1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تجلي ربنا وألهنا ومخلصنا يسوع المسيح ١٩ /٨/ ٢٠١٣.

” وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبلٍ عالٍ منفردين ، وتغيرت هيئة قدامهم ، وأضاء وجه كالشمس ، وصارت ثيابه بيضاء كالنور” ( متى ١٧: ١-٢) ، كما شهد بذلك الإنجيليين.
أيها الأخوة الأحباء .
أيها المؤمنون ، والزوار الحسني العبادة.

كنيسة المسيح المقدسة تحتفل اليوم في حدث هذا العيد الحقيقي البهج، الذي سطره التاريخ بأحرف من ذهب كونه حقيقة تاريخية ثابتة وأسئلة، تمت في هذا المكان المقدس المميز والفريد بنوعه. إذ على قمة هذا الجبل الشهير والمدعو بطور تابور، تجلى ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح . ” تجلى أمام تلاميذه الأطهار ، وأضاء وجهه كالشمس ، وصارت ثيابه بيضاء كالنور ” ( متى ١٧: ٢).

وعن تجلي الرب على جبل تابور يقول القديس يوحنا الدمشقي : ” تجلى أمام تلاميذه ذاك الذي دائماً ممجداً مع ذات ونفس المجد ، ويلمع أيضاً مع برق اللاهوت … تجلى الرب دون ان يتخذ ما لم يكن لديه ، ودون ان يتغير إلى ما لم يكن ، بل كاشفاً لتلاميذه عما كان موجوداً بعد ان فتح أعينهم وبعد ان جعلهم يبصرون وهم عميان . أرأيتم كيف أن العيون بحسب الطبيعة هي مطفأة بالنسبة الى ذلك النور ؟ لهذا لم يكن ذلك النور محسوساً ولا كان الناظرون يشاهدونه بأعينهم الحسية، بل بأعينٍ نسجتها قوة الروح القدس”.
يقول القديس غريغوريوس بالأمس عن المسيح، تجلى ليس لكي يقتني شيئاً جديداً ، لم يكن لديه سابقاً ، ولم يتغير لشيء لم يكنه ، لكنه بالطريقة التي أظهرها لتلاميذه ، فتح أعينهم لكي يبصروه كما كان هو ، بهذا فقد حول بصرهم من رؤية غير واضحةٍ إلى رؤية جليةٍ.
بكلام آخر أيها الأحباء ؛ وبحسب القديس غريغوريوس بلاماس ،فالسيد المسيح لم يكشف ضيائه المكنون فيه ، إنما ضياء الطبيعة الإلهية كان محجوباً تحت ستار البشرية الإنسانية ، لذلك نور التجلي هو ميزة اللاهوت ، اي النور غير المخلوق.
ان عين الإنسان الجسدية هي عمياء بالنسبة للنور غير المخلوق ؛ وهذا النور هو نور غير ملموس ولا يخضع الحواس البشرية فالتلاميذ الذين أبصروه ، لم يبصروه بعيونهم الجسدية ، لكن أبصروه بالعيون التي كانت مهيأة من ذي قبل، بشكل موافق وملائم بنعمة الروح القدس ، فبعدما ارتقى بصرهم بنعمة الروح القدس ، أُهلوا لهذه السمة الإلهية ليعاينوا مجد اللاهوت.
إن الطبيعة البشرية- التي أتخذها المسيح بالتجسد – أصبحت مشتركةً باللاهوت ،فخاصية التغيير حيث شع نور اللاهوت في التجلي ، لم تحصل بشكل فجائي على جبل تابور فقد تم الاتحاد بين اللاهوت والناسوت منذ التجسد الإلهي في أحشاء العذراء مريم بأخذه للطبيعة البشرية من دمائها النقية ، ففي هذا الاتحاد أله المسيح الطبيعة البشرية المتحدة بلاهوته في نفس إقنوم الكلمة.
ليتنا نعاين ما يقوله مرنم الكنيسة :
” إن المرئي إنسان وأما الخفي فإلهٌ ، فالمسيح يصعد على جبل تابور لكي يكشف عن شعاع لاهوته ، بتألق أشعة مجده التي تفوق نور الشمس بهاءً”.
هذا الكشف أو ظهور نور مجد اللاهوت ، ما هو إلا النور الإلهي والسرمدي غير المخلوق . نور المجد الذي أظهره المسيح لتلاميذه كما يقول المرنم : ” تجليت أيها المسيح الإله على الجبل، فأظهرت مجدك لتلاميذك حسبما استطاعوا”.
اي منحهم نعمة روحه القدوس ، هذا هو بالتدقيق نور المجد لكنيستنا الأرثوذكسية المقدسة ، وهو أيضاً غنى الملكوت الأبدي …” أنا نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة” (يو ٨: ١٢) .
نحن المتواضعون وغير المستحقين، أصبحنا شركاء لنور الحياة ؛ هذا النور الأبدي للاهوت المسيح المكنوز في سر مناولة الجسد والدم الإفخارستي لربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح .
اليوم في جبل تابور أيها الأخوة الأحباء كما يقول المرنم : ” إننا بنورك أيها الكلمة النور الذي لا يستحيل ، المولود من الأب النور الغير المولود . رأينا الأب النور ، والروح القدس النور الذي ينير الخليقة كلها”.
نتضرع إلى ربنا وإلهنا يسوع المسيح ومع مرنم كنيستنا نقول : أيها المسيح الإله يا من تجلى على جبل ثابور وارى تلاميذه مجد لاهوته .أنرنا نحن أيضاً بنور معرفتك وأهدنا في سبيل وصاياك بما انك وحدك الصالح والمحب البشر .
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون