلة أربعين نهاراً وأربعين ليلة الى جبل الله حوريب” ( ١ ملوك ١٩: ٨ ).هذا ما نراه جلياً عند تجلي ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح على جبل ثابور، “وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه” (متى ١٧: ٣) ان السيد المسيح رب الأنبياء والشريعة يلتقي مع النبي موسى والنبي ايليا اللذان صام كل واحدٍ أربعين يوماً. هذه الحقيقة تظهر لنا سمو الصوم المقرون بالصلاة ومفعولها الذي يوصلنا الى داخل الفردوس . “والقديسة حنة النبية بنت فنوئيل من سبط أشير، وهي متقدمة في أيامٍ كثيرة … وهي أرملة نحو اربع وثمانين سنة. لا تفارق الهيكل عابدةً بأصولهم وطلبات ليلاً ونهاراً ( لوقا ٢: ٣٧) فهذه القديسة أيضاً عاينت المسيح الإله طفلاً مع امه ويوسف، وعندما حمله سمعان الشيخ على يديه الطاهرتين. من هنا تركز الكنيسة المقدسة ، كما الكتاب المقدس أيضاً. على قوة الصيام ، والتي تعادل قوة الصليب ، لان الصليب هو السلاح الذي يقمع قوة الشيطان، “هذا الجنس من الشياطين لا يخرج إلا بالصلاة والصو م” (متى ١٧: ٢١).

لهذا فالصيام بدون صلاة لا يفيد شيئاً ، والصلاة بدون صيام ليست كافية للارتقاء في سلم الفضائل والوصول الى مرحلة التنقية والاستنارة. فالصيام ليس هدفاً بحد ذاته ، وإنما هو وسيلة ترافقها لجاجة الصلاة، والتوبة الحقيقية ، وفضيلة الصدقة، والمحبة الباذلة، المقرونة بالأسرار الإلهية ، وخاصة سر الشكر الالهي، حيث نستطيع بالمعونة الإلهية، ان ننقي حواسنا، لنخط مسيرتنا الخلافية، نحو ملكوت الله الساكن فينا، حيث قال السيد المسيح: “لان ها ملكوت الله داخلكم” ( لوقا ١٧: ٢١).

وكما يقول المرنم: هلموا نحن في الصيام نستقبل ربنا يسوع المسيح، لنعاين قيامته المجيدة ، لان الأنبياء، وخاصة داود النبي أخبروا عن سر الخلاص في صلب المسيح، وقيامته الظافرة. آملين ان نعد انفسنا حسناً وبأتم وجه، لنستطيع مقاومة إبليس، والاتحاد بالمسيح يسوع, الذي ينبغي له ومع أبيه وروحه القدوس كل مجدٍ وإكرام وسجود الى الأبد. أمين
وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون