1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة القديس جوارجيوس (عكا) 11/5/2013

“لقد بزغ ربيع النعمة, واشرقت قيامة المسيح للجميع. وبدا يتلالا الان معها نهار عيد الشهيد جاورجيوس البهي البهيج الزاهر. فهلموا نعيد جميعا مبتهجين ومتشحين بحلل البهاء الالهية.”
ايها الاخوة الاحباء بالمسيح
ايها المسيحيون الحسني العبادة

هكذا يصرح مرنم الكنيسة: لقد تجلى ربيع النعمة الذي بزغ بنوره الساطع, اي قيامة ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح. من بين الاموات.
حدث قيامة المسيح, يعتبر تاج قمة الحقيقة السليم, وسؤدد الممنصب الرفيع لايماننا القويم. وهكذا ما يؤكده الرسول الالهي بولس الحكيم اذ يقول: “وان لم يكن المسيح قد قام. فباطلة كرازتنا وباطل ايضا ايمانكم… وان لم يكن المسيح قد قام, فباطل ايمانكم, انتم بعد في خطاياكم” (1 كور 14:1خ – 17).
ان قيامة المسيح هي جوهر واساس الايمان المسيحي, فبهذه القيامة الظافرة تحقق اشراق النور الالهي. مبددا قتام الظلمة الحالكة, ومنيرا البصرية العقلية, وخاصة لاولئل الذين استقر فيهم الايمان القويم غير المتزعزع, لتتم الحقيقة المعلنة من فم المسيح المتجسد كلمة الله القائل: “انا هو القيامة والحياة. من امن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيا وامن بي فلن يموت الى الابد” (يوحنا 11 : 25-26), “انا هو الطريق والحق والحياة” (يوحنا 6:14).

هذه الحقيقة, حقيقة المسيح وعمله الخلاصي, عرف كنهها, وعاش ايمانها قديس كنيستنا العظيم الشهداء جوارجيوس, الذي نحتفل اليوم بتذكاره الموقر, فكان استشهاده تاكيدا لحقيقة ايمانه الراسخ بقيامة المسيح, التي هي عربون قيامتنا.
فقد بذل نفسه الابية المترفعة عن دنايا هذا الزمان الحاضر, شهادة لمحبة المسيح, يغمرها الفرح وتكتنفها البهجة, مستمدة النور البهي نور قيامة المسيح, الذي وطد ايمانه الراسخ غير المتزعزع, تماما كما يقول مرنم الكنيسة: “ايها المسيح المخلص. اننا امس قد دفنا معك. فنقوم اليوم معك. امس صلبنا معك. فانت مجدنا معك في ملكوتك”.
الرسول بولس يستعرض شهداء الكنيسة قائلا: “لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا, لنطرح كل ثقل, والخطيئة المحيطة بنا بسهولة, ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا. ناظرين الى رئيس الايمان ومكلمه يسوع, الذي من اجل السرور الموضوع امامه, احتمل الصليب مستهينا بالخزي , فجلس في يمين عرش الله” (عبرانيين 12 : 1 -2).
رئيس ايماننا ومبدا خلاصنا يسوع المسيح, كونه؛ ليس الى غالب الموت, والمنتصر على سلطان الخطيئة, الذي قام من بين الموات, مخلصنا يسوع المسيح الظافر. “وانما اظهرت الان بظهور مخلصنا يسوع المسيح, الذي ابطل الموت وانار الحياة والخلود بواسطة الانجيل” (2 تيموثاوس 10:1), هذا يعني ايها الخوة الاحباء, انه بالقيامة الثلاثية الايام لربنا ومخلصنا يسوع المسيح, نحن جميع الناس- كلنا- افتدينا من رباطات الجحيم المغلقة علينا باحكام, فالمسيح اغدق علينا عوضها حلة الخلود, وسربال الحياة الابدية.
رسم ايقونة القيامة في كنيستنا الارثوذكسية, يشير الى دور المسيح الخلاصي, وذلك بنزوله الغالب الى دركات الجحيم, مدمرا لابوابه النحاسية, ضابطا بيديه جدين الاولين ادم وحواء, ناقلا اياهم من اسافل الجحيم الى مجد ونور الحياه الابدية.
ان قيامة مخلصنا يسوع المسيح, تقيم الساقط, وتجدد الطبيعة البشرية التي فسدت من جراء سلطان الخطيئة, لذا نستطيع من جراء ذلك المشاركة في حياة المسيح, وان يستقر فرح القيامة في حياتنا المعاشة… “اما الصعود الى السموات”, فهو رهن لكل فرد, يمتلك الرغبة والمبادرة من خلال الجهاد والتعاضد الالهي للوصول الى هذا المجد الالهي. “والله قد اقام الرب, وسيقيمنا نحن ايضا بقوته”(1 كور 14:6).
هلموا لنرى قول المرنم: “ان فصحنا الذي هو فصح الرب. قد اشرق لنا فصحا مطربا, فصحا جليل الاعتبار. فصحا نصافح فيه بعضنا بعضا بفرح. فيا له من فصح منقذ من الحزن. وذلك فان المسيح قد بزغ اليوم من القبر كالبازغ من الخدر. واوعب النسوة فرحا بقوله: انذرن الرسل بذلك.”
بقيامة ربنا يسوع المسيح: “امتلا فرحا” ليس فقط النسوة حاملات الطيب, بل كل العالم, فكل مؤمن بالقيامة مدعو لهذا الامتلاء الذي لا يفرغ.
فصح ربنا يسوع المسيح: “هو منقذ من الحزن” لجميع البشرية قاطبة بدون تمييز, فهو ينبوع الفرح والنور “لكل ارجاء العالم”.
“ان البرايا باسرها, قد استوعبت الان نورا. السماء والارض وما تحت الثرى فلتعيد اذا الخليقة جميعها لقيامة المسيح. التي بها تشددت.”
هذه التكملة للنور الالهي الذي لا يعروه مساء. وفرح القيامة البهج, يجعلنا سعداء, وذلك باظهارنا اياه نورا ومحبة, كما يقول الانجيلي يوحنا: “الله محبة” (1 يو 8:4). “الله نور وليس فيه ظلمة البتة” (1 يو 5:1).
المحبة الالهية للمسيح حررت قلب القديس جوارجيوس من ناحية, وانارت عقله من ناحية اخرى, حيث , وانارت عقله من ناحية اخرى, حيث بذل دمه وحياته بموته الاستشهادي, اي موت الفساد والخطيئة, هكذا اعلن القديس جوارجيوس هذه العقيدة بانتصاره على قوة الموت وسلطانه, فقد كان اعلانه من خلال كرازته الجهورية, بالعبور من دائرة الموت, الى مسكن الحياة الابدية, كما يقول مرنم الكنيسة: “اننا معيدون لاماتة الموت ولهدم الجحيم. ولنا جمة عيشة اخرى ابدية. وبارتكاضنا نسبح لمن هو علة هذه الخيرات. اعني به اله ابائنا, تبارك وتمجد وحده.”
هذا العيد الفصحي الذي اشرق مع تذكار القديس العظيم في الشهداء جوارجيوس لابس حلة الاخوة الاحباء, يدعونا لنرتقي الى جمة (ملء) عيشة اخرى ابدية, هذه الحقيقة تعلنها وتبشر بها كنيستنا المقدسة, بفم الانجيلي يوحنا, وايضا بالاستشهاد لمحبة المسيح القديس جوارجيوس. “لا تتعجبوا يا اخوتي ان كان العالم يبغضكم. نحن نعلم اننا قد انتقلنا من الموت الى الحياة. لاننا نحب الاخوة. من لا يحب اخاه يبق في الموت” (1 يوحنا 3 : 14-13).

المسيح قام حقا قام
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون