1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينه اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة رفع الصليب المكرم المحيي 2013/9/21

“اليوم يرفع الصليب فيتقدس العالم, لانك ببسط يديك عليه ايها المسيح المجالس الاب والروح القدس اجتذبت العالم كله الى معرفتك, فاهل المتوكلين عليك للمجد الالهي”.
سيادة قنصل اليونان العام
المطارنة الاجلاء, واعضاء اخوية القبر المقدس
ايها الاخوة الاحباء
ايها المؤمنون, والزوار الحسني العبادة.

ان شعائر العبادة التي رفعت ليتورحيا في كنيسة القيامة, بمناسبة عيد رفع الصليب الكريم المحيي لربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح, هي شهادة الايمان والرسالة لاخويتنا, اخوية القبر المقدس, التي تخدم فيها.
هذا التعبير لشهادة الايمان منوط بامرين:
الاول هو صليب المسيح الكريم المحيي. والذي علية كما يقول المرنم: بسط المسيح عليه يديه الطاهرتين, مجتذبا العالم كله الى معرفته, وبشكل اكثر دقة, جذب الرسول بولس, في هذه المعرفة, معرفة كلمة الله المسيح, كما يذكر ذلك في رسالته الى اهل غلاطيه: “واما من جهتي, فحاشا لا ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح, الذُ به صلب العالم لي وانا للعالم” (غلاطية 14:6), وبشكل اكثر وضوحا يقول الرسول بولس: ليس لي في العالم اي شيء يمكن له ان يشدني للافتخار والتباهي.
فعندما تيقنت, ان المسيح اخذ صورة عبد صائرا في شبه الناس, وصلب لعظيم محبته من اجل خلاصي انا بولس, عندها استقر افتخاري بموت المسيح على عود الصليب, فمن خلال الايمان بفاعلية ونتائج هذا التدبير الالهي, الذي انتزع مني وللابد الشغف بهذا العالم والارتباط به, بالنسبة لي اصبح العالم ميتا وفاقدا لقدرته وقوته, وهكذا انا ايضا قد مت للعالم.

الامر الثاني يتعلق بموت المسيح على الصليب, الذي حقق المصالحة لكل العالم المنظور وغير المنظور. كما يكرز الحكيم بولس: “وان يصالح به الكل لنفسه, عاملا الصلح بدم صليبه, بواستطه سواء كان, على الارض, اما ما في السموات (كولوسي 20:1).
لقد سر الله الاب بهذه المصالحة, التي اتمها ابنه الوحيد يسوع المسيح, عندما سفك دمه الطاهر على عود الصليب, صانعا السلام من خلال ذبيحته الكفارية, فقد صالح الله الاب البشرية الساقطة على الارض, وتصالحت الملائكة في السموات معنا نحن ابناء البشر, كل هذا تم بسر الفداء على عود الصليب.
صليب المسيح الكريم المحيي ايها الاخوة الاحباء: يحوي سر التدبير الالهي هذا السر المكتوم, وغير المدرك منذ الازل, المحفوظ فقط لدى الله المثلث الاقانيم. هذا السر اعلن لنا من خلال ربنا يسوع المسيح الاله الكامل – والانسان الكامل. فكونه اله كامل, فانه زرع شجرة الحياة في وسط الجنة, (تك 9:2), وكانسان كامل بعد تانسه من العذراء والدة الاله مريم: زرع “في وسط الارض” خشبة الصليب لخلاصنا, كما يذكر سفر مزامير: “اما الله فهو ملكنا قبل الدهور, عمل الخلاص في وسط الارض” (مز 12:73).
ان خشبة الصليب التي سقاها المسيح الاله – الانسان بالدم والماء المقدسيين من جنبه الطاهر, بعد ان طعن جنبه بالحربة, “ولكن واحد من العسكر طعن جنبه بحربة, وللوقت خرج دم وماء” (يو 34:19), ان الدم الماء هما سر الكنيسة اي المعمودية وامناولة الالهية, هكذا تحول الصليب الى الشجرة المعطية الحياة, هذه الشجرة بعد ارتوائها بالماء والدم, اصبحت ثمرتها الشهية للاكل ينبوع الحياة الابدية.
ايها الاخوة الاحباء
انه من خلال الصليب الكريم المحيي الذي نرفعه اليوم بشكل احتفالي وطبيعي وروحي مع القديسة هيلانة المعادلة للرسل, والقديس مكاريوس اسقف اورشليم اللذان عاينا وكانا شاهدين عند العثور على الصليب الكريم المحيي في اورشليم, لهذا الحدث الفريد نسجد بالحقيقة للمسيح الاله: “الذي بذل نفسه لاجلنا, لكي يفيدنا من كل اثم, ويطهر لنفسه شعبا خاصا غيورا في اعمال حسنة” (تيطس 14:2).
نحن نكرم الصليب المقدس لمخلصنا يسوع المسيح الاله الانسان, الذي هو ينبوع تقديس, وسبب تاله البشرية, ومع المرنم نقول: “انك بارتفاعك ايها السيد على خشبة الصليب رفعت معك كل طبيعة ادم الساقطة. فلذلك نرفع نحن صليبك الطاهر يا محب البشر. مستمدين منك القوة التي من العلى. وصارخين خلص ايها العلي المكرمين رفع صليبك الالهي البهي الموقر. بما انك الاله الرحيم” , واعط للعالم ولمنطقتنا السلام العلوي. امين.
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون