1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس النبي أليشع في مدينة أريحا

بسابق إعلان ٍ إلهي جذبك إليه إيليا العظيم، تلميذاً، أيها الحكيم أليشع فأوضحك نبياً لامعاً بالروح ،ونحن بتعيدنا لتذكارك المقدس نكرمك و إياه بتقوى أيها المجيد
هذا ما يتفوه به مرنم الكنيسة.
إخوتنا المحبوبون بالرب يسوع المسيح ،
أيها الزوار الأتقياء،
إن نعمة الروح القدس التي أوضحت “الأنبياءَ الذينَ تكلموا باسم الرب “( يع 5 : 10 ) وهي من قادت خطواتنا اليوم و جمعتنا في هذا المكان المقدس في منطقة نهر الأردن حتى نحيي بوقار ذكرى هذا القديس النبي أليشع، تلميذ القديس ايليا التسبيتي .
لقد مُسِح أليشع نبياً بأمرٍ الله و ذلك من قِبلِ القديس النبي إيليا خلفاً له ” امْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ نَبِيًّا عِوَضًا عَنْكَ ” (3ملوك 19 : 15 -16 )، فَذَهَبَ مِنْ هُنَاكَ وَوَجَدَ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ يَحْرُثُ، وَاثْنَا عَشَرَ فَدَّانَ بَقَرٍ قُدَّامَهُ، وَهُوَ مَعَ الثَّانِي عَشَرَ. فَمَرَّ إِيلِيَّا بِهِ وَطَرَحَ رِدَاءَهُ عَلَيْهِ. فَتَرَكَ الْبَقَرَ وَرَكَضَ وَرَاءَ إِيلِيَّا وَقَالَ: «دَعْنِي أُقَبِّلْ أَبِي وَأُمِّي وَأَسِيرَ وَرَاءَكَ”(3 ملوك19 :19 _ 20 )
لا يتميز القديس أليشع فقط لأجل دعوته و موهبته النبوية و التي تنبأ من خلالها عن مجيء السيد المسيح و لكن أيضاً لأجل نشاطه الرعوي و صنعه للمعجزات “فقد لمع بالروح القدس” وصنع عجائب عديدةٍ في حياتهِ و بعد رقادهِ فكما يقول المرنم:
لقد نلتَ النعمةَ من الروح القدس مضاعفةً. فظهرت نبياً وصانع عجائب في كل الأقطار .تُنقذ ممتدحيكَ من الخطوب و الأهوال . وتمنح نعمة عجائبك لقاصديها عن إيمانٍ. و للهاتفين نحوك :السلام عليك أيها النبي العجيب .
إن أنبياء العهد القديم هم أيضاً مبشرينَ و رسلاً لإعلان و ظهور الله في تاريخنا البشري .فمنهم من سبق و رأى و تنبأ عن “رسول الرأي العظيم” أي المسيح فبحسب القديس إشعياء النبي الذي يقول :
” لأنَّهُ قد وُلِدَ لنا صَبيٌّ وابناً أُعطينا. وهوَ الذي رِئاسَتُهُ على عاتِقِهِ وسَلامُهُ ليسَ لهُ حَــدٌّ.ويُدْعَى اسْمُهُ رَسولَ الرَّأْي العَظيم. مُشــيراً عَجيبــاً إِلهاً قويّاً مُسَلَّطاً رئيسَ السَّلام. آبَ الـدَّهـر الآتــي. (إش 9: 6 )

فكما كان تلاميذُ المسيح صيادين و تمت دعوتهم للبشارة و الخدمة الرسولية فصاروا معاينين و مشاركين لمجد الله أي أفعال الله غير المخلوقة ، كذلك أيضاً من نقيم تذكاره اليوم ، النبي أليشع العجائبي الذي كان راعياً و حراثاً و لنقاوة قلبه اصبح مشاركاً لخبرات الإعلان الإلهي .

وبكلامٍ آخر إن انبياء العهد القديم قد سبق و ابصروا مجدَ الله في شخص مخلصنا المسيح ، متجلياً على جبل طابور و لم يروه (المسيح) بالجسد و بحضوره الجسدي ولكن رأوه(المسيح) قبل حضوره بالجسد وقبل تأنس كلمة الله ، فيقول القديس يوحنا الدمشقي “أن الله الأحد المُنادى به في العهد القديم و الجديد ، والمُسبح و المُمجد في ثالوثه هو المقصود في قول الرب” لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ(متى 5 :17 )
أصبح من الواضح أن كل انبياء العهد القديم ونبينا أليشع قد حازوا على مشاركة الروح القدس أي الألوهة الواحدة للثالوث القدوس ،و نقول هذا حتى نوضح ان جميع انبياء الكتاب المقدس و جميع القديسيين و الرسل و الإنجيليين مع الشهداء من الكهنة و المعترفين و الأبرار يشكلون جميعاً بُقعة الصديقيين لكنيستنا المقدسة و التي هي جسد مخلصنا المسيح .

فلهذا السبب تُكَرم كنيستنا المقدسة وتحي بوقارٍ ذكرى القديس النبي أليشع مرتلة مع المرنم “قد اشرقت في نفسك شمس البِر، فتطهرت من دنس الخطيئة ،فجعلك الله نبياً جالباً الفرح في أقوالك فنهتف نحوك قائلين:افرح يا من تبعت الله الذي دعاك،افرح الان لأنك اخذت منه المواهب ،افرح لأنك حزت على رداء إيليا ،افرح لانك شققت المياه بسهولة ،افرح لانك عَلِمت سر معرفة الله،افرح لانه برغم رقادك إلا انك مازلتَ حياَ.

بقوةٍ و حماسةٍ يَذكر في كتاب حكمة سيراخ ممتدحاً عن توبيخ القديس أليشع للظالمين وزعماء عصره “وَتَوَارَى إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ؛ فَامْتَلأَ أَلِيشَاعُ مِنْ رُوحِهِ، وَفِي أَيَّامِهِ لَمْ يَتَزَعْزَعْ مَخَافَةً مِنْ ذِي سُلْطَانٍ، وَلَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ أَحَدٌ. لَمْ يَغْلِبْهُ كَلاَمٌ، وَفِي رُقَادِ الْمَوْتِ جَسَدُهُ تَنَبَّأَ.صَنَعَ فِي حَيَاتِهِ الآيَاتِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ الأَعْمَالَ الْعَجِيبَةَ.(حكمة سيراخ 48 :12 -14 )
أيها الأخوة الأحباء ، حقاً عجيبٌ هو الله في قديسيه كما يرتل النبي داوود(مز67: 36 ) ختاماً نتضرع الى ربنا و مخلصنا يسوع المسيح و القديس النبي أليشع ومع المرنم نتهف قائلين:إن رقادك بهيج أيها المغبوط أليشع فأنت الآن مستريحٌ فنتضرع اليك أن تتشفع إلى الإله في خلاص نفوسنا.