كلمة صاحب الغبة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالت بمناسبة تذكار القديس جوارجيوس في اللد في الكنيسة 2013/11/16

“لنمتدحن حارث المسيح البطل بين الشهداء. جاورجيوس كاروز الحق الحكيم. وغرسة كرم المسيح الحية على الدوام التي اينع ثمرها. فدر سلاف حسن العبادة الذُ يسر الذين يقيمون تذكاره كل سنة عن ايمان.” هكذا يصرح مرنم كنيستنا المقدسة.
ايها الاخوة الاحباء. ايها المؤمنون, الزوار حسني العبادة.
ان كنيستنا المقدسة, وخاصة الكنيسة الاورشليمية, يعيد اليوم, ذكرى تدشين هذا الهيكل الشامخ والتاريخي, للقديس جوارجيوس المظفر العظيم في شهداء المسيح, حيث بني هذا الصرح زمن الامبراطور الرومي المعادل الرسل قسطنطين الكبير.
وقد حظي القبر الفارغ المتواجد في هذا الهيكل, ليكون موضع راحة لرفات القديس جوارجيوس الذي نقل اليه باكرام واجلال وتوقير. حيث نقوم اليوم بتذكار تكريس هيكل القديس الشهيد العظيم جوارجيوس في مدينة اللد, اي نقل لأسده ووضعه فيه.

ان هذا القبر, هو ينبوع عجائب باهرة, تعطى لاولئك القىدمين الى القبر بايمان صادق وقويم, اذ يحصلون على هذه النعم الالهية التي تسكبها العناية الالهية, فالله بمعرفته غير المحدودة يمجد كل الذُن يمجدونه.
القديس جوارجيوس, اصبح شهيدا عظيما, وكاروز الحق لانجيل المسيح لانه “يخجل بشهادة ربنا يسوع المسيح… الذي ابطل الموت, وانار الحياة والخلود بواسطة الانجيل” (ء تيمو ا : 8 و 10).
ان القديس جوارجيوس, القائد المقتدر في الجيش الروماني, حصل على الاستنارة الروحية بالايمان المسيحي المستقيم الراي, حيث قاوم عبادة الشياطين المتمثلة بعبادة الاصنام, وتبنى عبادة الحقيقية بالمسيح, مدافعا عنها حتى اكليل الشهادة بارقة دمه الكريم في سبيل هذا الايمان الوطيد. وهكذا فقد شابه القديس جوارجيوس بايمانه القديس بولس الرسول القائل : “بل اني احسب كل شيء ايضا خسارة من اجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي, الذي من اجله خسرت كل شي وانا احسبها نفاية لكي اربح المسيح” (فيلبي 8:3).
ان القذيس جوارجيوس اصبح كاروز الحق الحكيم وعرسة كرم المسيح الحية, اي كنيسته.
نقول كنيسته (كنيسة المسيح), لان المسيح هو الحقيقة المتجسدة, فهو كلمة الله العامل بواسطة الكنيسة بروحه القدوس, داخل تاريخ الكنيسة والبشرية قاطبة. فتاريخ البشرية يتميز من خلال هذا العالم المخلوق, المحدود والمتلاشي, وايضا يتميز بالتاريخ المقدس. فالتاريخ المقدس هو تاريخ الكنيسة بعهديها القديم والجديد, الذي يشمل جميع الشهداء والقديسين والنساك والحسني العبادة المسيحيين.
فالتقليد الرسولي والتعليم العقائدي للكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية, كنيستنا, ام الكنائس, تدعونا لان نلبس سلاح الله الكامل, ضد جرثومة التشويش, والحيرة, والفوضى في هذا العالم الغاش, من اجل الحفاظ على سلامة نفوسنا في زماننا الحاضر كما يكرز الرسول بولس الالهي: “يا اخوتي… البسوا سلاح الله الكامل, لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس. فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم, بل مع الرؤساء, مء السلاطين, مع ولادة العالم على ظلمة هذا الدهر, مع اجناد الشر الروحية في السماويات (افسس 6: 10 – 12).
هذا السلاح (سلاح الله الكامل) لبسه جميع قديسي الكنيسة, وجميع الذين نالوا اكليل الشهادة من اجل محبتهم للمسيح الاله. الذُن حملوا نير المسيح بصبر كبير, كما يقول الرسول الالهي : “وجميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون اما الاشرار والمغوون من الناس فيزدادون شرا مضلين ومضلين” (2 تيمو 3 : 12 + 13).
احتفالنا بتذكار الشهيد جاورجيوس ولجهاداته بشكل عام, ايها الاخوة الاحباء بالمسيح, لا يقتصر قط على الماضي الزمني والتاريخي لهذا الجهاد.لكن تذكار حدث استشهاده يرتبط في كل الازمنة: الماضي والحاضر, والمستقبل.
نقول هذا لان هؤلاء الناس المهجرين, الذُن اجبروا على الخروج قسرا من اراضيهم وبيوتهم, ومن ارض ابائهم واجدادهم, يعتبرون اقربائنا بالبشرية, مازالوا يضطهدون بشكل كبير, فكثير من الشهداء والقتلى, الابرياء والضعفاء, الاطفال والشيوخ والشبان, لقوا حتفهم من جراء هذه الانتهاكات البشرية الظالمة؛ وخاصة اخوتنا الذين يمتلكون نفس العقيدة والتفكير, القاطنين عن قرب وعن بعد من منطقتنا, كما يقول الرسول بولس: “كغرباء ونزلاء… ” (1 بط 2 : 11). هذا للاسف هو واقع حياتنا الذي لا يستطيع احد ان يذكره, هذا الواقع يدعم صحة كلام الانجيل المقدس, كما يذكره الانجيلي يوحنا: “بل تاتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة لله” (يو 2 :16). وبطريقة جلية نقول: تاتي ساعة يحسب فيها ان كل من يقتل احد هؤلاء المؤمنين, يظن في نفسه – وبشكل خاطىء طبعا – انه يقدم قربان تضحية لله حسب ظنه الباطل – معتبرا جريمة القتل النكراء هذه, تقدمة عبادة لله. ويقول القديس كيرللس الاسكندري: “يفكرون ان الموت المصوب نحوكم, يعتبر فريضه للعبادة المحبوبة من الله, او التي يستحسنها الله, حسب ظنهم الخاطيء”, لكن ايها الخطاة: الله قد قال في وصاياه السماوية لا تقتل!!!
ان الشيطان الماكر والخبيث, يستعمل لباس التقوى, غطاء لاساليبه المدمرة والقاتلة, كانه يقوم بخدمة الله, وهذا ما نراه اليوم بشكل واضح, فكثير من المرات فان المخربين المتشددين ضد الحقيقة بالمسيح, جلسوا في هيكل الله, كما يقول الرسول بولس الحكيم: “المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى الها او معبودا, حتى انه يجلس في هيكل الله كاله” (2 تسالونيكي 2:4). لهذا السبب ايضا لا يفوت مرنم الكنيسة ان يسبح بطريقة تمجيدية القديس العظيم في الشهداء جوارجيوس قائلا:
“لقد هزمت وبددت بعصا اقوالك الشريفة جماهير الشياطين. واعتقت من اذاهم قطعان المؤمنين. يرنمون قائلين: باركوا الرب يا جميع اعماله وارفعوه الى كل الدهور”. وكذلك يرنم قائلا:
“لقد اطفات بسواقي دمائك لهيب الضلالة ايها المجاهد الظافر جاورجيوس المغبوط. وحطمت باس الحكام المردة ووقاحتهم الى النهاية. ومجدت المسيح. فنلت اكليل الحياة والخلود من يمين العلي”.
هذا هو ايضا ايها الاخوة الاحباء, هدف كنيستنا المقدسة, ان تؤهل ابنائها ليكونوا مستحقين لنوال اكليل الحياة والخلود (من يمين العلي), وهدفها ايضا: التنظيم في سلك القديسين, الارشاد الى ميناء الخلاص, والتمتع بالنور الذي لا يغيب.
لكي نحظى بهذه الرتب السماوية, تقودنا الكنيسة في روضة الفضائل الروحية السامية, فتقدم لنا فرائض الصوم والصلاة المستمرة, ونقاوة النفوس وطهارة عكولنا نحن المؤمنين اعضاء الكنيسة جسد المسيح, لهذا فالقديس بولس الالهي يامرنا قائلا:
“اسهروا. اثبتوا في الايمان, كونوا رجالا, تقووا.” (1 كورنثوس 16 : 13). “واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر, مصلين… اسلكوا بحكمة من جهة الذين من خارج. مفتدين الوقت.” (كولوسي 4 : 2 – 5).
نتضرع الى القديس جوارجيوس الذي نحتفل بتذكاره الموقر, ومع المرنم نقول: “لقد تسلمت بعلامة الصليب ايها المجاهد جاورجيوس المتاله اللب. فحططت بها بشجاعة كل قوة الحكم المتمردين. مناضلا عن الايمان. وفضحت كل كفر عبادة الاوثان. وثبت المؤمنين في الايمان. فنلت بجهادك اكليك الظفر من يد ربك عن استحقاق, فتشفع الى المسيح الاله, طالبا ان يهب غفران الزلات للذين يعيدون بلهفة لتذكارك المقدس.
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
بطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون