1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة التذكار الحافل لرئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل 21\11\2014

“اياك نعظم بلا فتور ايها المسيح, يا من ضم الارضيات الى السماويات, والف كنيسة واحدة من الملائكة والبشر.” هكذا يصرح مرنم الكنيسة.

أيها الأخوة الأحباء الذين يكرمون هذا العيد الشريف .
أيها المؤمنون , والزوار الحسنيو العبادة.

ان الاقطار في المسكونة كلها تمتلىء فرحا وابتهاجا في هذا اليوم المقدس وذلك باحتفالها الروحي الكبير لتذكار رئيسي الملائكة ميخائيل وجبرئيل وسائر القوات العديمة الاجساد الغير الهيولية, وهذا الفرح نراه يغمر مدينتكم التاريخية يافا, فالحبور يكتنف ابنائها المؤمنين الذين يعيشون تحت كنف وحماية رؤساء ملائكة ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
ان البشرية العاقلة هي تاج خليقة الله الارضية المنظورة, اما الملائكة فهم تاج الخليقة السماوية غير المنظورة, فلقد خلقت انوارا ممتلئة من نورك المعتذر التعبير عنه يا الله, فجم الملائكة الغفير ذوي الجوهر الغير الهيولي خلق من العدم الى الوجود بكلمتك ذات الاقنوم ايها الثالوث, فقدستهم بروحك الالهي, وعلمتهم ان يتكلموا عن لاهوتك الى كل الازمان والدهور.

انها لحقيقة دامغة بان الطبائع ذات المنطق العقلي الغير الهيولية, وغير المنظورة, اقصد الملائكة النورانية, هي من صنع ربنا والهنا, كما يعلم الرسول بولس الالهي قائلا: “فانه فيه خلق الكل ما في السموايات وما على الارض, ما يرى وما لا يرى, سواء كان عروشا ام سيادات ام رياسات ام سلاطين, الكل به وله قد خلق” (كولوسي 1 : 16 ).
اما حسب شروحات القديس باسيليوس الكبير فانه يذكر ان الله خلق الطبيعة المنطقية غير المنظورة قبل العالم.
ان اعمال الملائكة كثيرة, اما اهمها, هو تمجيد الله الله المثلث الاقانيم (فالجنود الملائكية يتمحور فعلها في رفع التمجيد لله الضابط الكل). فهذه المقولة يذكرها بجلاء ووضوح حزقيال النبي في رؤيته الالهية, كما يقول مرنم الكنيسة: “لقد راى حزقيال صافات الملائكة على صور متنوعة, فسبق وشخصهم كذلك. مناديا بان السرافيم منهم ذوو ستة اجنحة, والشاروبيم ذوو الستة اعين يحتفون حول العرش, وراى معهم رؤساء الملائكة يتالقون نورا, ممجدين المسيح الى كل الدهور”.
اما النبي اشعياء فقد وصف رؤياه الملائكية قائلا: “رايت السيد جالسا على كرسي عال ومرتفع, واذياله تملا الهيكل, السارافيم واقفون فوقه… قائلين “قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت مجده ملء كل الارض” (اشعيا 6 : 2 – 3).
ومن ضمن اعمال الملائكة هي خدمة الله بمخافة وطاعة ومحبة؛ كما يصرح النبي داود: “… باركوا الرب يا جميع ملائكته المقتدرين قوة الصانعين قوله عند سماع صوت كلامه… باركوا الرب يا جميع قواته وخدامه العاملين ارادته” (مز 102 : 20 – 21), وايضا دور الملائكة الفريد في المساهمة في حماية المخلصين, كما يذكر الرسول بولس: “اليس جميعهم ارواحا خادمة مرسلة للخدمة لاجل العتيدين ان يرثوا الخلاص” (عبرانيين 1 : 4). ان رسالة الخدمة اودعها الله والقاها على كنف القوات الملائكية تالق بريقها وسطع لمعانها عند رئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل لتظهر عظمة وقدرة هذه الخدمة الالهية. لذلك فان كنيستنا المقدسة تكرم بشكل خاص تذكار احتفالهم مرنمة وقائلة: “ان رئيس الجنود ميخائيل هو رئيس للملائكة, ولكن يشاركه في المجد عن حق واجب وبهاء عظيم جبرائيل قائد الجنود العديمي الاجساد, الملقن سر النعمة. ومبشر العذراء مريم, الذُ سبق فانبا بالفرح للهاتفين ارفعوا المسيح يا شعب الى كل الدهور”.
ان العقلين الالهيين ميخائيل وجبرائيل يعتبرين حراسا لجميع مكرميهم بحق وواجب, وهذا يظهر بحماية الملاك الحارس لكل انسان مؤمن, كما يقول ربنا يسوع المسيح في نجيله الشريف: “انظروا لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار لاني اقول لكم ان ملائكتهم في السساوات كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السموات” (متى 18 : 10).
من هنا يظهر جليا ان الملائكة الملتفة حول العرش الالهي, لها وظيفة الرعاية والوقاية للذين يوقرون الله, فهم يتوكلون بحماية الصديقين, والمؤمنين المتواضعين في قلوبهم ومخافة الله في فكرهم كما يقول النبي داود : “يعسكر ملاك الرب حول خائفيه وينجيهم” (مز 33 : 8).
ان للملائكة بشكل عام بالاخص رؤساء الملائكة ميخئيل وجرائيل دور رئيس في المشاركة والاسهام في الاحداث الكبيرة لتاريخ الرؤية الالهية, اي سر التدبير الالهي بالمسيح, وعلى سبيل المثال نورد ما يلي: ملاك ظهر امام يشوع بن نون عندما كان يهييء نفسه لدخول اريحا… “وحدث لما كان يشوع عند اريحا انه رفع عينيه ونظر, واذا برجل واقف قبالته, وسيفه مسلول بيده, فسارع يشوع اليه وقال له: “هل لنا انت او لاعدائنا؟ ” فقال: كلا, بل انا رئيس جند الرب, الان اتيت … اخلع نعلك من رجلك لان المكان الذي انت واقف عليه هو مقدس” (يشوع 5 : 13 – 15).
ان الملاك جبرائيل ارسل من الله الى مدينة في الجليل اسمها الناصرة, الى عذراء مريم وقال لها: سلام لك ايتها المنعم عليها! الرب معك مبارككة انت في النساء” (لوقا 1 : 26 – 28).
كنيسة المسيح المقدسة تصنع تذكارا خاصا للضابط والمتميز ما بين القوات الغير الهيولية والعديمة الاجساد, ميخائيل, لما ابداه من دور فريد سواء للذين يعملون الصالحات من الجنس البشري والمملوئين من النعم الالهية, او بدوره الرياسي والقيادي, فهو عندما راى الملاك الرتد الشيطان الساقط, اجتمع مع باقي الاجواق الملائكية النورانية واعلن لهم قائلا: لنصغ – مرنم بصوته – قدوس قدوس رب الصباؤرت, هذا الاجتماع كما يقول كاتب السنكسار.
يسمى سنكسار الملائكة (سيناكسس) يعني: انتباه, توافق واتحاد, نتضرع لحافظ وحارس حياتنا رئيس الملائكة ميخائيل, طالبين شفاعة العذراء الفائقة البركات والدائمة البتولية مريم, ان نحظى بالخلاص العلوي بنعمة ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح. امين.


وكل عام وانتم بألف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية