1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس ديميتريوس الفائض الطيب 7/11/2014

“لقد تقدمت ودمك المسفوك يقطر منك الى المسيح المانح الحياة. الذي اراق دمه الكريم من اجلك يا ديميتريوس فجلعلك شريكا في مجده ومساهما في ملوكوته. اذ كنت قد استظهرت على العدو الفتاك. وانطلت مكايده”. هكذا يصرح مرنم الكنيسة.
ايها الاخوة والاحباء
ايها المؤمنون, والزوار الحسنيو العبادة

تفرح السماوات وتبتهج الارضيات في هذا اليوم البهيج, يوم تذكار القديس ديميتريوس الفائض الطيب العجائبي من ثيسالونيكي, لما لقديسنا العظيم ديميتريوس من مكانة ومنزلة في طلمة شهداء كنيسة المسيح الابرار. لقد عانت الكنيسة الرسولية فترة اظطهاد مريرة في القرن الثالث الميلادي, حيث ساد الفساد والظلم, وتفشت عبادة الاصنام التي لا روح لها ولا نسمة, بقيادة الشيطان سلطان ظلمة هذا الدهر الذي جعل من الاباطرة اله تسجد لها الناس وتكرمها مثل الابمراطور ذيوكليتيانوس وماكسيميانوس, ففي هذه الظروف الحرجة نبغ قديسنا العظيم ديميتريوس رافضا ومقاوما لهذا السلطان, سلطان ظلمة الاباطرة المقودة من الشياطين باذلا دمه الكريم وسافكا اياه شهادة محبة للمسيح. ليروي به شجرة الكنيسة, فلمع ضياءه كالبرق وشعى وميضه بين جنبات السماء, باشراق نور حقيقة المسيح مخلص جنس البشر. ان القديس ديميتريوس كان يتميز بايمان وتقوى وعبادة حسنة قويمة, وذلك من خلال رسالة التعليم التي كان يتمتع بها, فقام بدور الفاعل القدير في نشر الايمان الحقيقي للمسيح ابن الله مخلص وفادي جنس البشر والعالم اجمع. فكونه تلميذ امين للمسيح وكاروزا لكلمة الانجيل, ترددت في ذهن القديس ديميتريوس كلمات ربنا يسوع المسيح التي القاها لتلاميذه الاطهار قائلا : “احترزو من الناس فانهم يلقون ايديهم عليكم ويظهدونكم ويسلمونكم الى المجامع والسجون وتقاودون الى الملوك والولادة لاجل اسمك, فيؤول ذلك لكم شهادة”.

فانكم انتم تلاميذ المسيح, اي المسيحيين المطرودين واللاجئين واناحيين الذين يحتملون البلايا والاوزار باشكالها الباذليين نفوسهم من اجل اسمي, ستكون لكم شهادة, يعبق وفوح منها صدق وحقيقة انجيلي وبشارتي الخلاصية. ومن ناحية اخرى فان استشهادكم سيكون بمثابة تانيب لضمير اولئك الذين سفكوا دمائكم الطاهرة جزافا. فهم في حكم الدينونة بلا عذر ولا تبرير. اما (اليوم الدينونة) فهي: “تاتي ساعة يسمع فيها جميع من في القبور صوته فيخرج الذين عملوا الصالحات الى قياة الحياة, والذين عملوا السيئات الى قيامة الدينونة” (يو 5 : 28 – 29).
فعلا يا خوتي الاحباء كلمات ربنا يسوع المسيح (فيؤول ذلك لكم شهادة) تعتبر السبيل (الى مجد الاستشهاد) حسب شرح القديس كيرللس الاسكندري الذي من خلاله يتمجد ربنا يسوع المسيح. ان ابن البشر قد تمجد من خلال موته على عود الصليب وهذا لانه وضع حدا نهائيا لسلطان الموت والخطيئة, من جراء قيامته الظافرة. والله الاب تمجد بشكل عام من حياة المسيح ابن البشر وسيرته الارضية الكاملة حيث تالقت فيه سمت الطاعة للاب, فانه اي المسيح اطاع حتى الموت موت الصليب.
ان اصدقاء محبة المسيح كانت دوما يطمحون في نيل فضلية الطاعة, لنوال حياة القيامة من خلال موتهم الاستشهادي , ومن بين هؤلاء المحبيين للمسيح محبة قصوى, يبزغ قديسنا الشهيد ديميتريوس, الذي نكرمه في هذه الحاملة لاسمه الكريم حيث تحتشد فيها المؤمنون الحسنييو العبادة, القاطنين في ربوع هذه المدينة الفاضلة نابلس على ارض الوطن الفلسطيني الابي.
فالقديس ديميتريوس اصبح مشاركا في دم المسيح الطاهر والزكي, فظهر معلما حقيقيا كاملا لانجيل الحياة الجديدة للمسيح, اي قيامته الظافرة.
ان شهادة ربنا يسوع المسيح يسفك دمه على عود الصليب اعلنت مجده جهارا للعالم اجمع, ان مجد استشهاد مخلصنا يسوع المسيح واصدقاءه القديسيين الشهداء منذ الدهور, ما هو الا نبراصا مضيئا لنا نحن المدعوون لان نقطفي اثارهم لنقدم شهادة حقيقية في هذا العالم الذي يان تحت الالام.
من خلال مسيرة حياتنا المسيحية والكنيسية, كشاهد امين لتعاليم المسيح المخلص. لان هيئة هذا العالم في زوال, يقول هذا, القديس بولس, لان امور العالم السطحية تمر مثل الظل وتتغير وتتحول باستمرار.
نتضرع الى ربنا يسوع المسيح بشفاعات والدة الاله الدائمة البتولية مريم ان ينعم علينا بالفرح والمجد الذي يتمتع به قديسنا العظيم ديميتريوس. امين.

كل عام وانتم بالف خير
الداعي بالرب البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية