كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد الشهيد فيلومينوس 2013/11/28

“لذلك نحن أيضا إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا, لنطرح كل ثقل وخطيئة المحيطة بنا بسهولة, ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا, ناضرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع”
أيها الإخوة الأحباء, أيها المؤمنون, والزوار الحسني العبادة
لقد عاد التذكار السنوي لشهداء محبة المسيح, ليشرق في شخص القديس فيلومينوس, عضو أخوية القبر المقدس, فهو الشاهد الذي يحمل اسم (المحبوب من الرب).
هذه الذكرى ا؛مباركة والعطرة جمعتنا اليوم, في هذا المكان المقدس, لتقديم الإكرام والتمجيد والشكر الواجب, للمسيح الإله, الذي منح القديس فيلومينوس إكليل الخلود المتألق بالمجد والكرامة.
شهيد محبة المسيح القديس فيلومينوس الذي أشرق من أحشاء أخوية القبر المقدس, اقتدى بآلام المنزه عن الآلام- أي المسيح الإله- كذبيحة حمل , مقدما نفسه إلى جزاره, هذه الجزار, قد ظن خطا انه قدم لله عبادة حسنة حسب الأقوال الإلهية: “.. بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة الله” (يو 2:16).

إن شهداء المسيح يتمتعون بدالة مميزة في جموع قديسي الكنيسة, ودلك لان دمهم الثمين, سفك لأجل نور الحقيقة في المسيح, وبهذا أصبحوا شركاء في دم المسيح الفادي. “.. كنيسة المسيح التي اقتناها بدمه” (أعمال 28:20).
وعلى النقيض الآخر, يتقوقع فاقتدي الرجاء, الذي يحيون في أباطيل العالم وهم ينكرون ويقاومون أعمال الله الخلاصية, رافضين قبول المسيح فاديا ومخلصا لهم, فالقديس بولس يمدح الذين رفضوا مطربات العالم وتمسكوا بطريق الخلاص التي كان ثمنها دم المسيح الزكي, “إنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح… صرتم قريبين بدم المسيح… فلستم بعد غرباء ونزلاء, بل مواطنين مع القديسين, وأهل بيت الله” (افسس 19 – 12 :2).
بكلام أخر أيها الإخوة الأحباء, الشهداء الذي سفكت دمائهم لأجل محبة المسيح, تمتعوا بشركة المواطنة في السموات وفي أهل بيت الله.
إن تذكار القديسين الشهداء, يحثنا لنصير مواطنين وشركاء مثلهم, في بيت أهل الله (انتم كرمت الشهيد بحضورك؟ كرم الشهيد بتقويم عاداتك الخاطئة, لان إكرام الشهيد يتطلب الاقتداء به – أقوال القديس يوحنا الذهبي الفم) وهذا لان ضبط شهوات الجسد المهينة علينا, وحياة الغرور والخيلاء التي نعيشها في هذا العالم الزائف, ما هو إلا الثقل الذي يكبح الجهاد الموضوع أمامنا. (… وكوننا نزيد اهتمامات دنيوية إضافية, مصحوبة بالتواني والكسل, والاحتقار, وعدم الاهتمام, هكذا نضيف ثكلا على ثقل- المبشر ايكومينوس).
القديس الشهيد فيلومينوس الذي نحتفل بتذكار عيده, في هذا اليوم البهي, أصبح مشركا في سحابة الشهود, أي جمهور شهداء كنيسة المسيح, إن سمة الشهيد التي اقتناها من المسيح, لا تقتصر على هذا العالم فقط, لكن شهاداته مستمرة في السموات, لأجل الحقيقة والإيمان ألخلاصي بالمسيح, فهو ما زال يكتنفنا ويتعاضد معنا, , لكن حاسة المحدودة عندنا تعجز عن مشاهدته. (فهو بقربتنا, ولكن بشكل غير منظور).
إننا نستمتع بالبركة, والقوة المستمدة من قديسنا الشهيد فيلومينوس, كوننا كلنا أصدقاء الشهداء الذين نكرم تذكارهم, وذلك لان للشهداء دالة عظيمة, فهم يتمتعون بالقوة المستمدة من الله مخلصنا يسوع المسيح, فهم يحطمون المردة, كما يقول مرنم الكنيسة: “إن شهيدك يا رب بجهاده نال منك إكليل عدم البلى يا إلهنا. فانه أحرز قوتك, فحطم المردة, وسحق باس الشياطين الضعيف الواهي. فبتضرعاته أيها المسيح خلص نفوسنا.”
القديس يوحنا الذهبي الفم, يتحدث عن قوة الشهداء فيقول: “نحن نقيم تذكار الشهداء, وأنت بدورك تظهر عدم الرغبة, وعدم الاهتمام واللامبالاة؟! لكن الأجدر أن تأتي حالا وبسرعة, لتشاهد بأم عينيك كيف يتقهقر الشيطان مغلوبا ومنهزما, بينما الشهيد يستبين ظافرا, وغالبا ومنتصرا”, ويجتهد القديس ديونيسويس في هذا الموضوع, فيقول :”أجساد الشهداء – أي رفاتهم الموقرة – كفيلة بالحفاظ من هجمات الشياطين وغيرهم الممقوتة نحونا, فرفاتهم تضمن لنا أيضا الوقاية من أمراض عديدة, هذه الأمراض التي يقف عندها الطب عاجزا لتقديم العلاج النافع والشافي”.
إن الشهداء, حين عذاباتهم وفي أوقات اضطهادهم, لم ينكروا المسيح, فقد صبروا حتى الموت, وخاصة في الساعة الحرجة عند موتهم وانتقالهم إلى الاخدار العلوية, فيقوم الاستشهاد يدعى يوم الميلاد في الملكوت السماوي.
نحن نقيم اليوم, ميلاد القديس فيلومينوس في الملكوت السماوي, فقد انطلقت نفسه إلى الاخدار السماوية, من هذا المكان الطاهر, التي وطئت فيه أرجل البطريرك يعقوب أب الآباء, والتي قدس ترابها ربنا وإلهنا يسوع المسيح الذي جال باحثا عن الخروف الضال, عندما تقابل مع المرأة السامرية, ألمقدسه الشهيدة العظيمة, المعادلة للرسل, فوتيني, عند بئر يعقوب القديس فيلومينوس أصبح مشاركا في كنيسة إبكار مكتوبين في السموات” (عب 23:12), فله دالة عظيمة عند الله. “وهذه هي الدالة التي لنا عنده أي الله انه إن طلبنا شيئا حسب مشيئته يسمع لنا” هكذا يقول الرسول بولس العظيم.
هذه الدالة تألقت أيضا عند القديس فيلومينوس الذي قدم من جزيرة قبرص, حيث تمتع بفضائل الصبر, والإرادة القوية, والرأي الثابت في خدمته لكنيسة الأماكن المقدسة, أي الأورشليمية كعضو في جسد أخوية القبر المقدس الموقرة.
هذا الشاهد لمحبة المسيح “بصبره وثباته تغلب على القاضي الظالم (الشيطان) وربح اكليك الخلود. انه الآن مع الرسل والصالحين يمجد الله الكلي القدرة بالفرح ويبارك سيدنا يسوع المسيح سيد أجسادنا, وراعي كنيستنا الرومية الأرثوذكسية المنتشرة في أرجاء العالم.
نتضرع لربنا ولهنا ومخلصنا يسوع المسيح, بشفاعات قديسنا الأب والشهيد فيلومينوس الذي نعيد اليوم لتذكاره, ومع المرنم نقول: مع جميع الشهداء والظافرين يا فيلومينوس الشهيد, ومع الأنبياء والرسل, ومع الأبرار, ومع الآباء الصديقين, ومع ولادة الإله. تشفع للمسيح الإله أن يحل زلات نفوسنا ويغفر خطايانا , لنستمطر من لدنه تعالى الرحمة العظمى والسلام العلوي, للمقيمين بإيمان هذا التذكار الإلهي المنير.

كل عام وانتم بخير

الداعي بالرب
بطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون