1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة مديح والدة الإله الدائمة البتولية مريم

” يا والدة الإله أيتها الينبوع الحي الفائض بسخاء ثبتينا نحن المتحدثين بتسابيحك الملتئمين محفلاً روحياً. وفي مجدك الإلهي أهلينا لأكاليل المجد والشرف.”
أيها الإخوة الأحباء بالمسيح.
إن كنيسة المسيح المقدسة، تقدم فائق الإكرام والتمجيد لشخص الكلية القداسة الطاهرة الفائقة البركات المجيدة، سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم. وذلك لأن الروح القدس حل عليها بالنعمة العلوية، وقوة العلي ظللتها وهيئتها لتكون وباستحقاق ثيوطوكس أي والدة الإله، أم ربنا يسوع المسيح.

يتمحور سر التدبير الألهي العظيم في شخص العذراء والدة الإله، التي تعتبر خلاصة وفحوى ومضمون سر التدبير الإلهي، كما يصف ذلك ببراعة القديس يوحنا الدمشقي إذ يقول: “فإذا كانت الوالدة والدة الإله، فالمولود منها إله كامل وإنسان أيضاً بكامله”. لهذا السبب تعترف كنيستنا المقدسة وتقر بأن سيدتنا العذراء مريم هي الواسطة وحلقة الوصل الفريدة والمميزة لدى الله المحب البشر.
مديح العذراء، أو صلاة التضرع والشفاعة الموجه نحو شخص العذراء مريم، والمعروفة في أرجاء العالم، تقام باحتفالٍ وابتهالٍ في فترة الصيام الأربعيني المبارك، وذلك لسببين:
1) لتكريم ومديح أم ملكنا المسيح الإله، كما يقول مرنم الكنيسة القائل:” أفتح فمي فيمتلىء روحاً. وأُبدي قولً فائضاً نحو الأم الملكة. وأظهر معيجاً للموسم بابتهاج. وأترنم بعجائبها مسروراً”.
2) الشفاعة والمعونة من العذراء مريم المستجابة طلباتها لدى الله، تأهيل كل الذين يكرمونها ويوقّرونها بتسابيحهم وترانيمهم ، الولوج الى حقيقة الإيمان القويم، والحياة بالمسيح الإله ، والثبات فيها كما يقول الحكيم بولس الإلهيّ: “فإنّي وإن كنت غائباً في الجسد لكنّي معكم في الروح، فَرِحاً وناظراً ترتيبكم ومتانة إيمانكم بالمسيح” ( كولوسي 2 : 5 ).
وتأهيلنا أيضاً لنحظى بالخلاص والحياة الأبدية ، كون العذراء مريم هي فخر الجنس البشري ومجد العالم كله ، لكنها أيضاً الملكة التي جلست عن يمين الملك ، فهي أكرم من الشيروبيم وأرفع مجداً بغير قياس ٍ من السيرافيم.
إن العذراء مريم التي حَظِيَت بأن تلقب بوالدة الإله وأم كلمة الله، قد بلغت غاية التأله جرّاء ذلك ، فهي تشارك في المجد الإلهي لإبنها وإلهها المسيح الإله، لهذا تتشفع من أجل جميع المسيحيين الذين يضعون رجائهم تحت كنفيها آملين بأن يحظوا بشفاعتها المستجابة بملكوت الله، ” …. لينالوا إكليل المجد الذي لا يبلى ” ( 1 بطرس 5 : 4 ).
الأمر الذي يعود ويكرره القديس يوحنا الدمشقي من خلال الترانيم والمديح الذي لا يجلس فيه ، المفعم باللاهوت والإيمان القويم ، والمرشد الى الحياة الأبدية ، وبضرورة طلب شفاعة العذراء، إذ يقول: ” يا والدة الإله أيتها الينبوع الحي الفائض بسخاء ثبتينا نحن المتحدثين بتسابيحك الملتئمين محفلاً روحياَ وفي مجدك الإلهي أهلينا لأكاليل المجد والشرف ” .
نتضرع لوالدة الإله الكلية القداسة والدائمة البتولية مريم ، أن تتشفع فينا وتعضدتنا في جهادنا الروحي لنجتاز ميدان الصيام المقدس ، والوصول إلى فرح قيامة ربنا يسوع المسيح ، لنولد من جديد باتحادنا بآدم الثاني المقام بمجدٍ من بين الأموات ، لكي يملك على قلوبنا وأرواحنا وحياتنا كلها التي هي للمسيح الإله. آمين

كل عام وأنتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة
مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية