كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس سمعان الشيخ القابل الاله

لقد غطّت فضيلتك السماوات ايها المسيح. فانك برزت من تابوت قدسك الأم المنزهة عن الفساد. فشوهدت في هيكل مجدك طفلاً محمولاً في الأحضان وامتلأ الكل من تسبحتك.
اخوتنا هذا ما يرنم به مرنم الكنيسة القديس قزماس أسقف مايوما.
أخوتنا المحبوبين بالرب يسوع المسيح,
أيها المسيحيون الأتقياء والزوار الكرام,
قد جمعنا اليوم عيد القديس سمعان الشيخ القابل الاله في هذا المزار والمكان المقدس الذي هو بيته وقبره محتفلين ايضاً مع القديسة حنه النبية.
ان هذا العيد والاحتفال اليوم يعتبر مكمّلا لعيد الأمس ألا وهو عيد سيدتنا والدة الاله وأيضاً هو عيد سيدي, وهو عيد اللقاء, لقاء ربنا يسوع المسيح بسمعان الشيخ.
حقاً ان هيكل مجد الرب اي هيكل سليمان وكافة المسكونة, قد امتلأ حينئذ من مجد الرب وذلك عندما ولج ابن الله المتجسد ربنا يسوع المسيح اليه محمولاً كطفل على ذراعيّ القديس سمعان الشيخ.

ان هذا الحدث الذي صار في النهار الاربعيني لعيد ميلاد ربنا يسوع المسيح يشير الى حدثين هامين. الاول: هو التأريخ لتجسد الرب الالهي وتدبير كلمة الله من جهه, والثاني: محبة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح للجنس البشري التي لا يُسبر غورها, الذي يريد أن الكل يخلصون (١ تيمو ٤-٢).
هذا المخلص الرب يسوع المسيح قد اقتبله القديس سمعان على ذراعيه وبارك الله وقال: “الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لاني عينيّ قد ابصرتا خلاصك الذي اعددته أمام وجوه جميع الشعوب.” (لوقا 2: 28-31).
ان خلاص الله الذي هو المسيح قد عاينه أولاً الشيخ سمعان بعينيه الروحيتين وذلك لانه كان باراً وصدّيقاً. اذ كان نقي القلب وكما يقول الرب في الانجيل :” طوبى لأنقياء القلوب لانهم يعاينون الله. (متى8:5).
لهذا فقد لبث سمعان الشيخ النقي القلب على يقينه دون اي شك بأنه سيرى بعينيه الطبيعتين خلاص الله أي المسيح المتجسد, ولهذا تدعونا الكنيسة اليوم بفم المرنم قائلين:
هلموا وانظروا اليوم المسيح سيّد الكل محمولاُ على ذراعي سمعان في الهيكل.
نعم أيها الاخوة والاحباء, اليوم وغداً والى نهاية الدهور فان المسيح حمل الله الرافع خطيئة العالم يُحمل في احضان قديسيه وصدّيقيه ويُقدَّم للجميع جسدياً وروحياً في هيكل مجده اي الكنيسة, عند المناولة المقدسة اي الاشتراك في سر الشكر الالهي.
ان النور الحقيقي والعقلي الذي هو المسيح يصبح ظاهراً وجلياً لجميع الذين يريدون أن يشاهدوه, فعلينا أن نكون مطهرين ضمائرنا من أعمال الظلمة والخطيئة التي تجلب الموت للنفس, وكما يقول القديس بولس الرسول في رسالته الى العبرانيين: “لانه اذا كان دم ثيرانٍ وتيوسٍ ورماد عِجلةٍ يرش على المنجسين فيقدسهم لتطهير الجسد, فكم بالأحرى دم المسيح الذي بالروح ألازلي قرّب نفسه لله بلا عيبٍ يطهر ضمائركم من الأعمال الميتة لتعبدوا الله الحي؟”. (عبرانيين 9: 13-14).
ان المسيح أيها الأحبة هو الاله الحي, الاله من الاله كما نقِر ونتلو في دستور الايمان اله حق من اله حق.
ان هذه الحقيقة الأساسية لشخص مخلصنا الرب يسوع المسيح الالهي الانساني الذي كرز واعترف به الصدّيق سمعان مستنيراً من الروح القدس والذي تبشر به كنيستنا الاورثوذكسية قائلةً عبر مرنمها: لقد تجسدت كما ارتضيت ولم تنفصل بلاهوتك عن احضان الآب, وحملتك الدائمة البتولية على ذراعيها, ودفعتك الى يدي سمعان القابل الاله يا ضابط البرايا كلها بيده, فهتف مسروراً يقول: الآن تطلقني أنا عبدك بسلام فاني ابصرتك يا سيد.
فلنكرّم اليوم القديس سمعان الصدّيق المؤدِّب الروحي والساجد الحقيقي للاله الحي المسيح رئيس ايماننا.
نقول هذا لان كثيرين من أبناء هذا العصر يتنبأون كذباً ويعلمون كذباً. ” أما الاشرار والمغوون من الناس فيزدادون شراً مضلين وضالين”. (2 تيمو13:3). التي هي بالحقيقة أعمال ميتة (عبرانيين 14:9).
وبحسب أب الكنيسة القديس ثيوفيلاكتوس, الذي يقوم بالأعمال الميتة لا يعبد الاله الحقيقي الحي, بل يؤله الأعمال التي يختارها هو. وهذا ما يقوم به انسان هذا العصر والمجتمعات المتقدمة حضارياً وتكنولوجياً الذين يحاولون أن يفرضوا علينا ديناً صنعوه هم بأنفسهم ألا وهو المعصية والابتعاد عن الله الحي.
وختاماً اضرع للقديس سمعان قابل الاله أن يؤهلنا بشفعاته أن نعبر ميدان الصوم الكبير الى الفصح المقدس بصبرٍ وتوبةٍ مرنمين مع ناظم التسابيح وقائلين: للمسيح الهنا للذي سُرّ أن يُحتضن في أحضان سمعان الصدّيق: ” أبهج نفسي لكي ارى بوضوح النور العقلي اي المسيح حتى أكرز أنك الاله الحي والحقيقي”.

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية