1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس اليشع النبي 27/6/2013

“لقد نلت النعمة من الروح القدس مضاعفة, فظهرت نبيا وصانع عجائب في كل الأقطار. تنقذ ممتدحيك من الخطوب والأهوال. وتمنح نعمة عجائبك لقاصديها عن إيمان, وللهاتفين نحوك: السلام عليك أيها النبي العجيب”.
أيها الآباء الأجلاء, والإخوة الأحباء.
أيها المؤمنون, والزوار الحسني العبادة.

يتزامن عيد هذا اليوم للقديس والنبي اليشع, مع فترة الاحتفال بعيد العنصرة العظيم والمقدس, أي حلول الروح القدس بشكل السنة نارية على التلاميذ والرسل الأطهار, لربنا وألهنا ومخلصنا يسوع المسيح, هذا لان حدث العنصرة الفريد والمميز, يتمتع بمعنى روحي كبير وفريد, فمن خلاله تمتعت كنيسة المسيح المقدسة بحلة الخلاص والانعتاق من العبودية والفساد. وهذا ما يذكره القديس يوحنا الذهبي الفم اذ يقول: “بدون الروح القدس تنهار الكنيسة ولا يقوم لها قائمة, ولكن إذا كانت الكنيسة راسخة فما من شك ان الروح القدس هو الذي يسندها ويقويها.”

هذا الروح, هو روح الوعد الصريح للرب المقام, وهو الرجاء, والتكملة أي المعزي؛ هكذا أعلن السيد المسيح لتلاميذه الأطهار قائلا: “وأنا اطلب من الأب, فيعطيكم معزيا أخر ليمكث معكم إلى الأبد, روح الحق… ”
(يو 17 – 16 : 14 ) .
هذا هو الروح الذي تكلم مسبقا من خلال الكتاب المقدس أي العهد القديم. عن يهوذا الاسخريوطي, كما يشهد بذلك القديس لوقا في سفر أعمال الرسل: “كما ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس بفم داود النبي, عن يهوذا الذي صار دليلا للذين قبضوا علا يسوع” (أعمال 1:16).
هذا هو الروح الذي تكلم عند بولس الإلهي حين كان يتحدث مع الإخوة, كما يشهد الإنجيلي لوقا في سفر أعمال الرسل: “.. فانصرفوا وهم غير متفقين بعضهم مع بعض, لما قال بولس كلمة واحدة: “انه حسنا كلم الروح القدس آباءنا باشعياء النبي” (أعمال 28 – 25), هذا هو الروح القدس الذي أهل اليشع لعطية النبوية.
بكلام أخر أيها الإخوة الأحباء
الروح القدس هو الروح المعزي الذي من الأب ينبثق, ويستريح في الابن. هذا هو حسب مرنم الكنيسة: “إن الروح القدس نور وحياة وينبوع حي عقلي, روح حكمة, روح فهم, صالح مستقيم عقلي رئاسي مطه للهفوات, اله وماله, نار من نار بارزة, متكلم فاعل مقسم للمواهب. الذي به الأب الأنبياء كافة ورسل الله مع الشهداء تتكلموا, سمعة مستغربة, رؤية غريبة, نار مقسومة لتوزيع المواهب”.
هذا يعني أن كل الأنبياء, أعلنوا حقيقة الإله المثلث الاقانيم إلى العالم؛ وأيضا الرسل الأطهار, فمن خلالهم تم التبشير بإنجيل الخلاص, أي الكلمة المتجسد المسيح الإله, في جميع أقطار الأرض, وفي مليء المسكونة: فالأنبياء والرسل الأطهار وشهداء محبة المسيح الإله, يكونون قاعدة صرح الإيمان واساسة الثابت غير المتقلقل, الذي عليه يتم بناء البيت الإلهي, المنظور وغير المنظور, أي الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية للمسيح الإله, حيث ينبع داخلها سر الخلاص العظيم والمهوب للبشرية جمعاء.
هلموا اذا, لماذا كنيستنا تحتفل وتكرم تذكار النبي العظيم والقديس اليشع الصانع للعجائب, في هذا المكان المقدس, بهذه المنطقة الفريدة والمميزة, منطقة نهر الأردن, حيث جال بنشاط وغيرة متقدة , مسلما البركة الروحية, من رداء معلمة ايليا النبي, كما يصرح مرنم الكنيسة قائلا: :لقد نلت النعمة من الروح القدس مضاعفة. فظهرت نبيا وصانع عجائب في كل الأقطار. تنقذ ممتدحيك من الخطوب والأهوال. وتمنح نعمة عجائبك لقاصديها عن إيمان. وللهاتفين نحوك: سلام عليك أيها النبي العجيب.”
نعمة الروح القدس, الروح المعزي لكلمة الله مخلصنا يسوع المسيح, جمعتنا كلنا في هذا المحفل المقدس, لنرنم ونكرم بطريقة تمجيدية, للعظيم والصانع للعجائب من بين الأنبياء جميعا, اليشع النبي الخادم, الذي يعتبر: الشهادة الحقيقية لإيماننا الارثوذكسي القويم الرأي, النقي من كل شائبة.
إيماننا المسيحي, نحن الروم الأرثوذكس أيها الإخوة الأحباء, هو إيمان الأنبياء, إيمان الرسل والشهداء والقديسين لمحبة المسيح. هو الإيمان الصحيح, النقي, والصافي بطهره, الذي لا يتأثر بالذراع البشرية, والقوى العلمانية, والسلطة الدنيوية, لكنه الإيمان المؤله, الذي يؤدي إلى العلاج والتجلي من حالة الفساد والموت, إلى حالة القيامة بالمسيح مخلص نفوسنا. “لأنه هذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه, أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟ فالمسيح – ابن الإنسان – سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته, وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله, هكذا يقول الرب” (مت 27 – 26 : 16).
نتضرع للروح المعزي روح القدس, ومع المرنم نقول: وان أيها النبي اليشع, المستريح ألان في الحياة الأبدية حيث تتمتع بالغبطة والسعادة, تشفع الان في خلاص نفوسنا, لنحظى ونؤهل للملكوت السماوي, ملتجئين أيضا وبحرارة وايمان الى والدة الاله, الكلية القداسة, والدائمة البتولية مريم, بشفاعاتها المستجابة لدى المسيح الإله, أن يهبنا حظ المخلصين الأيمن, الذي له, ومع أبيه, وروحه القدوس, كل مجد وإكرام وسجود ألان وكل أوان والى دهر الداهرين أمين.
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون