1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث زيارة كنيسة القديس باتريكيوس في الجديّدة 6/6/2015

“مبارك انت ايها المسيح الهنا يا من اظهرت الصيادين غزيري الحكمة, اذ سكبت عليهم الروح القدس وبهم المسكونة اقتنصت, فيا محب البشر المجد لك”
ايها الاخوة الاحباء, ايها المؤمنون الحسنو العبادة,

ان الروح القدس هو روح المسيح الضابط الكل, روح الله الكلمة, الذي يفيض علينا وبغزارة مواهبة السماوية, لانه معنا الى الابد: “لانه حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي فهناك اكون في وسطهم” (متى 18:20).
هذه الوعود الخلاصية تحققت بالكنيسة التي هي باب الخلاص, فنحن في حمى اله بذل نفسه من اجل خلاصنا, وصعد الى السماء ليعد لنا مكانا, وارسل روحه القدوس ليكون معنا عاضدا ومرشدا ومدبرا, فهو يرعى الكنيسة ويقودها الى ينابيع الخلاص. ساكنا في قولبنا هياكل الروح القدس التي قتناها بدمه الكريم الثمين.

انها اشراقات بشائر الفرح والسرور, لان المسيح هو الطريق والحق والحياة, وقد فرض رسله الاطهار بعد ان نفخ فيهم الروح القدس ليكرزوا بسر تدبيره الخلاصي, وان يكونوا له شهودا في اورشليم اليهودية والى اقاصي الارض, ومن خلالهم الكنيسة, التي تتمتع وبامتياز خاص لهذه الموهبة السماوية, فالبطريركية الرومية الارثوذكسية, التي تحتل الدور الريادي في هذا المضمار, حافظت وتحافظ على الشركة الايمانية القويمة مع سائر الاخوة الارثوذكس في ارجاء العالم, مؤكدا على دورها المميز في تثبيت حقائق الايمان التي انطلقت بها المسيحية منذ كرازتها الاولى.
ان الشركة التي تربط البطريركية الاورشليمية وسائر ابناء الرعية, تتمحور حول مفاعيل الروح القدس في الكنيسة, فالبطريركية تسعى بجد ونشاط للحفاظ على وديعة الايمان, والسير قدما بابناء الرعية نحو الاتحاد بالمسيح, من خلال تتميم الاسرار الالهية, والسير بطرق الفضائل الروحية.
لذلك يحضنا الرسول بولص بان نسلك بالروح وليس بالجسد, لان اعمال الجسد ظاهرة التي هي : زنى, عهارة, نجاسة, دعارة, عبادة اوثان, سحر, عداوة, خصام, غيرة, سخط, تحزب, شقاق, بدعة, حسد, قتل, سكر, بطر… ان الذين يفعلون هذه لا يرثون ملكوت السماوات.
واما ثمر الروح فهو: محبة, فرح, سلام, طول اناة, لطف, صلاح, ايمان, وداعة, تعفف… (غلاطية 5 : 19 – 24). لان الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات.
بهذا المواهب تالق الشهيد في الكهنة بتريكيوس اسقف بروصة, صاحب هذه الكنيسة المقدسة الذي رفض السجود للاله اسكولاب ولم يخضع للحاكم الروماني يوليس قنصل اسيا, بل حافظ على ايمانه الراسخ بالمسيح الاله, اذ قطع راسه بحد السيف, وطارت نفسه البريئة الى الاحضان العلوية.
فبشفاعة القديس بتريكيوس نطلب من الثالوث القدوس ان يعضد ابناء هذه الكنيسة الغالية التي نعتبرها قدوة ومثالا يحتذى بها, طالبين ان يتحقق السلام في ربوعنا الغالية وفي منطقة الشرق الاوسط الذي يئن تحت الويلات والحروب, وسائر ارجاء المسكونة. فالمسيحية هي شمعة مضيئة للنور الالهي في هذا العالم, انها الخميرة التي عليها ان تخمر العجين كله, ان رسالتنا هي ان يظهر المسيح فينا من خلال اعمالنا والشركة البنائة المليئة بالمحبة والاحترام لكل شخص بغض النظر عن لونه ودينه وجنسه, فكل شخص فيه صورة الله, وهذه الصورة متساوية بين ابناء البشر, فالشركة صفة ضرورية ومحطة اساسية بيننا نحن البشر, فعلينا ان نسعى كلنا ابناء ادم وحواء لبناء اواصر المحبة المبينة على الاحترام والتفاهم والتعايش والتاخي.
نتقدم بخالص الشكر لرئيس كنيسة القديس باتريكيوس ابننا الاب الياس خوري, واعضاء مجلس الكنيسة, وسائر ابناء الرعية, مستلهمين قنداق العيد, الذي يوجه قلوبنا وافكارنا لتمجيد الروح القدس, روح المسيح, الذي ينير قلوبنا لنسير في وحدة واتحاد قائلين:
عندما انحدر العلي مبلبلا للالسن كان للامم مقسما, وحين وزع الالسن النارية دعا الكل الى اتحاد واحد, ولذلك نمجد بصوت متفق الروح الكلي قدسه.
كل عام وانتم بخير

مكتب السكرتاريةالعام – بطريركية الروم الأرثوذكسية