1

كلمة صاحب الغبطة في مدينة الكرك الاردنية امام صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني

المجد لله في العلى تبارك اسمه كل حين, ولكم كل السلام
صاحب الجلاله الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه,
اصحاب المعالي والسماحة والنيافة والعطوفة والسعادة
الحفل الكريم

يسعدني ان اكون اليوم في الحضرة الهاشمية لعميدنا ومليكنا المفدى, حاملا لكم يا صاحب الجلالة ومعكم هذا الجمع الكريم, حب القدس وبيت لحم والاهل, وسلام ورثة الايمان وكهنة ورهبان القيامة والمهد وما حولهما, وكل البقاع المقدسة, واعتزاز ابناء كنيستنا المنتسبين الى البطريركية الارثوذكسية في القدس “ام الكنائس” وحب كل ابنائكم واخوتكم, المسلمين والمسيحيين, سننة المقدسات, الذين يباركون هذا اللقاء المزين بالحضور المهيب لصاحب الوصاية على المقدسات في الياء عروس المدائن وقدس الاقداس

من هنا, من سفوح مؤاب نقرا في سفر القداسة حدث ميلاد المخلص والفادي سيدنا يسوع المسيح الذي شهدته مغارة التواضع والسلام في بيت لحم, ومنها كانت الانطلاقة الجديدة للبشرية جمعاء, فتاسست مفاهيم غيرت مجرى الكون, فنخشع امام السر العجيب ونحمد الله مسبحين مجده في العلى فقد راينا اعجوبة العلي القدير بمولد سيدنا المسيح من الممتلئة نعمة عذراء الناصرة المصطفاة للخطة الالهية.
ونحمده على الرعاة الساهرين على رعيتهم شرق بيت لحم الذين حملوا رتبة ولا ميزهم وضع اجتماعي لكنهم نالوا حظوة عند الله عندما اختارهم ليكونوا اول من يسمع البشرى بميلاد امير الطهر والمحبة, رئيس السلام والمصالحة بين السماء والارض… هذه البشرى التي سمعت اصداءها بقاعنا الاردنية هنا قبل الفي عام وظلت وما زالت الاقرب الى الميلاد وارض الميلاد.
وكم تشبه ظروف مولد سيدنا المسيح بما نعيشه هذه الايام من ماس بسبب انعدام السلام وتفشي ظواهر الكراهية والعنف, وانعدام الاستقرار في جزء كبير من هذا العالم, وكم يبعث لنا ميلاد المسيح من الامل بان المستقبل المشرق في طريقة الينا, لانه من ظلام الليل انبعث نور المسيح ليضيء العالم, ومن رسالته نستطيع ان نستنبط نوره ليضيء لنا طريق المحبة والسلام والاستقرار, لان كلمة الله المتجسد والذي يدعى “شمس العدل” والبر, قد وهب للشعوب نور الحرية وتقرير المصير الالهيين.
ان العالم يتغيير من حولنا, وتنشا عن هذه التغيرات حقائق اجتماعية واقتصادية جديدة, ومعظم هذه التغيرات لم تتخذ شكلها النهائي بعد ولعل الوقت فقط هو محدد اتجاها, بعضها مبشر بالخير والاخر مقلق, بعضها مشرق والاخر مظلم, لكن جلها يحتاج الى تنوير حرص بناة هذا البلد العظيم الهاشميون الاشراف, على تكريسه منذ عقود, ونحن في الاراضي المقدسة, من واجبنا الانساني كاصحاب رسالة الهية وارث قديم من الوئام بين المسيحيين والمسلمين, ان نقدم العون, ونقوم بدورنا في التاثير الايجابي على شكل المستقبل الذي يتطور اعيننا من خلال تحقيق السلام والعدل والحفاظ على التنوع داخل المجتمع الواحد, لان هنالك ارتباطا وثيقا بين المستقبل الذي نبنيه لشعبنا هنا في الاراضي المقدسة ومستقبل العالم حولنا.
صاحب الجلالة
وتعلمنا منكم عندما راينا حكمتكم بها تقودون البلاد بطول اناة وحنكة وشهود لها, ابان ربيع تلبدت مساؤه بغيوم التكسر والسقوط.
اما نحن في بطريركية يعقوب اخي الرب ام الكنائس فسنبقى يا صاحب الجلالة, الامناء وبحزم على تعاليم المعلم الالهي نحافظ على كل مقدساتنا الغالية, بدءا من رسالتنا وعبادتنا وترهبنا ونذورنا الى كنائسنا وحجارتها واوقافنا ومزاراتنا وهيبة ومؤسستنا, غير متهاونين مع المتطاولين عليها او المخالفين لقوانينها اخذين العزم من رسوخ ايماننا ومن عزيمتكم, وسنظل خلفكم قائدا للوطن وصاحبا شرعيا للوصاية على المقدسات, مقدرين وشاكرين دعمكم لشؤون “ام الكنائس” والحفاظ على ارثها الذي سجله في الوئام سلفنا القديس صفرونيوس مع الخليفة العربي عمر الفاروق, مباركين جهودكم الموصولة في حماية القدس واقصاها وقيامتها وصمود اهلها.
صاحب الجلالة
في عيد ميلاد سيدنا وفيدينا يسوع المسيح نستمطر على جلالتكم وعلى كل احبتنا في اردن الخير والتعايش والوئام النعم السماوية ضارعين اليه تعالى ان يبارككم ويسدد خطاكم ويعضدكم ويبارك العائلة الهاشمية المالكة وشعبكم النبيل وان تكون سنة خير ونماء وتقدم وصلاح.
المجد لله في العلى ولكم ولارض هذا الاردن كل الخير والسلام.

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية