كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رؤساء الملائكة, في مدينة يافا 2013/11/21

“لقد جعلت الجوهر العاري عن الجسد باكورة مخلوقاتك يا صانع الملائكة, تحتف حول عرشك الطاهر هاتفة قدوس قدوس قدوس أنت يا الله الضابط الكل.”. “السلام عليكما يا جبرائيل خادم سر تجسد الله, ويا ميخائيل المتقدم على الصافات الغيرالهيوليه, الهاتفان بلا فتور قدوس قدوس قدوس أنت يا الله يا ضابط الكل.” هكذا يصرح مرنم الكنيسة.
أيها الإخوة الأحباء أيها المؤمنون, والزوار الحسني العبادة.
إن زعيمي الملائكة والمتقدمين عليهم, ورئيسي الصافات الباهيين ميخائيل وجبرائيل احتضنانا بطريقة سرية في هذا الهيكل الموقر الذي اسميهما المباركين, في بلدتكم يافا, التي ذكرها الكتاب المقدس, وذلك بمناسبة تذكارهما الشريف الذي يقع في هذا اليوم, حيث أتينا لنحتفل ليتورجيا بسر الشكر الإلهي, بمعاضدة رئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل الغير الهيوليين, الذين يحتفان حول عرش الله الطاهر, المنشدين بغيرة كبيرة لا تفتر: قدوس قدوس قدوس أنت يا الله الضابط الكل.
إن القوات الغير الهيولية العقلية (أي الملائكة) هم: “… أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عب 1:14), هكذا يقول بولس الرسول.

وخدمة الملائكة هذه, أكدتها كلمات ربنا يسوع المسيح القائل: “… يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب” (لوقا 10:15).
ومن ناحية أخرى فان مرنم الكنيسة يقول: “هلموا بنا نؤلف محفلا ونمتدح بالأناشيد أجواق صافات الملائكة ألعديمي الأجساد العقليين, بما أنهم خدام الله يتشفعون على الدوام في خلاصنا, ويسرون بتوبتنا”.
إن السر العظيم, الغير مدرك, حسب التدبير الإلهي لمخلصنا يسوع المسيح, أيها الإخوة الأحباء, يتمحور حول خلاص البشرية قاطبة, الذي لا يتم إلا من خلال التوبة الحقيقية. فكانت أولى كرازة السيد المسيح وبشكل واضح وصريح هي: “توبوا فقد اقترب ملكوت الله: (متى 4:17).اما التوبة حسب وصايا وتعليم السيد المسيح, فترتبط بشكل مباشر مع العدل الإلهي من جهة, والاستعداد للدينونة العامة من جهة أخرى الممتحورة حول تاريخ هذا العالم المخلوق.
والقديس اكليمس الروماني يقول بهذا الصدد: “إن البشرية لطالما هي موجودة على هذا الأرض, يتحتم عليها السلوك في منهج التوبة الحقيقية, ليتسنى لها التفكير عن جميع الأعمال الشريرة التي اقترفتها , لان هذه هي المشيئة الإلهية ليتحقق من خلال التوبة خلاصنا بالمسيح, فحياتنا هي مجرد فترة زمنية أعطيت لنا لهدف التوبة, ولكن بعد انفصال الروح عن الجسد, وخروجنا من هذا العالم, لا يكون لنا نحن البشر أي مجال للتوبة أو الاعتراف,… لذلك أوصي وانبة لكي لا يقول احد منكم: انه لا توجد قيامة للأجساد, وانه لا توجد ديونة عامة, ولا قيامة عامة… فالسيد المسيح ربنا وإلهنا, كان في البدء روح, ثم اخذ له في ملء الزمان, فمن هذا المنطق, (أي انه روح وجسد) – دعانا نحن بعد تجسده – وعلى هذا الأساس سوف ننال أجرنا. (رسالة القديس اكليمس الروماني الثانية إلى أهل كورينثوس).
الملائكة أرواح خادمة, أبدها الباري, لتشارك وتعمل في تنفيذ مخطط الله لخلاص الإنسان, كما يظهر ذلك من خلال فم المسيح القائل: “فان ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته, وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله.
مما ذكر أعلاه يظهر جليا, أن الرئاسات, رؤساء الملائكة حسب أقوال القديس ديونيسيوس الاريوباجيتي, يخدمون كوسيلة تنفيذية لإرادة الله وقراراته وينفذونها بحذافيرها بمليء الطاعة والخضوع.
إن الرتب الملائكية التسعة, تقسم إلى ثلاث وثلاثيات, فالرئاسات, ورؤساء الملائكة, والملائكة, هم (الثلاثي الثالث) يتميزون بأنهم الضابط الأوائل: مثل رئيس الملائكة جبرائيل, حيث استدت اليهم مهمة التصدي لمحاولات الشيطان عدو خلاصنا, ومحاربتنا, هذا المتكبر الذي يعمل بدون هوادة لصد طريق خلاصنا, ومحاربتنا المستديمة لإسقاطنا في طريق الشر, فهي يحاول ان يسمم تفكيرنا بتفريغ سم كبريائه فينا, تماما كما حدث عند سقوطه: “… وأنت قلت في قلبك: اصعد إلى السموات ارفع كرسي فوق كواكب الله… أصير مثل العلي, لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب”.
وعن سقوط الشيطان المريع يشهد ربنا يسوع المسيح إذ يقول في الإنجيل الشريف: “… رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء” (لوقا 18:10).
رئيس الملائكة جبرائيل, مازال على عهد الوفاء والعهد مع الله, فهو يقر بالجميع الممنوح له كعطية الهية, التي اغدقتها عليه النعمة السماوية من الله الضابط الكل شاكرا إياه لمنحه الرتبة العقلية غير الهيولية العظيمة في جبروتها كرئيس للملائكة, فامتنانه هذا يتألق في معونة الجنس البشري, ليصل إلى ميناء الخلاص.
لهذا السبب يقول مرنم الكنيسة:” يا رئيسي قواد رئيسي الله وخادمي المجد الالهي ومرشدي البشر, وزعيمي ألعديمي الأجساد, اطلبا لنا عظيم الرحمة وما يوافقنا, بما أنكما رئيسا قواد جنود ألعديمي الأجساد”.
أيها الأحباء المسيح, هو رأس جسد الكنيسة, الضابط الكل كما يقول الرسول بولس: “.. إن الابن يسوع المسيح الذي هو صورة الله غير المنظور, بكر كل خليقة . فانه فيه خلق الكل. ما في السموات وما على الأرض, ما يرى وما لا يرى, سواء كل عروشا ام سيادات ام رياسات ام سلاطين. الكل به وله كل خلق, الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل وهو رأس الجسد الكنيسة”.
حري بنا أيها الإخوة الأحباء معاينة القوات السماوية العقلية الملائكية, مشاركتهم في أعمال الله الخلاصية المعدة لنا نحن البشر, وأيضا لنعاين كنيستنا المقدسة كيف تكرم وتعظم بشكل مميز وفريد, القوات العقلية, أي الرتب الملائكية, كما يظهر ذلك بشكل واضح, مرنم الكنيسة, إذ يقول: “إياك نعظم بلا فتور أيها المسيح, يا من ضم الأرضيات إلى السماويات, وألف كنيسة واحدة من الملائكة والبشر”.
إذا نتضرع بتوبه حارة , للقديسين غير الهيوليين, الذين يخدمون الكنيسة, وخاصة لرؤساء الملائكة ميخائيل وجبرائيل, الواقفين أمام عرش الله أن يتشفعنا, من اجل خلاص نفوسنا. “إنا نبتهل إليكما نحن الغير المستحقين يا زعيمي الجنود السماوية, طالبين أنكما بتضرعاتكما تشملانا بستر أجنحه مجدكما الغير الهيولي, وتحفظانا مصونين. فإننا لا ننفك جاثين لكما وهاتفين: نجيانا من الخطوب بما إنكما رئيسا صافات القوات العلوية”
كل عام وانتم بخير

الداعي بالرب
بطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون