1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة ميلاد والدة الاله الدائمة البتولية مريم 21/9/2014 والتدشين المئوي الاول لهركل كنيسة ايليا المجيد في ترشيحا

“ان الاله المستوي على العروش العقلية قد سبق اليوم فهيا له عرشا مقدسا على الارض. والذي اسس السماوات وثبتها بحكمة قد انشا بمحبته للبشر سماء حية. لانه قد جذر عقيم قد انبت له امه فرعا يحمل الحياه. فيا اله المعجزات ورجاء اليائسين يا رب المجد لك” هكذا يصرخ مرنم الكنيسة
ايها الاخوة الاحباء
ايها المؤمنون, والزوار الحسنيو العبادة
كنيسة المسيح المقدسة تصرح بفم المرنم قائلة: هذا هو يوم الرب فتهللوا يا شعوب, لان الاله المستوي على العروش العقلية قد سبق اليوم فهيا له عرشا مقدسا على الارض.

ما هي هذه العروش العقلية المستوي عليها الرب الاله؟
العروش العقلية هي القوات والطغمات الملائكية, الا ان العذراء مريم المختارة من الله قبل الدهور, هي العرش, والملكة التي قامت عن يمين الملك, فالمحافل الملائكية لها يمجدون, كونها ارحب من السموات, واكرم من الشيروم, وارفع مجدا بغير قياس من السيرافيم, هي العرش الحي المختار من الله على الارض, حيث حل في احشائها الطاهرة واغتدى من دمائها النقية, كلمه الله المتجسد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح, الذي طاطا السموات وانحدر من اجل عظيم محبته غير المستقصاه لجنس البشر.
لهذا الحدث العجيب حدث مولد سيدتنا والدة الاله الكلية القداسة والدائمة البتولية مريم, من جدي المسيح الاله يواكيم وحنة, تحتفل كنيستنا المقدسة بهذا اليوم الاغر بتكريم وتمجيد والدة الاله, وكذلك تمجيد السر العظيم سر التدبير الالهي, الذي تحقق من مفاعيل الثالوث القدوس المحيي, حيث تنشد الكنيسة بفم مرنمها قائلة: “اياك نعظم يا والدة الاله المباركة الكلية الطهارة يا من اقرضت جسدا على منوال يعتذر وصفه للكوكب الشارق من قبل الشمس؛ الاله الوافد الينا بالجسد من احشائها البتولية”.
هذه التراتيل المفعمة بنعم الروح القدس التي ننشدها في هذا العيد الموقر يعلن بقوة وعزم منقطع النظير:
• اليوم الاله المستوي على العروش العقلية قد سبق فهيا له عرشا مقدسا على الارض
• اليوم تفتح الابواب العقيمة فياتي الباب البتولي الالهي.
• اليوم تبدى النعمة تثمر اتية العالم بام الله التي بها تقترن الارضيات بالسماويات لخلاص نفوسنا.
• اليوم ظهرت بشائر الفرح بكل العالم.
• اليوم نفحت نسام تبشر الناس بالخلاص.
• اليوم ولدت حنة العاقر فتاة الله مريم.
• اليوم حدث ابتداء خلاصنا يا شعوب, فها ان التي منذ اجيال القديمة سبق تحديدها اما عذراء واناء لله, توافي مولودة من عاقر, فقد نبتت زهرة من يسى وعصا من جذره.
كيف يتم اليوم سر خلاصنا, اي سر التدبير الالهي؟
وكيف يتم اليوم ظهور والدة الهنا ومخلصنا يسوع المسيح للعالم اجمع؟

نعم ايها الاخوة الاحباء
انه حدث غير مدرك. اربك البشرية, حتى يومنا هذا لعدم استطاعتها فك رموز هذا السر العظيم, الا ان المولود ثانية من الماء والروح القدس, يتمتع بموهبة الايمان لانه من خلال نور المسيح غير المخلوق تنكشف له غوامض الامور, كما ترتل كنيستنا: وبنورك نعاين النور؛ فسيستقر فيه فكر المسيح. (1 كور 2 : 16). فقط اولئك الذين لهم المقدرة على معاينة هذه الاسرار السماوية.
هذا وبحسب اقوال الرب: “المولود من الجسد جسد هو, والمولود من الروح هو روح” (يو 3 : 6).
اما بولس الالهي فيكرز بخصوص يسوع المسيح قائلا: ” يسوع المسيح هو امسا واليوم والى الابد” (عب 13 : 8).
كلمات بولس هذه: يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والى الابد, لها قوة ومعنى عظيم لمفاعيل الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية والتي هي جسد المسيح السري؛ في اداء دورها بنجاعة, لان تكون شاهدة للمسيح في كرازتها “في اورشليم واليهودية والسامرة والى اقاصي الارض” فثبات الكنيسة من ثبات راسها يسوع المسيح التي تكرز من خلاله بعظمة سر التدبير الالهي. تجسد كلمة الله وصلبه وقيامته وصعوده الى السماء, لذا تصبح كلمات الرسول بولس هذه ركنا ومبدا لخلاصنا.
ان احتفالنا بعيد مولد والدة مرغبة وحبور يحفزنا لان ننشد قائلين: “هلموا يا جميع محبي البتولية والمغرمين بالطهارة, هلموا استقبلوا بلهفة فخر البتولية من صخرة صلدة تفيض ينبوع الحياة. وعليقة النار الغير الهيولية التي تطهر وتنير نفوسنا مولودة من ام عقيم لا تلد.
ايها الاخوة الاحباء:
لقد اجتمعنا كلنا اليوم بنعمة القديس العظيم ايليا المجيد, وبشفاعات الكلية القداسة والدة الاله في هذه الكنيسة التي تحمل اسم الكريم, في بلدكم الجبلي والتاريخي ترشيحا, لان نحتفل بحفاوة وغبطة وسرور تذكار التدشين المئوي الاول لهذا الهيكل المقدس.
لهذا الحدث المهم والكبير, تؤكد رسالة كنيستنا الاورثوذكسية بشكل عام, والكنيسة الاورشليمية بشكل خاص, من خلال رسالتها الجامعة الى المسكونية قاطبة, حيث اسست هياكل وكنائس مقدسة, لتعطي شهادة حقيقية كشهادة الانجيل الالهي الشريف لخلاص البشر.
هذه الهياكل يدعوها النبي اشعيا “الجزائر”, فان هذه الكنائس تعلو وتسمو وتتالق في محيط العالم, فهي المنائر الوحيدة لنور حقيقة المسيح, والرجاء الوحيد لخلاص البشر, وخاصة في هذا الوقت الحاضر, حيث يتعاظم الاثم والارتداد, لما تزرعه قوات الظلمة ظلمة هذا الدهر الشرير غير المنظورة؛ والتي من بين ثمارها المرة, بروز العولمة في عصرنا الحاضر.
نعم ايها الاخوة الاحباء:
الهياكل المقدسة هي ينابيع النور والتقديس لالهنا ومخلصنا يسوع المسيح, لذا يعتبر تدشينها امرا ملحا وضروريا ومهما جدا حسب اقوال القديس سمعان التسالونيكي الذي عاش في القرن الخامس عشر اذ يقول : “انه لضروري جدا ان تبني الكنائس والهياكل وتدشن شكرا لله المحب البشر, حيث يتم فيها ايضا تدشين النعمة, والحصول على عطية تقديس نفوسنا والحفاظ على ايماننا وعقائدنا اللاهوتية وتقاليد الكنيسة كلها”.
نحن مدعوون ان نصير شركاء في تدشين النعمة, وعطية نفوسنا, حاملين في افكارنا كلمة الكرازة الرسولية التي يعلنها بولس الحكيم: “ام لستم تعلمون ان جسدكم هي هيكل للروح القدس الذي فيكم, الذي لكم من الله, وانكم لستم لانفسكم؟ لانكم قد اشتريتم بثمن, فمجدوا الله في اجسادكم وفي ارواحكم التي هي لله.” (1 كورنثوس 6 : 19 – 20).
نشكر ربنا يسوع المسيح ونمجد اسمه المقدس, امين.
وكل عام وانتم بالف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية