1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بزيارته لمدينة الكرك في الاردن – 19/5/2013

“لقد ظهر لنا من قبر المسيح الرب نور شارق الهي لا يدنى منه, والجحيم سبي, والشيطان اضمحل, واقطار العالم تفرح, والخليقة تطرب, وكنيسة المسيح تنشد مديحا معيدة لموسم يوسف الكلي الحكمة, ومعه تغبط تذكاره النسوة حاملات الطيب.”

ايها الاخوة الاحباء بالمسيح
ايها المسيحيون الحسني العبادة

فعلا ان اقطار العالم تفرح والخليقة تطرب, وكنيسة المسيح تنشد مديحا لتذكار حاملات الطيب, ولتلميذي المسيح في الخفية: يوسف ونيقوذوموس. وذلك لان النسوة حاملات الطيب اصبحن شاهدات صادقات غير كاذبات, لدفن المسيح الثلاثي الايام.
“لقد ظهر لنا من قبر المسيح نور شارق الهي لا يدنى منه”, بهذه الكلمات الخلاصية, يفسر المرنم هذا الحدث العظيم الخلاصي لقيامة السيد المسيح من بين الاموات, لان عظمة وسمو هذا الحدث, لعظيم بمقدار لا يقاس, لاستيعاب الفكر البشري, لان شخص يسوع التاريخي- ابن العذراء مريم من الناحية الانسانية – هو ليس شخصا عاديا بسيطا يكرز ويبشر مثل باقي الكارزين والمبشرين في النواحي الاخلاقية وحسب, لكنه الحاكم الواحد والوحيد, لتاريخ الانسان والانسانية.

“يا كلمة الله الابن الوحيد, الذي لم يزل غير مائت, لقد اقتبلت ان تتجسد لاجل خلاصنا, من القديسة والدة الاله الدائمة البتولية مريم, وتانست بغير استحالة. وصلبت ايها المسيح الهنا, وبموتك وطئت الموت, ولم تزل احد الثالوث القدوس المجد من الاب والروح القدس خلصنا”.
اما الروح القدس, فهو روح المسيح, اي المعزي, حيث قال السيد يسوع المسيح لتلاميذه الاطهار: “… انه خير لكم ان انطلق, لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي, ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة: اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي, واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا, واما على دينونة فلان رئيس هذا العالم قد دين.” (يوحنا 16 7 – 11).
بكلام اخر, ان المعزي, اي الروح القدس, سيبكت رئيس هذا العالم الخاطيء ومن جراء هذا التبكيت, تكون دينونة الشيطان, رئيس هذا العالم نهائية, لان هذا قد تم كنتيجة طبيعية, لالام المسيح الطوعية والخلاصية وقيامته من بين الاموات ظافرا ومنتصرا على سلطان الشيطان, ومدمرا لمملكة الجحيم.
لقد ظهر لنا المسيح الرب, من القبر, نورا فريدا ومميزا, غير مدرك, ان هذا النور هو نور القيامة الذي لا يعروه مساء, الذي يتسربل به كل شخص يريد السير نحو طريق الخلاص, وهذا حسب شهادة ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح القائل: “انا هو نور العالم, من يتبعني فلا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة (يو 12:8).
ان نور الحياة هذا, يعتبر بداية الحياة الابدية ومجدها, كما يقول المرنم: “اننا معيدون لاماتة الموت ولهدم الجحيم. ولنا جمة عيشة اخرى ابدية. وباتكاضنا نسبح لمن هو علة هذه الخيرات, اعني به اله ابائنا, تبارل وتمجد وحده”.
ان بداية هذه العيشة, وهذه الحياة الجديدة بملء مجدها, هي ثمرة المسيح الخلاصية, نتيجة لصلبه وقيامته, كما يقول قديسنا يوحنا الدمشقي, فاصبحت الرعية الواحدة تشمل البشرية والمراتب العلوية الملائكية, لتكون كنيسة واحدة, اما ثمرة القيامة فهي الصعود الالهي الممجد للمسيح الظافر من بين الاموات, وجلوسه من عن يمين الاب. حيث تالهت البشرية بالنعمة مسبقا, كما يذكر ذلك القديس سمعان المترجم: “يا من بصعودك المجيد الهت البشرة التي اخذتها وشرفتها بالجلوس من عن يمين الاب”. (الافشين الثامن – المطالبسي)
هلموا لنرى دعوة المرنم القائل: “هلم يا ايها الشعوب لنسبح لقيامة المخلص ذات الثلاثة الايام التي بها نجونا من عقالات الجحيم الغير المنفكة واخذنا جميعا الحياة وعدم الفساد صارخين: يا من صلبت ودفنت وقمت خلصنا بقيامتك يا محب البشر وحدك.
نور القيامة غير المدرك, ضمنا اليوم سوية في هذا الاحتفال الفصحي الشكري (الافخارستي), ايها الاخوة الاحباء, وفي هذا المكان التاريخي والمقدس, اي مدينتكم الاصيلة, والتي تحمل اسم الرب – كيرياكوبوليس = اي الهنا ومخلصنا يسوع المسيح, نور القيامة هذا, يحثنا ويحفزنا لنهتف صارخين:
“اليوم يوم القيامة, فسبيلنا ان نتلالا بالموسم. ونصافح بعضنا بعضا. ولنقل يا اخوة. ونصفح لمبغضينا عن كل شيء في القيامة. ونهتف هكذا قائلين. المسيح قام من بين الاموات ووطىء الموت بالموت. ووهب الحياة للذين في القبور”.
نعم ايها الاخوة الاحباء, المسيح القائم هو الله المحبة, الله محب البشر, الله التسامح, وهو النور الحقيقي, كما يقول الرسول يوحنا الانجيلي: “من قال: انه في النور وهو يبغض اخاه, فهو الى الان في الظلمة. من يحب اخاه يثبت في النور وليس في عثرة, واما من يبغض اخاه فهو في الظلمة, وفي الظلمة يسلك, ولا يعلم اين يمضي, لان الظلمة اعمت عينيه” (1 يو 2 : 9 – 1).
نتضرع الى ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح, ان يمد المسكونة بالاستنارة المتجلية من قيامته المجيدة, مالئا قولبنا وذواتنا, من نور قيامته البهي, مقتدين بالرسول بولس الالهي القائل “لاعرفه وقوة قيامته, وشركة الامه, متشبها بموته, لعلي ابلغ الى قيامة الاموات” (فيليبي 3 : 10).


المسيح قام, حقا قام
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون