1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس جوارجيوس اللابس الظفر في مدينة عكا

إنّ الذي أنقذ الفتية من الأتون لما صار إنسانا تألّم كمائت وبآلامه سربل المائت جمال عدم الفساد أعني به إله آبائنا المبارك والممجد وحده.هذا مايرنمه القديس يوحنا الدمشقي مرنم الكنيسة.
أيها الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح ،
أيها المسيحيون الأتقياء،
لقد تسربلَ بجمالِ عدم الفسادِ أي بالمسيح الناهض من بين الأموات القديس جوارجيوس العظيم في الشهداء وهو(أي القديس جوارجيوس)هو الذي جمعنا في هذا اليومِ البهيج الفصحي في فترةِ نصف الخمسين في بيت الصلاة هذا المقدس في هذه المدينة التاريخية العريقة التي شهدت لاسم المسيح على مرّ العصور مُتممينَ واجب الشكر والصلاة،لكي مع صاحب المزمور نهتفُ قائلين:”الرب قد ملك (بقيامته ) والبهاء قد لبس” .مزمور 92 :1
إن ربنا يسوع المسيح “الذي أنقذ الفتية الثلاثة من الأتون قديماً”قد صار إنساناً وتألم حقيقةً كمائتٍ لكي بآلام صليبه وقيامتهِ يُقيمَنا معهُ ويُمجِدُّنا فيه ويُحرِرَنا من فسادِ طبيعتنا البشرية الذي صارَ لنا بسبب الخطيئة ومن تسلط الموتِ وحُكمِه عليها.

وهذا يعني أن قيامة المسيح قد فَتحت وحددت لنا طريقَ وحقيقة وجود الإنسان كما يقول القديس باسيليوس الكبير:”قام في اليوم الثالث فطرّق لكل ذي جسدٍ طريق البعث من بين الأموات”، وعدا عن ذلك يقولُ المرنم :”يارب لما ذقتَ الموت بالجسد حسمت الموت المرّ بقيامتك ونصرت الإنسان عليه (أي على الموت) وأعدت الغلبة على اللعنة القديمة فيا أيها العاضد والناصر لحياتنا يارب المجد لك”.
صار القديس العظيم في الشهداء جوارجيوس مشتركاً مع آلام المسيح وقيامته هذا القديس الذي نكرّمِهُ اليوم، الذي حرّكته الغيرة الإلهية نحو الملكوت الأبدي أي سربال عدم الفساد.
وبكلام آخر إنّ شهادةَ الدم أو شهادةَ الضميرأو بأي طريقةٍ أخرى كانت لأصدقاءِ المسيح وأحِبَته والذي منهم القديس العظيم جوارجيوس اللابس الظفر هذه الشهادة التي تشكّل بوضوحٍ لا يقبلُ الجدل، شهادةً عبر الزمن لمسيرةِ الجنس البشري وتاريخه، إذ إن موت المسيح وقيامته تجيبُ على حقيقة وجود الإنسان و موته من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى تحدد ملء حياة الإنسان بالمسيح وذلك “لأنه مخلوقٌ على صورة الله ومثاله.( تكوين 1 :26)
وهنا علينا أن نُورِد قول أبي الكنيسة لنا القديس غريغوريوس بالاماس بخصوص هذا الموضوع “الغني (أي الإله الكلمة) يصيرُ فقيرًا، فقد أخذ على نفسهِ فقرَ جسدي، لكي آخذ أنا غنى ألوهيتهُ.
ذاك الذي هو ملء يخلي نفسهُ، لأنّه أخلى نفسهُ من مجدهِ لفترةٍ قصيرة، ليكون لي نصيبٌ في ملئِهِ. أي صلاح هذا؟! وأي سرٍّ يحيط بي؟! إشتركتُ في الصورة؛ ولم أصُنها، فاشتركِ هو في جسدي لكي يخلّصَ الصورة ولكى يجعل الجسد عديم الموت.
لقد استنار القديس العظيم جوارجيوس من الروح القدس روح المسيح، ودخل ووقف أمام الإمبراطور الروماني عابد الأوثان دِكلتيانوس مُخاطِباٍ إياهُ بشجاعةٍ وذلك حسب رواية وشهادة خادمه سقراط :”فلتخزوا إذاً يا من ترذلون بسوء عقلكم ابن الله خالق الجميع وسيّدهم. وتؤلهون الشياطين النجسة واوثانها الصمّاء العادمة النَّفَس وتكرمونها. أو اقتنعوا مني واتركوا الظلمة وتعالوا إلى النور الإلهي، وابتعدوا عن الضلالة وإتوا إلى الحقيقة التي هي معرفة ربنا يسوع المسيح الإله الحقيقي، الذي بوساتطه تتأهلون للحياة المغبوطة والمجد الذي لا ينتهي، لأن مجدكم هذا منتن وباطل وذابل كمثل العشب. لا أحتمل السكوت عند التجديف على ألهي يسوع المسيح ….. بالنسبة لي إنّ أول وأكرم اسم هو الاسم “مسيحي” أو “عبد المسيح”، الذي من أجله نعيش هذه الحياة بكل صدقٍ وبلا جرمٍ، وبعد أن ننتقل من هنا إلى الدهر الآتي نحصد ثمر النهاية المغبوطة غير الفاسدة.

إنّ شهادةَ القديس جوارجيوس واعترافه تُظهرُ بوضوحٍ بأنّ صديق المسيح المؤمن والشهيد قد أصبحَ مشتركاً في الشهادة مع المسيحِ و ماثَلهُ في آلامه وموتهِ من أجلِ حياة العالم لكي تعاينَ نفسهُ المسيح مُخلصنا .
وعليه يتضِحُ لنا أنّ على المسيحي أن يكونَ شاهداً للنورِ الحقيقيّ الذي يُبَدِدُ الظلام ويمحقُه كما يقولُ القديس يوحنا الإنجيلي: فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ.(يوحنا 1: 4 – 5)
و بشكلٍ توضيحي أكثر فإنّ نور المسيح هو ذلك الذي ينشر نُورَهُ و بَهاءهُ عند القابعين في الظلمة والضلال بسبب الخطيئة،لكي ينيرُهم،ولكن هؤلاء الناس لم يَفهموا و يُدرِكوا أنّ نور المسيح يريدُ أن ينيرهم محاولينَ أَن يُحبِطوا نور المسيح ويَفنوهُ وأن ينتصروا عليهِ ولكنهم لم يستطيعوا.و هذا على وجه التحديد ما يحصل في واقعنا المسيحي الحالي .
أيها الأخوة الاحباء،
إنّ هذا اليوم الذي نُقيمُ فيهِ ذكرى القديس العظيم في الشهداء جوارجيوس تفرحُ وتبهجُ كنيسة صهيون الُمقدسة وتًطرَبُ والدة الاله النقية فرحاُ لأنّ مجد الرب، أي نور محبة الكنيسة الأرثوذكسية الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية قد أشرقَ في هذا القداس الإلهي والاجتماع الشكري بالمساهمةِ في القرابين الإلهية الطاهرة أي في جسدِ ودمِ ربنا يسوع المسيح الناهض من بين الاموات الذي هو نور العالم” وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ(الله الآب)، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ (ابن الله )يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ.(1 يوحنا 1: 7 )
نتضرعُ الى القديس العظيم في الشهداءِ جوارجيوس اللابس الظفر شهيد محبةِ المسيح و نَهتِفُ مع المرتل قائلين: أيها الكلي الغبطة لقد لمعت بنور الثالوث كلِّه واضحاً، كشهيدٍ لا يُغلب ومدافع عن حسن العبادة، وظافر مكلّل من الله، خلص يا ساكن السماء مكرميك، وامنح السلام للعالم ولمنطقتنا بشفاعاتك وشفاعات المستشهد ههنا عام 1752 بتقطيع السكاكين الشهيد الجديد المسمى باسمك جيورجيوس الذي من عكا.
إنّ شهداء محبة المسيح ومنهم من نكرِّمهم اليوم القديس جوارجيوس اللابس الظفر والقديس الجديد في الشهداء جوارجيوس العكّاوي قد عاشا فرحَ قيامة المسيح وحريتها أي الفصح وبحسب القديس مكسيموس المعترف “إن الفصح الحقيقي هو عبور ذهن الإنسان نحو الإله الكلمة أي المسيح”.
المسيح قام

مكتب السكرتاريةالعام – بطريركية الروم الأرثوذكسية