كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الأحد الجديد 27/4/2014

” هلموا بنا في يوم القيامة المشهور، نشارك ملكوت المسيح، عصير الكرمة الجديد الذي للفرح الإلهي، مسبحينه بما أنه الإله إلى الأدهار”.
أيها الأخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون الحسنيو العباد
ة
إن بشائر الفصح تألقت في قانا الجليل، في ذلك العرس الذي دعي إليه السيد المسيح وأمه العذراء الفائقة القداسة، في عرس صديقه سمعان القانوي، حيث جرت ألى آيات وعجائب السيد المسيح عندما حول الماء في الأجاجين إلى خمر، هذا الحدث يحوي بين طياته معانٍ كثيرة وخاصة، لأن الخمر الطبيعي للكرمة يرمز إلى الدم الثمين الذي انسكب من جنب المسيح الطاهر عندما طعن بحربة وهو على عود الصليب.
إن هذا الدم ( الشراب الجديد )، كما يقول القديس يوحنا الدمشقي:” هلموا بنا نشرب مشروباً جديداً، ليس مستخرجاً بآيةٍ باهرةٍ من صخرةٍ صماء، لكنه ينبوع عدم الفساد بفيضان المسيح من القبر، الذي به نتشدد”.
فعلاً أيها الأخوة الأحباء ( الشراب الجديد ) دم مخلصنا يسوع المسيح المصلوب والمقام، هو ينبوع عدم الفساد ، حسب شهادة الرب: ” لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا” (مت 26 : 28 ).

إن العشاء الرباني الذي أتمه السيد يسوع المسيح مع تلاميذه الأطهار، في علية صهيون، قبل آلامه الطوعية، يتمركز حول مأكل جسده الكريم ومشرب دمه الثمين، هذا الطعام الإلهي، هو دواء الخلود، الذي يمنحنا الحياة الأبدية والإشتراك في الملكوت السماوي. إن القديس زيغافينوس يعلق مفسراً لهذا الأمر قائلاً: ” عندما يصرح الرب أن: هذا هو جسدي، وهذا هو دمي، فكما ألّه المسيح الطبيعة البشرية التي التحف بها عندما أخذها من أحشاء البتولية مريم، تماماً وبنفس القدرة الغير مدركة والغير موصوفة يحول الخمر والخبز إلى جسده الكريم ودمه الثمين، اللذان يعطيان الحياة والخلود”.
من خلال القيامة المجيدة، الخلاصية والمشعشعة، والصعود الممجد لمخلصنا يسوع المسيح، تألهت البشرية بعدما كانت في دركات الجحيم، لأن هذا هو عمل المسيح الخلاصي باستعادة آدم الساقط، هذا يعني أن قيامة ربنا يسوع المسيح كونه باكورة الراقدين، لهي عربون قيامتنا نحن البشر أيضاً، عندما يتم في مجيئه الثاني المخوف يوم الدينونة، كما يشهد القديس يوحنا الإنجيلي: ” من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير” ( يو 6: 54 ).
بالإضافة الى ذلك، فإن مشاركتنا في سر الإفخارستيا الإلهية، حسب قول الرب ، هي التذوق المسبق للفرح السماوي والنعيم الأبدي فنتكىء قرب المسيح في ملكوته السماوي، كما أعلنه لنا قائلاً :” إني من الآن لا أشرب من الكرمة هذا الى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي ” ( مت 26: 29 ).
أيها الأخوة الأحباء
الأسم الحسن الذي دعي به عليكم، أي مسيحي لا يتعلق بالجنس والقومية والوطنية، لكن يتعلق بجنس آدم الجديد، المسيح عروس الكنيسة، وأما أنتم فجنسٌ مختارٌ، وكهنوت ملوكي، أمة مقدسة، شعب اقتناء، لكي تخبروا بفائل الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب” ( 1بط 2: 9 ).
أما ( النور العجيب ) هو النور الذي لا يعتريه مساء، هو مجده الذي أظهره في هذا المكان المقدس في قانا الجليل حيث تقيمون وتسكنون.
في هذا اليوم الذي هو الأحد الثاني من الفصح، نعيّد لتجديد قيامة المسيح وتفتيش القديس توما الرسول.
هذا التجديد لقيامة المسيح الذي تحقق من توما عندما منحنا إيماناً بعدم الإيمان، يدعونا لنصنع ثمار توبة لائقة، ليتسنى للروح القدس أن يملأ قلوبنا وسلام الله الذي يفوق كل غقل. وكما يقول الحكيم الإلهي بولس: وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام، في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس”
( رومية 15: 13 ).
ومع مرنم الكنيسة نقول:
فيما كان القبر مختوماً أشرقت منه أيها المسيح الإله. وفيما كانت الأبواب مغلقة وقفت بالتلاميذ يا حياة الكل. وجددت بهم نعمة الروح المستقيم بحسب عظيم رحمتك.

المسيح قام ، حقاً قام

الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشلي
م

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية