1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في كنيسة القديس نيقولاوس في مدينة بيت جالا 2014/12/19

“لقد اصبحت كاهنا في ميرة, ايها البار القديس, فانك وضعت نفسك عن شعبك تتميما لما ورد في انجيل المسيح, وخلصت من الموت الابرياء, ومن ثم تقدست كخادم لنعمة الله عظيم” هكذا يصرح مرنم الكنيسة.
ايها الاخوة الاحباء,
ايها المؤمنون الحسنيو العبادة, والزوار الاتقياء,

لقد جمعتنا النعمة الالهية في هذا اليوم المقدس, غامرة ايانا بالفرح الروحي الكبير, وذلك باحتفالنا بعيد القديس نيقولاوس العجائبي, الذي نزل اهلا ووطىء سهلا في هذا المكان عندما قام بزيارة الاماكن المقدسة قادما من ميرة ليكيا في اسيا الصغرى, مكرمين اياه بالقلب والفكر والروح, كما يقول مرنم الكنيسة: “لنبوقن ببوق الاناشيد ولنطفرن طفور التعييد. ولنرقصن ابتهاجا بموسم الاب المتوشح بالله السنوي”.

لقد عاش المثلث الطوبيم ابونا البار نيقولاوس, زمن حكم اباطرة الرومان ذوكليتيانوس بشكل فظيع ومريع, لكن القديس نيقولاوس المليء بالغيرة الالهية والذي كان قلبه كنزا للايمان المسيحي القويم, كرز بعظمة الايمان القويم بصوت جهير وبحرية وشغف منقطع النظير, الا ان قوات ظلمة عبده الاصنام قبضت عليه واودعته السجن وهو مثخن بالجراح, بعدما اوسعوه ضربا مبرحا, ليتم قول الرسول فيه: “ماذا يفصلني عن المسيح: ضيق شدة سيف, الم, اضطهاد, اني اعتبر كل شيء نفاية حتى اربح المسيح”.
ولكن عند صعود الامبراطور قسطنطين المعظم, الذي استلم سدة المملكة الرومية بدعوة من الله ووحد الامبراطورية تحت سلطانه, امر باطلاق السجناء الذين سجنوه عنوة واغتصابا, ومن ضمنهم القديس نيقولاوس العظيم, الذي عاد مرفوع الراس الى مدينته, مدينة ميرة في مقاطعة ليكيا في اسيا الصغرى. حيث ابرشيته الكريمة.
وبعد فترة وجيزة, اشترك في المجمع المقدس المسكوني الاول, الذي ضم 318 اسقفا في مدينة نيقية سنة 325م, وذلك تحت اشراف الامبراطور الرومي قسطنطين العظيم, ليقف بحزم وثبات امام هرطقة اريوس ولعناته ضد المسيح معطيا الكنيسة نقاوة ودقة الايمان الارثوذكسي القويم الراي وحقيقته, هذا ما صنعه القديس نيقولاوس, الذي كان منذ البدء كاروزا لكلمة الله, اذ بشر بنعمة كبيرة بالانجيل وكنهه العميق, مقتديا بالاباء والرسل, وخاصة الرسول بولس الالهي القائل: “المسيح الذي ننادي به, منذرين كل انسان, ومعلمين كل انسان, بكل حكمة , لكي نحضر كل انسان كاملا في المسيح يسوع, الامر الذي لاجله اتعب ايضا مجاهدا بحسب عمله الذي يعمل في بقوة(كولوسي 1 : 28 – 29).

ان شخص القديس نيقولاوس اصبح اناء طاهرا لنعمة المسيح وطاقته القوية, كما يشهد مرنم الكنيسة: “لقد ظهرت يا نيقولاوس مناضلا عن كنيسة المسيح الكلي الحماسة, ينقض البدع الكفرية بدالة, ودستورا لجميع الناس في استقامة الراي, تتشفع في جميع تابعي تعاليمك الارثوذكسية وارشاداتك الالهية”.
ان كاهن كنيسة ميرة شع وميضة, بانه القانون الجامع للعقيدة المستقيمة الراي من ناحية, (وملقن الاسرار العلوية ومشاركا فيها بالنعمة الاهية) من ناحية اخرى, ليتقدس بنعمة الروح القدس التي سكنت فيه, ليعلن جهارا اعترافه باليمان الحقيقي القويم, ليصبح مشتركا بالنعمة بسر التدبير الالهي في المسيح, اي بسر تدبير تانس كلمة الله مخلصنا يسوع المسيح من الدماء النقية لوالدة الاله الدائمة البتولية مريم, حيث ولد في مغارة بيت لحم القريبة من هذا المكان المقدس, في هذه المدينة العريقة بيت جالا.
ان قديسنا الاب نيقولاوس يعتبر معلما وراعيا عظيما في المسكونة كلها كونه خادم امين تملكه النعمة الالهية واسقف امين للميسح, في الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية.
ان عظمة ايمان ابينا البار نيقولاوس تتالق باعماله السنية ذات الشان الرفيع التي توشحها المحبة راس كل الفضائل, فان محبته للاخوة وللبشرية جمعاء كثيرة وجليلة, وذلك من خلال اعمال الرحمة والصدقة والعطاء, ومن عظمة ايمانه القويم للكنيسة, ذاك الايمان الضحيح والخلاصي, كما يصرح المرنم: “لقد باشرت اشعة الروح القدس واضحا, فاصبحت نيرا تنير اقطار العالم, وتحضر عند جميع الذين يلتجئون اليك عن ايمان وتنجيهم كلهم”.
ان تذكار ابينا البار نيقولاوس, الذي يتم الان, في زمن الصيام المبارك, يحضنا على الاستعداد لاستقبال عيد الميلاد, وهذا ليس بوليد الصدفة, فانه (دستور للايمان,وتمثالا للتواضع, ومعلما للامساك), بهذا اظهر اقتدائه بربنا يسوع المسيح, “انه من اجلكم افتقر (اي يسوع المسيح) وهو غني, لكي تستغنوا انتم بفقره” (2 كورنثوس 8 : 9), وايضا “لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد, صائرا في شبه الناس, واذ وجد في الهيئة كانسان, وضع نفسه, واطاع حتى الموت, موت الصليب” (فيلبي 2 : 8).
بكلام اخر ايها الاخوة الاحباء
ان القديس نيقولاوس كونه راع للايتام والارامل والفقراء, يحثنا لكي نقتدي به, كما اقتدى بالمسيح, داعيا ايانا لان ننقي نفوسنا من كل ادران الخطيئة لكي نصبح مستحقين لان نستقبل داخل مغارة قلوبنا, شمس العدل الذي لا يغرب, نور المعرفة, ابن البتول مريم مخلصنا يسوع المسيح.
نطلب من رجل الله, الراعي العظيم, الذي نكرمه اليوم, قائلين له: “يا كلي القداسة نيقولاوس, انقذنا من الشدة الحاضرة, وهب لنا وللشعب السلام والحرية, وخلص الرعية الحاملة لاسم المسيح, بتضرعاتك المستجابة لدى الله.”
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية