1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الأحد الرابع من الصوم في طولكرم 30/3/2014

” لأنه كان يُعلّم تلاميذه ويقول لهم: إن ابن الإنسان يُسلَّم إلى أيدي الناس فيقتلوه، وبعد أن يُقتل يقوم في اليوم الثالث” ( مرقس 31:9 ).
أيها الأبناء الأحباء بالمسيح.
أيها المسيحيون الحسنيو العبادة.
نعمة الروح القدس جمعتنا بحفاوة في هذا اليوم المبارك، ألا وهو الأحد الرابع من الصيام المبارك، حيث نحتفل بتذكار القديس البار يوحنا السلمي ساجدين وشاكرين بملء قلوبنا للثالوث القدوس المحيي.
لقد اجتزنا نصف مسافة الصيام الكبير المقدس، فحريٌّ بنا أن نهيء أنفسنا وذواتنا لنعاين وباستحقاق عيد الفصح المجيد، ألا وهو قيامة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح من بين الأموات كما يقول مرنم الكنيسة:”إذ قد جاوزنا نصف مسافة الصيام الإلهي ، فلنبادر باستقامة نحو بقيته المقبلة، فرحين مُضَمخين نفوسنا بزيت الإحسان الصالح، لنستحق السجود لآلام المسيح إلهنا الشريفة، ونصل إلى القيامة المقدسة الرهيبة” .

إن ذبيحة الصليب والدفن الثلاثيّ الأيام والقيامة المجيدة الظافرة، لفادينا ومخلصنا يسوع المسيح، تعتبر جوهر إيماننا المسيحي، فهذا الإيمان يتمحور حول الله ومحبته غير المستقصاة للبشر، كما يشهد بذلك الرسول يوحنا الإنجيليّ: ” … الله محبة، ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه” ( 1 يو 16:4 ).
أيها الأخوة الأحباء
نحن في أمس الحاجة إلى تطهير قلوبنا لتغدو نقية، بهية، وضّاءة، لكي تعي سر المسيح الفادي على الصليب، فتمتلىء فرحاً روحياً بإشراق النور اللامع من قبر المسيح القائم من بين الأموات.
لهذا فإن الصيام الذي تمارسه كنيستنا، يحتل دوراً مركزياً في الصعود قُدُماً في معارج الفضيلة، كما يشير إلى ذلك آباء الكنيسة العظام الحاملي الله ومن ضمنهم القديس يوحنا الذهبي الفم إذ يقول: ” الصوم مع الإيمان يعطي قدرة أكبر. فهو يقدم تقوى كثيرة للإنسان فيحوله إلى ملاك ويجعله يجاهد ضد القوات غير التجسمة، لكن الصوم لا يستطيع أن يفعل وحده لأنّه يحتاج إلى الصلاة التي تحتل المتبة الأولى” .
إن ربنا يسوع المسيح قد علمنا مدى فاعلية الصيام وعظمتها وقوتها، فأعلن لنا أنه هو الذي يعضدنا كوننا تلاميذه المؤمنين، ومن ثم يجعلنا شركاء له من خلال قوته الإلهية المحيية، هذه القوة المتجلية في شخص ربنا يسوع المسيح، هي التي تعالج المرضى، وتقيم الأموات ، وتطرد الأرواح النجسة، كما سمعنا في إنجيل اليوم، إذ قال ربنا يسوع المسيح لتلاميذه الأطهار:” هذا الجنس من الشياطين لا يخلرج إلا بالصلاة والصوم” ( مرقس 29:9).
نتضرع إلى ربنا ومخلصنا يسوع المسيح أن يمن علينا لنكون مستحقين، من خلال قوة وعظمة الصيام المبارك أن نتمتع بنور قيامته المجيدة، بصلوات أبينا البار يوحنا السلمي وشفاعة العذراء والدة الإله الدائمة البتولية مريم. آمين

كل عام وأنتم بخير

الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم
مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الارثوذكس