1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس جوارجيوس المظفر في نصف جبيل 18\11\2014

” لقد سلكت سلوكاً ينطبق على معنى اسمك يا جاورجيوس الجندي العظيم . فانك حملت صليب المسيح على منكبيك . وحرثت الأرض التي بارت بالضلال الشيطانية واستأصلت عبادة الأوثان المشوكة . وغرست كرمة الايمان القويم . فاصبحت حراثاً للثالوث القدوس باراً تبسط فروع الأشفية لكل من في المسكونة من المؤمنين.فنطلب اليك أن تتشفع في سلام العالم وخلاص نفوسنا .” هكذا يصرح مرنم الكنيسة .
أيها الأخوة الأحباء الذين يكرمون هذا العيد الشريف .
أيها المؤمنون , والزوار الحسنيو العبادة.

ان هذا اليوم المكرم هو يوم الاحتفال بعيد القديس العظيم جوارجيوس اللالبس حله الظفر حيث تتألق الأرض الفلسطينية التاريخية , حيث احتفلنا في مدينة اللد , واليوم نحتفل بهذه البلدة الجميلة نصف جبيل , فهو يوم عظيم وعجيب لأن القديس جوارجيوس منحنا معونته لترميم وتدشين هذه الكنيسة المقدسة , فعيدنا هو عيدين متناغمين لأن هذه الكنيسة تحمل اسم القديس جوارجيوس حائز راية الظفر .

ان مكانة الشهداء القديسين ومن ضمنهم القديس جوارجيوس هي مكانة مرموقة وسامية , حيث السعادة والغبطة الأبدية , فالكنيسة تكرمهم بشكل خاص وفريد , لأنهم أحبوا المسيح حتى موتهم الاستشهادي , مقتدين بالامه الخلاصيةعلى عود الصليب , فأصبحوا شركاء في دمه الطاهر الذي سفك من أجل خلاصنا , هكذا فان الشهداء القديسين وكرسل اخرين ختموا بدمهم الزكي حقيقة الايمان المسيحي باذلين من أجله كل شيء حتى نفوسهم الطاهرة , لتستقر فيهم وبحق قيامة المسيح الظافرة .
ان الشهداء الواسل الذين جاهدوا الجهاد الحسن , كانوا مقتدين بالمسيح الذي رفع على عود الصليب , كما يقول القديس يوحنا الدمشقي مرنماً :”اذ قد اقتديتم أيها الشهداء الحكماء بدم الذي تألم عنا بالجسد, اثرتم أن تسفكوا دمائكم من أجله بارتياح. فأنتم اذن مالكون معه دائماً “.
أيها الأخوة الأحباء بالمسيح
فعلا يملك مع المسيح شهيدنا العظيم جوارجيوس ,لأنه حمل ( صليب المسيح) على منكبيه , وحرث الأرض التي بارت بالضلالة الشيطانية , واستأصل عبادة الأوثان المشوكة , وغرس كرمة الايمان الأرثودكسي القويم.
ان غيرة شهيدنا العظيم جوارجيوس المتقدة نحو المسيح الاله والانسان جعلت من دمه الاستشهادي ختماً متوحشاً بالنعمة الالهية , لتبرز من خلاله حقيقة الكرازة بالبشارة الانجيلية المفرحة , فأنار المسكونة بأسرها , مبدداً ظلمة عبادة الأصنام , ومبكتاً أعمال الأباطرة المضلة المؤلهين أنفسهم والمقاومين للمسيح والمسيحية , وذلك من خلال أقواله وأعماله المملوءة بالايمان الثابت غير المتزعزع بالمسيح يسوع المصلوب والقائم من بين الأموات بقوة لاهوته. فانضم قديسنا الى صفوف الشهداء الأوائل وباكورتهم الشهيد استيفانوس أول شهداء المسيحية , كما يظهر ذلك جلياً من صلاته التي رفعها قديسنا قبيل استشهاده .
” أيها الرب الضابط الكل الاب السماوي , أنظر الى مسكنة وانسحاق عبدك , واقبل تضرعاتي المرفوعة اليك في هذه الساعة الحرجة , واقبلني واقبل نفسي بسلام . وضمنا في عداد أولئك الذين يحبون اسمك المقدس , اغفر للأمم عبدة الأصنام كل ما صنعوه لنا عن جهل , وأنر يا رب عيون قلوبهم وبصائرهم الى معرفة حقيقتك , لأنك أتيت لتخلص ما قد هلك ….”
ان صلوات قديسنا العظيم جوارجيوس تظهر بشكل واضح حقيقة التفكير المسيحي الأصيل الذي كان في فكره وعقله وقلبه , مستشفين منه حقيقة أن المسيح كان يملك في كل كيانه , فكان مقتدياً بالرسول بولس القائل : ” وأما نحن فلنا فكر المسيح ” (1 كور 2: 16). مما يؤكد لنا أن الانسان المولود من الروح القدس فقط , يستطيع أن يفهم ويعرف قوة محبة المسيح الذي قدم نفسه ضحية على عود الصليب المحيي من أجل خلاصنا .
ان هذه المحبة ” لا تطلب ما لنفسها”(1كور13 : 5) . حيث أن ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح أوضح عظمتها لتلاميذه الأطهار المحبين له قائلاً : ” سمعتم أنه قيل : تحب قريبك وتبغض عدوك . أما أنا فأقول لكم : أحبوا أعدائكم . باركوا لاعنيكم. أحسنوا الى مبغضيكم . وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم ” (مت 5: 43-44). هذه الأسلحة الروحية , أي أسلحة نور انجيل المسيح , نتعلمها من خلال مسلك قديسنا جوارجيوس في حياته الايمانية كمثال يحتذى به , كما يعلن ذلك الرسول بولس الالهي :” فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم , بل مع رؤساء , مع السلاطين , مع ولاة هذا العالم على ظلمة هذا الدهر , مع أجناد الشر الروحية في السماوات ” ( أفسس 6: 12 ).
من ناحية ثانية فانالوحشية ولاة الظلمة المسيطرة على العالم . في وقتنا الراهن, ينوه لها النبي داود قائلاً : ” فتحوا علي أفواههم مثل الأسد الخاطف والزائر ” ( مز 21 : 14 ).
نعم أيها الأخوة الأحباء
انها لمعارك وحروب ضارية علينا أن نجوزها , ضد ولاة عالم ظلمة هذا الدهر , الذين يسيطرون على أمم وجماهير غفيرة في أقطار العالم , الغارقين في ديجور الضلالة وبراثن الرذيلة , ومستنقعات الفساد السائدة في هذا الوقت في أرجاء العالم , لذلك فنحن مطالوين بأن نحمل سلاح الله الكامل , لكي نقدر أن نقاوم في اليوم الشرير الذي يوجهنا يوماً فيوماً.
لهذه المعركة ( حسب وصف الرسول بولس : أجناد الشر الروحية في السماوات )جاهد وناضل وقاومها شهيدنا العظيم جوارجيوس الحائز راية الظفر صديق وشهيد المسيح الذي كان ايمانه عظيماً وعجيباً, كما يذكر مرنم الكنيسة قائلاً :”لقد دهشت العقول منذ القديم حين رأت شجاعتك. مذهلة كيف جرحت بأسلحة بتارة العدو العديم الجسد الذي عرقل الجدين الأولين قديماً في الفردوس فأسقطهما .

نتضرع لأبي الأنوار ربنا الهنا ومخلصنا يسوع المسيح .
الذي ينعم على أصدقائة المخلصين , ويقدس الذين يحبون بهاء بيته,
طالبين شفاعة القديس الشهيد جوارجيوس حائز راية الظفر .
أن يتشفع لدى المسيح الاله في خلاص نفوسنا .

وكل عام وانتم بألف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية